23 ديسمبر، 2024 5:25 ص

قادة التحالف الوطني يجيدون فن التعامل السياسي..

قادة التحالف الوطني يجيدون فن التعامل السياسي..

وقادة المكون العربي السني بحاجة الى استخدام البراغماتية وفن المناورة
يشير مراقبون يتابعون مواقف قادة التحالف الوطني أزاء إسلوب التعامل مع الآخر ان بعض قادتهم أصبحت لديهم قدرة على التعامل السياسي مع الاخر ، وأصبح الكثير منهم يجيد فن ( المناورة السياسية ) أو ما يسمى بلغة السياسة ( البراغماتية ) بحيث يبحثون عن ( مخرجات ) للحل تكاد تكون أقرب منها الى الواقع، بخلاف قادة مؤثرين في المكون السني العربي، يأخذون الامور المهمة دوما على محمل الجد، ولا يجيدون ( فن المناورة ) في العمل السياسي، وهم أقرب الى قادة الايدلوجيات وما يسمى باصحاب العقائد والمباديء منها الى ( البراغماتية ) أو استخدام ( فن المرونة السياسية ) أو ( فن الممكن ) .
ويشير هؤلاء المراقبون الى ان السيد عمار الحكيم رئيس المجلس الاعلى الاسلامي يعد القطب الاكثر اجادة لفن المناورة وبداء حالات المرونة، وايجاد  المخارج والسبل ( البراغماتية ) للتعامل مع الآخر، حتى ان قادة اخرين من التحالف الوطني مثل السيد مقتدى الصدر وجد في اساليب تعامل السيد عمار الحكيم مع الاخر وفي اسلوب تبرير المواقف وتوظيفها لصالح التحالف الوطني انما يقدم خدمة لمكونات التحالف الوطني بما يعود على مكونهم  الشيعي بفائدة كبيرة أكسبته ، أي عمار الحكيم ( مهارة سياسية ) قلما يجيدها قادة محسوبون على التيار الديني الشيعي، لكنهم عرفوا كيف يوظفون السياسة لخدمة اهداف تحالفهم الذي يعدونه كبيرا قياسا الى حجم تحالفات اخرى، ليس بمقدورها مجاراة مواقف التحالف الوطني، او مواجهة مايودون الوصول اليه من اهداف ستراتيجية وتعبوية، ما اكسبتهم هذه المهارة ( فن المناورة ) ان حصلوا على ( مكاسب سياسية ) كبيرة تعود بفائدة كبيرة على مصالح مكونهم.
لقد حطم السيد عمار الحكيم مبدأ كان سائدا لوقت طويل في السياسة عن قادة الشيعة وعدم اجادتهم لفن التعامل السياسي مع الاخر، بقي المكون الشيعي يعاني منها منذ عقود، لكن الحكيم حطم مقولة كان يوصف بها مكونهم ، وهذه المقولة مفادها ( السنة للحكم والشيعة للطم ) واستطاع الحكيم بحنكته السياسية توظيف فن اللطم لاغراض الاستمرار في الحكم لفترة اطول، من جهة واجادة فن المناورة مع الاخر بما يعكس ذكاء سياسيا ابعد الشيعة عن تهمة انهم مكرسون للطم ولن يصلحوا للحكم، حتى وان اظهرت الاحداث ان الشيعة لم يحصلوا على مكاسب مهمة من جراء سياسات قادتهم، لأن احوالهم مازالت متدنية في أغلب محافظاتهم، وقد عادت سياسات رجال دينهم عليهم بوبلات لايمكن انكار انها عرضت مكونهم لمظالم اكبر مما كانوا يعانون منها في السابق، لكن الحكيم مع كل هذا استطاع ( توظيف ) فن المناورة للتعامل مع الاخر بطريقة ( تجيد اللعب على الحبال ) كما يصطلح عليه في العمل السياسي او فن المراوغة، ما اكسبه مهارة سياسية ينظر اليها الكثيرون على انها نجاحات تحسب للتحالف الوطني استطاع من خلالها تحقيق مكاسب كبيرة في الازمات السياسية ومنها ازمة عدم قبول المكون الاخر لسياسات حكم رئاسات الوزراء المحسوبين على التحالف الوطني ومنهم فترتي نوري المالكي وفترة الدكتور حيدر العبادي الحالية التي اجاد الحكيم ادارة مبرراتها بمهارة فائقة على صعيد ايجاد مبررات مقنعة لسحب البساط من تحت اقدام الاخر وارغامه على الانصياع لخطط قادة التحالف الوطني وما يودون التوصل اليه من اهداف ورؤى وتوجهات تخدم مكونهم، واستخدم فن التوازن الى اقصاه لاظهار انه يمسك بالعصا من وسطها لكي يتمكن من المحافظة على حالة التوازن من ان تتعرض للانفلات.
ويؤكد محللون سياسيون يتابعون مواقف قادة المكون السني العربي انهم يفتقرون في اغلب الاحيان الى فن التعامل مع الاخر، ولا يجيدون فن المراوغة السياسية ، ولهذا فانهم يميلون دوما الى اصدار بيانات في كل مواقف تخدم مكونهم، لكن الملاحظ ان كثرة اصدار البيانات وعوامل التلويح بالتهديد انها تضعف موقفهم امام جمهورهم اكثر مما تقويهم، حتى ان جمهورهم نفسه راح يشكو من ان قادة مكونهم أصبحوا في وضع ( المحاصر ) دوما من قادة في التحالف الوطني يجيدون ( فن المراوغة ) في الاستجابة لمطالبهم، حتى وان اظهروا في العلن انهم يتفهمون مطالب قادة المكون السني، الا انهم في حقيقة دوافعهم لايعملون على تحقيق أي من تلك المطالب على أرض الواقع وايجاد ( المبررات ) واختلاق الذرائع امام الاخر لتمويه التوجهات السياسية والتغطية على حركتها بذرائع وتبريرات سياسية تتعامل مع ( فن الممكن ) بقدرة فائقة، في حين لايتفهم الكثير من قادة المكون السني ( مطامع ) قادة الشيعة وخططهم الساعية لفرض اجندتهم وقراراتهم على المكون الاخر بطريقة لاتشعر الاخر انه ( مهدد ) من قبلهم، وما يجري من فصول تعامل براغماتي مع مطالب المكون العربي السني حاليا كان واضحا للعيان على اكثر من صعيد.
وواحدة مما يمكن ان يسميه البعض ( مساويء ) محسوبة على قادة المكون السني انهم يستمرون الترديد بالمطالب ويصدرون البيانات تلو البيانات، وهي اقرب الى ان تكون ( حبرا على ورق ) من ان تجد التطبيق والقبول والتوافق معها من الآخر، الذي يجيد فن ( التسويف والمماطلة ) بتبريرات قد تبدو مقنعة في صورتها الظاهرية الا انها تخفي خلفها اهدافا كبيرة في ارغام المكون الاخر على الانصياع لخطط وتمنيات المكون الشيعي وفرض اجندتهم على الاخر.
ويؤكد مختصون بفن التعامل السياسي ان قادة مؤثرين في المكون السني يتعاملون باخلاقية مفرطة في الاغراق بالمثالية والخلق الرفيع ظنا منهم ان الطرف الاخر قد يستجيب لعوامل الضغط الاخلاقي والسلوك المعرفي القويم، والتعامل المكشوف بلا تلاعب بالالفاظ او تعديا على مصالح الاخر، وبهذا خسر اغلب قادة المكون السني باستخدامهم هذا الاسلوب خسروا احيانا ليس مصالح مكونهم بل سمعتهم كقادة سياسيين ، اذ استطاع قادة صغار بعمر السن مثل عمار الحكيم وحتى مقتدى الصدر من ان يجيدوا فن التعامل مع البراغماتية وفن المناورة ، وتبرير المواقف واقنعوا حتى الاخر انهم يتوافقون مع مطالبهم ورؤاهم لكنهم يتفنون في اختلاق الذرائع لتبرير المواقف وتسويفها بطريقة تلاعب بالالفاظ والعبارات والمواقف، ليس بمقدور قادة المكون السني مجاراة لغتها وتبريراتها ، لكي يعبروا هم من خلال طرق سياسية تجيد فن المناورة مع الاخر وبقيت اغلب خططهم تعاني من ارباكات اوصلت مكونهم الى الحالة المزرية التي يعاني منها الان، ولم تقدم لهذا المكون ( تحولات ايجابية ) ملموسة ان لم تكن أضرت بمكونهم ومستقبلهم السياسي الشخصي بشكل كبير.
ويستغرب محللون سياسيون يتابعون تطورات ادارة قادة المكون السني لفن الممكن في السياسة فوجدوا ان شخصيات مؤثرة وفعالة ومشهود لها بالثقة والقدرة القيادية وصفاء النيات وطبائع الخلق العربي الاصيل، هي سمات شخصية مقبولة لديهم من حيث تركيزهم على التعامل الاخلاقي المثالي ، الا ان هذا الواقع حرمهم من فرصة ان يجيدوا ( فن المناورة ) او استخدام ( المرونة ) و( البراغماتية ) لغايات محدودة حتى تحولت المرونة الى حالة ثابتة افقدتهم القوة السياسية القادرة على فرض حالة الامر الواقع على الاخر، والتعامل معه بنفس الاساليب التي يتعامل بها معهم عندما يستخدم الاخر اساليب ( التضليل ) و ( المراوغة السياسية ) لاغراض خدمة اهداف مكونهم ،وحصدوا من خلال اتباه هذه السياسة ( مكاسب ) جمة.
ويخلص هؤلاء المحللون الى القول الى ان امام قادة المكون السني العربي فرصة ان يعيدوا النظر بهذه السياسات التي كلفتهم الكثير، ويتوصلوا الى قناعة بأن الاخر يجيد فن المخادعة والمراوغة والتضليل بشكل كبير، وهو وان يبدي ( نوايا حسنة ) في الظاهر الا انه في داخله يخفي اهدافا لايمكن الا ان تلحق اضرارا فادحة بمستقبل المكون العربي السني وترغمه على السير في طريق المخاطر والعمل على ارهاقه بتوجهات وخطط وتحركات مريبة حطمت اعصاب المكون السني واوصلتهم الى قناعة بان قادة التحالف الوطني يراوغون ويتلاعبون بالالفاظ ويختلقون الذرائع والتبريرات، وهم يجدون في ضعف بعض شخصيات المكون العربي و( وضاعة ) البعض منهم وممن يجدون في شخصياتهم نقاط ضعف يستغلونها ، فرصة ان يتلاعبوا بمقدرات الاخر ويمعنوا في إذلاله، ويعرضوا مستقبله لمخاطر لاتحصى ولا تعد، واذا لم يتجاوز قادة المكون السني العربي حالة ضعفهم وعدم قدرتهم على اكتشاف الاعيب الاخر ومناوراتهم وبقي تعاملهم اخلاقيا وقيميا وبلا تدبير وتفهم لمؤامرات الاخر وما ينسجه من خطط خبيثة ضدهم فانهم لايعرضون مستقبلهم كرجال سياسة للخطر وانما يعرضون مصالح مكونهم ومستقبله لمخاطر لاتحمد عقباها، وعليهم التحرك قبل فوات الاوان مع من يستخدمون المراوغة معهم من قبل مكونهم هم، ومن لهم وجهان في السياسة، لايجاد حالة تعامل اخر معهم، لكي لايبقى داخلهم منخورا ، ويجدون في بعض النفعيين والوصوليين والضعفاء وعبدة السلطة والمال من شخصيات المكون السني ما يحقق لقادة المكون الاخر مبتغاهم في ان يلحقوا اضرارا فادحة بالمكون السني.
ولو تفحصنا تصريحات السيد عمار الحكيم خلال لقائه الصدر مؤخرا وتبرير عدم قدرة رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي على الاستجابة لمطالب المكون العربي انها كانت بسبب ضغط الواقع الامني والسياسي وتدني اسعار النفط وتردي احوال الموازنة لتبرير عدم قدرة حكومة العبادي على تلبية التزاماتها امام المكون الاخر بعد البيان الذي اصدره تحالف القوى العراقية قبل يومين ، ليؤكد ما ذهبنا اليه، من ان هذه السياسة تستخدم ( فن المناورة ) الى ابعد الحدود، وهي تجيد فن ( التحايل ) على الاخر واختلاق الذرائع، لكي يمكن تحقيق ما يخططون الوصول اليه من بقاء متماسك لداخلهم وفرض ما يودون الوصول اليه مع الاخر، دون ان يخسروا شيئا، بينما تتدهور احوال المكون السني وتتزايد معاناته والامه، ويتحول مستقبله الى كابوس مرعب، بعد ان قدمت داعش فترة ذهبية للمكون الشيعي لكي يلحق بالمكون السني أفدح الأضرار.
ومن الامور المهمة التي تخدم توجهات مكونات التحالف الوطني هو انها تستحوذ على ما يمكن ان نسميه بـ ( امبراطورية الاعلام العراقي ) من فضائيات وصحف ومراكز ابحاث ومنظمات اعلامية متعددة الاشكال وتكاد تكون نسبة هيمنتها بما يقارب الـ 85 % من مجموع وسائل الاعلام والقدرات الصحفية، اما المكون السني العربي فهو لايمتلك سوى 5 % من هذه الادوات في اكثر تقدير، ولهذا سيبقى موقفه ضعيفا وغير قادر على مواجهة اخطبوط اعلامي رهيب مسنود من جهات اقليمية ودولية وضعت له الاطر والتوجهات وحركت ماكنته الكبيرة بما يخدم توجهات كل طرف في التحالف الوطني ، اضافة الى خدمة المكون الشيعي بوجه عام، وهذا مكسب كبير لايمكن ان يضاهيه مكسب اخر في تحقيق الانتشار الاعلامي والسطوة الصحفية على مقدرات الاعلام قيادات واجهزة ومحررين وفنيين وخبرات وقنوات فضائية ملأت ساحة المكون الشيعي في حين تفتقر الساحة الفضائية السنية الى قنوات فضائية وصحف، وتكاد تكون ارضهم مقفرة جدباء مثل صحرائهم، في حين تزهر ارض الاخر وسماءه، وتعطي له الارجحية في فرض سياسات الامر الواقع، وهذا الاخفاق في الحضور الاعلامي السني يعد ( كارثة ) حقيقية لاتغتفر ينبغي ان تجد لها معالجات حقيقية تسد هذه الثغرة الكبيرة، كونها احد كوابح هذا المكون الذي تعرض لظلم كبير بسبب عدم اجادة قادة مكونهم لاهمية ودور الاعلام في تحقيق الاهداف المطلوبة.