22 نوفمبر، 2024 11:00 م
Search
Close this search box.

قادسية ترامب المرتقبة

قادسية ترامب المرتقبة

بعد وصول البوارج وحاملة الطائرات – أبراهام لنكولن – وقاذفات الصواريخ والقاذفة العملاقة B52إلى بحر العرب والخليج العربي السؤال اليوم هو: هل يكرِّر ترامب مع إيران اليوم تجربة أمريكا مع العراق في عهد جورج بوش الابن الرئيس الثالث والأربعين لأمريكا والذي حكم من عام 2000 حتى عام 2009 , حينما بدأت قوات التحالف الدولي بغزو العراق واحتلت بغداد وبقية المحافظات العراقية , وسقوط نظام صدام حسين في شهر نيسان /2003, بعد تخطيط لإسقاطه دام أربعة سنوات .
طبول الحرب
التحشد على إيران هو : تحشد أمريكي من طرف واحد فقط مدعوم من إسرائيل وبعض دول الخليج العربي .. لذلك برزت عدة أراء حول هذا التحشد العسكري منها :-
الرأي الأول يقول : تخويف إيران والإذعان لشروط ترامب الـ12 ومنها عقد اتفاق نووي جديد , وتخلي إيران عن حزب الله وحماس والحوثيين , والانسحاب من سوريا .. الرأي الثاني يقول : أن الحرب قادمة بدفع من بنيامين نتنياهو وسلمان بن عبد العزيز وخليفة بن زايد هؤلاء يسعون إلى الحرب ويعتقدون أن الرئيس ترامب غبي , ويجب استغلاله لهذا الغرض.
إيران لن تقبل بالشروط الأمريكية وتصبح مهانة وذليلة , لذلك بادر الإيرانيون سريعاً إلى التأكيد: «لا تنفع معنا الضغوط. نحن لسنا كوريا الشمالية» , وفي أيّ حال، يقدِّم الأوروبيون والروس والأتراك إلى إيران منافذ كثيرة لمواجهة الضغط الأميركي.
لقد أصبح الاتفاق النووي وسيلة من وسائل الضغط لإخضاع إيران ,وكان هدف أميركا منه هو فتح باب اختراق الشعوب الإيرانية , من أجل تسهيل قيام ثورات داخلية داخل المجتمع الإيراني المتكون من قوميات متعددة , بعد إخافة عرب الخليج الأثرياء لحلب ثرواتهم.

الاستنزاف المبرمج
لقد نجح الرئيس الأمريكي ترامب في استنزاف دول الخليج العربي وخاصة السعودية عبر العقود التي وقعها معها البالغة 460 مليار دولار ، وكانت احد محركاتها هو تعهد ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران الذي طالما سعت السعودية والإمارات إلى إجهاضه , لكن جهودهما فشلت أمام إصرار إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق – باراك اوباما – على إبرامه , و فيما يتعلق بالهدف الثاني وهو تعزيز امن إسرائيل، فقد نجح ترامب في تحقيقه جزئياً عبر إقامة تحالف غير معلن بين معظم دول الخليج وإسرائيل تحت شعار مواجهة النفوذ الإيراني في المنطقة , فكان الانسحاب خطوة في هذا الاتجاه , وأما الشروط الأمريكية للتفاوض مع إيران فإنها تتمحور حول تعزيز امن إسرائيل على المدى البعيد.
الضغوط الأمريكية على إيران والتي وصلت إلى حد إعلان الحرب الاقتصادية والإعلامية والعسكرية , تعيد إلى الأذهان حالة سابقة قامت بها أمريكا ضد اليابان قبل اندلاع الحرب بينهما , ولكن الغالبية لا تعلم عنها شيء , سوى إن اليابان هاجمت القوات الأمريكية في نهاية عام 1941 , بغارة جوية مباغتة نفذتها البحرية الإمبراطورية اليابانية في 7ديسمبر من السنة نفسها على الأسطول الأمريكي القابع في المحيط الهادئ في قاعدته البحرية بميناء ( بيرل هاربر( بجزر هاواي، من أجل أبعاده , فغير هذا الحدث مجرى التاريخ , وأرغم الولايات المتحدة الأمريكية على دخول الحرب العالمية الثانية, التي بدأت عام 1939وانتهت عام 1945 بهزيمة ألمانيا وحلفائها.
أم المعارك الثانية
وقد صعَّد الرئيس الإيراني حسن روحاني لهجته حيال التهديد الأميركي بتصفير صادرات النفط الإيرانية، وقال مخاطباً الرئيس الأميركي دونالد ترامب: «الحرب مع إيران ستكون أم المعارك». كما حذَّره من «اللعب بالنار» قبل أن يلوّح باستهداف مضايق هرمز».تهديدات روحاني جاءت في خطاب أمام حشد من الدبلوماسيين الإيرانيين، في مقر وزارة الخارجية الإيرانية , وفي إشارة إلى مضيق هرمز الذي سبق أن هدد بإغلاقه في حال منع تصدير النفط الإيراني، قال حسن روحاني : «السيد ترامب، نحن نضمن أمن الممر الإقليمي على مدى التاريخ، لا تلعب بالنار، ستندم».
واتهم الإدارة الأميركية بالسعي إلى إسقاط النظام وتقسيم إيران عبر فرض العقوبات وممارسة الضغوط الاقتصادية ,من ناحية ثانية، نقلت وكالة «رويترز» عن مسئولين أميركيين أن إدارة ترامب تشنّ من خلال الخطب والرسائل الموجهة عبر الإنترنت حملة ضد قادة إيران هدفها إثارة الفوضى والأضطرابات في المجتمع الإيراني .
وقد دعا الرئيس الإيراني حسن روحاني، إلى الوحدة بين الفصائل السياسية لتجاوز الظروف الصعبة التي تمر بها إيران، واصفاً الضغط الأميركي بــ”حرب غير مسبوقة”، مشيراً إلى أن الأوضاع التي تمر بها طهران “ربما تكون أصعب من أوضاع البلاد خلال الحرب مع العراق في الثمانينات من القرن العشرين , ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية عن روحاني قوله : “اليوم، لا يمكن قول ما إذا كانت الظروف أفضل أم أسوأ من فترة الحرب (1980 -1988 )، لكن خلال فترة الحرب لم تكن لدينا مشكلات مع بنوكنا أو مبيعات النفط أو الواردات والصادرات، وكانت هناك عقوبات فقط على مشتريات السلاح”.وأضاف : “ضغوط الأعداء حرب غير مسبوقة في تاريخ ثورتنا… لكني لا أيأس ولدي أمل كبير في المستقبل وأعتقد أننا يمكن أن نتجاوز تلك الظروف الصعبة شريطة أن نتحد”.
العراق أيضاً
لقد تحدث رئيس وزراء إسرائيل – نتنياهو – مطولاً حول أهمية العراق وانه لن يسمح لإيران بإنشاء قوى معادية لإسرائيل فيه , وأعلن أن العراق لن يكون بعيداً عن ضربات إسرائيل .. وتحدث – نتنياهو – عن نفط شرق الفرات وأهميته لإسرائيل مذكراً بأن الفرات هو حدود دولة إسرائيل !! نعم أنهم يريدون من إيران أن تطبع علاقاتها مع إسرائيل الكبرى الذي يريد ترامب و نتنياهو وسلمان أن تصبح القوة الإقليمية المهيمنة على الشرق الأوسط ، والآن يمكننا أن نرى أن هذا التكتيك الأميركي وفكرة اتفاق جديد يتضمن مطالب إسرائيل لا يمكن أن توافق عليه إيران أو محور المقاومة فما الذي سيحصل ؟.
أسلوب التهديد العسكري استخدمه الأمريكيون مع العراق عام 1990 كذلك مع كوريا الشمالية لغرض تحييدها حتى لا تقف مع إيران ,التي تعلمت من التجربة العراقية والتجربة الكورية الحالية الكثير, وهي عدم الوثوق بالوعود الأمريكية التي تطالب بها أمريكا.
هناك 6000 جندي أمريكي في العراق باتوا تحت رحمة قوات الحشد الشعبي العراقي وحوالي 200 جندي شرق الفرات , أما إسرائيل فان صواريخ حزب الله والجهاد الإسلامي كفي بها, هذا الأمر جعل إسرائيل تعيد حساباتها من جديد , وفشلت في هذه الحسابات والدليل ما حصل في قطاع غزة , في الفترة الأخيرة من قصف عاصمة إسرائيل – تل أبيب- ولم يتم اعتراض الصواريخ التي انطلقت من القطاع.
حرب الصواريخ
قبل سنوات ليست بالبعيدة، كانت أي حروب يُستخدم بها العدد الأكثر والأكثر تقنية من الطائرات تكون هي التي تحدّد مسار هذه الحرب أو قوتها ومن المُنتصر , نظراً لتطور صناعة الطائرات في تلك الفترة وخصوصاً الطائرات المُقاتلة منها، ليتم استخدامها بكثافة، وتحمل تلكم الطائرات العشرات من الصواريخ لتصيب الهدف الذي انطلقت من أجله، لكن في هذه الفترة انتهت هذه المُعادلة وبدأت مُعادلة جديدة، وهي حرب الصواريخ البالستية .
الضربة القاصمــــــة
السؤال الذي يطرحه العديد من المهتمين وهو لماذا لم توجه الولايات المتحدة الأمريكية ضربة عسكرية إلى الجمهورية الإسلامية الإيرانية لحسم تهديدات وصراع دام لأربعين سنة، وتقلص بذلك من قدراتها بدل تضييع الوقت في التفاوض؟.
الحقيقة أن أصحاب هذا الطرح يعتمدون في الأساس على القدرات العسكرية المتفوقة للولايات المتحدة الأمريكية من حيت العدة والعدد التي تمكنها من تدمير ومحو إيران وحتى العالم إن شاءت، إلا أن هذه النظرية تبقى مجرد واقع على الأوراق والخرائط، بحيث لا نجدها تتوفر على تأييد أي رجل سياسي أو مسئول كبير يفكر في ترجمة هده القدرة على أرض الواقع والسماح بحدوث ذلك، وتدمير المنطقة برمتها رغم مخزون الأسلحة الهائل التي تمتلكها، حيث سنكون في هده الحالة أمام مشهد يتكلم عن الحرب التقليدية المفتوحة، وهو ضرب من الخيال، لأنه في واقع الأمر نجد كل الرؤساء السابقين وحتى الرئيس الحالي والفاعلين السياسيين والعسكريين المؤثرين في قرارات من هذا الحجم، يستبعدون اتخاذ مثل هدا الحل المتهور.
وبالإضافة إلى ذلك نجد أن موقف الرأي العام الأمريكي الذي يعارض بشدة فكرة تكرار التجارب السابقة في المواجهات العسكرية المباشرة، وحسب استطلاعات للرأي أجريت، فإنها توصلت إلى أن نسبة 53 في المائة من الأمريكيين تعارض فكرة الدخول في حرب مباشرة ضد إيران، ضمنها 23 في المائة تعارض بشدة كبيرة جدا، ومن أصل 37 في المائة المتبقية ممن يدعمون فكرة الحرب ضد إيران، فإن فقط نسبة 9 في المائة هي التي تؤيد بشدة هذه المواجهة العسكرية. وعليه يكون الرأي العام الغالب في الولايات المتحدة الأمريكية هو رفض أي مواجهة عسكرية مباشرة ضد إيران.
ويضاف إلى ما سبق ذكره، معارضة الصين والهند وروسيا والاتحاد الأوروبي، أي أن الولايات المتحدة الأمريكية سوف تضطر في آخر المطاف إن هي قررت الدخول في المواجهة المباشرة، سوف تجد نفسها وحيدة في الحرب، إلا من بعض دول قليلة استثناء مثل السعودية والإمارات والبحرين وإسرائيل، والأخيرة أيضا وحسب دراسات واستطلاعات للرأي أجريت، خلصت إلى رفض الإسرائيليين الدخول في حرب مباشرة ضد إيران.
ومن بين الأسباب الأخرى التي تعرقل المواجهة ضد إيران، هو أن الطرف الثالث المتكون من السعودية والإمارات وبالرغم من حماسهما وإمكانياتهما، إلا أنهما تنتقصهما الخبرة والتجربة الميدانية، فكيف يمكن لهما مواجهة إيران؟ والخلاصة، يمكن القول إنه ورغم التفوق العسكري وألتدميري للولايات المتحدة الأمريكية، إلا أن التاريخ علم العسكريين الأمريكيين، بأن آخر حرب مفتوحة حسمت على الساحة باستعمال القوة العسكرية تعود إلى فترة الحرب العالمية الثانية، وثمة استثناء آخر، تم بعد تعبئة العالم وبقرار وإجماع أممي، الموافقة إلى استعمال القوة في حرب مباشرة من أجل إخراج العراق من الكويت، ودون ذلك لم يستطع الجيش الأمريكي حسم أي معركة عسكرية كان دخلها.
مصير العراق
العراق اليوم مصيره يحدده نتائج الصراع الأمريكي – الإيراني الحالي وفق خيارات مدروسة ومعدة مسبقاً :-
1-الخيار الأول : نجاح أمريكا بتغير الحكم من خلال مساندة الجيش الإيراني وقيامه بعملية انقلابية خاطفة , وهو أفضل خيار للمنطقة والعالم
إما إذا فشل فيكون خيار الحرب , وهو فاجعة للمنطقة رغم تفوق أمريكا لكن أمريكا لن تحتل إيران برياً , بل فقط إسقاط الحكم من خلال القصف العنيف واستهداف مقرات القيادات السياسية والعسكرية للجيش والحرس الثوري وفيلق القدس, ونهاية الحكم في إيران يعني ضربة قاضية للحكم في العراق الذي تهيمن عليه أحزاب مرتبطة مباشرة بإيران فتتهاوى مجرد ينتهي الحكم في إيران.
2-الخيار الثاني : استجابة إيران للشروط الأمريكية , وهو خيار صعب جداً , ومنها سحب نفوذها من العراق , وكشف ملف التنظيمات التي تديرها سيتسبب في سحب البساط منها , وإبعادها عن السيطرة وحكم العراق من خلال انقلاب يقوده الجيش العراقي بالتنسيق بين ضباط الداخل والخارج وبدعم أمريكي يمهد لتشكيل حكومة كفاءات وطنية , وهنالك نخبة سياسية في لندن تجري مفاوضات مع أمريكا وبريطانيا وأطراف أخرى عربية وغربية لقيادة العراق قريبا .. ومهام هذه الحكومة هي :-
1- قيادة العراق إلى بناء دولة مدنية عادلة مدنية النظم إنسانية التوجهات
2- التعهد بترسيخ ثقافة العدل والسلام والتعاون والتعايش السلمي والقيم الإنسانية التي تحقق الرفاهية للشعب العراقي والسلم الدائم لشعوب المنطقة.
3- لعبة المصالح والمصالح الوطنية المشتركة للعراق هي الخيار الأمثل لسياساتها أي مع كل ما يحقق المصالح الوطنية للشعب العراقي.
4- قيادة الازدهار من خلال تشريع نظام استثماري يسهل عمل الشركات العالمية والمستثمرين في قيادة النهضة الاقتصادية وتحقيق تعاون مع المؤسسات الاقتصادية الدولية مثل البنك الدولي ومنظمات الأمم المتحدة واعتماد الاقتصاد الحر والسماح للاستثمار في جميع القطاعات الاقتصادية لتحقيق الازدهار والرخاء لعموم الشعب العراقي المغلوب على أمره.
5- بعد ثلاثة أشهر من تسلم الحكم يتم تشكيل وفد تفاوضي برعاية الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي مع الحكومة الإسرائيلية والتمهيد للقاءات بين القيادات العليا لتنتهي بلقاء رئيس الوزراء من البلدين لتوقيع اتفاقية السلام والتعاون والاستثمار وإعلان الاحتفال بالعالم وبالبلدين احتفاءً بالعهد الجديد لقيادة الشرق الأوسط والعالم إلى عهد السلام والتعاون والازدهار العالمي.

أحدث المقالات