23 ديسمبر، 2024 7:03 ص

( قائد ضرورة )..آخر

( قائد ضرورة )..آخر

احيانا وحين يعجز ” المتناقشون ” عن ايصال النقاش الى نقطة التقاء او تفاهم كامل ، يتحول النقاش الى مهاترات كلامية تقود اصحابها الى الوقوع في الخطأ وزلات اللسان ، وقد يتحول الامر الى مشاجرة او مقاطعة او يصمت طرفا النقاش ويبقى الموضوع معلقا ..
يحدث هذا لدينا كثيرا حاليا فاغلب الناس يؤمنون بقناعاتهم الشخصية فقط ويظنون ان مايقولونه هو الرأي الصائب ولايعلمون انهم بذلك يحجبون الحقيقة بغيوم التعنت والمكابرة والاصرار على الخطأ ..اقول هذا بعد ان شهدت نقاشا بين زميلين في احدى الدوائر تحول الى جدال ثم الى شجار لأن احدهم قال انه لن يعاود انتخاب المالكي مهما حصل لأنه منحه فرصتين – حسب قوله – ولم يحقق شيئا من وعوده لشعبه بل قادهم الى مصير اسوأ ، فانبرى الثاني يدافع عن المالكي قائلا ان الشعب متعجل ولحوح ولم يمنح رئيس وزرائه مساحة زمنية كافية ليختبر فيها اعماله ونواياه فالفترة التي قضاها في الحكم كانت مشحونة بالمتاعب ولم يكن قادرا على البناء وهو محاط بالمخربين من كل صنف ونوع اولهم الارهابيين ويعقبهم المنافسون الذين يريدون ان يعتلوا كرسي الحكم بدلا منه …
لم يطق الاول صبرا فاحتد في النقاش سائلا زميله عن مدى الفترة التي يريدها المالكي ليفصح عن نواياه الطيبة ويقدم اعماله المخلصة ..الاتكفيه دورتان ؟..هل تمكن من تقريب الآراء المتضادة في حكومته ليعمل الجميع معا من اجل خدمة البلد ام ضاعف من جرعات الطائفية ودكتاتورية الرأي والاستخفاف بالشعب ؟..هل اسكن المتجاوزين في مجمعات سكنية هو قادر على بناء مثلها بسهولة في مساحات العاصمة المتروكة العديدة ام تركهم عرضة للحر والبرد والمطر والاهمال .؟.هل حارب الارهاب باحدث وسائل التكنولوجيا من كاميرات مراقبة واستخبارات متخصصة ام اكتفى باستيراد (سونارات ) فاسدة ؟..هل حاول ان يمتص غضب المعارضين له بالحوار معهم وتنفيذ طلباتهم بدل ان يحولهم الى اعداء له بالبطش بهم وب( الديمقراطية ) في آن واحد ؟…
لم يطق الثاني صبرا ايضا فحول جداله مع زميله الى شجار بمحاولة انهائه بعبارة مستفزة :” مهما يكن ..ليس هناك من هو افضل منه ..سننتخبه ”
هنا استشاط الثاني غضبا وصرخ بزميله : ” سيتحول الى دكتاتور آخر ..وستبكون دما من اجل اسقاطه ذات يوم ..”
انتهى نقاش الزميلين بشجار ثم خصام وساد الصمت ليفجر في داخلي الف سؤال ..لماذا نواصل الايمان بالاشخاص دائما دون القيم والمباديء ؟…لم لانؤمن بان اغلب الذين يصلون الى السلطة ينسون القيم والمباديء ويعملون لأنفسهم فقط ؟ حتى من يبدا منهم مخلصا ربما يركب موجة الانانية ثم التعصب وبعدها الديكتاتورية ونبدأ من حيث انتهينا …
اليس من الافضل ان نؤمن بالوطن ..بحقوق الشعب ..بحريته وديمقراطيته ونبحث عمن يمثلها حقا واربع سنوات تكفي للكشف عن نوايا من نختاره ولاداع لنعطي المالكي ولاية ثالثة لنجعل منه قائدا ضرورة آخر ..
ماذا يحدث ايضا لو حاول طرفا النقاش ان يتركا مساحة من المرونة ليستقبلا من بعضهما البعض الاراء المضادة ثم تبدا مرحلة البحث عن الحقيقة بالسؤال والتقصي ، وبعد فترة ، وحين يلتقي الطرفان ويثار نقاش جديد يكون لكليهما خزين من المعلومات الدقيقة فيصبح النقاش علميا ويتحمل كل طرف منهما الاستماع الى عيوبه وتصحيح آرائه الخاطئة وصولا الى تفاهم يخدم المرحلة التي تحتاج منا الى التفاهم والتواؤم بعيدا عن التناحر والتصادم والعناد ..وليتحمل كل منا لسعة الحقيقة مهما كانت لاذعة فهي تشبه النحلة تمنحنا العسل مقابل ان نتحمل لسعات ابرتها ..