23 ديسمبر، 2024 2:10 ص

فُزتُ ورب الكعبة!

فُزتُ ورب الكعبة!

ماهو الفوز بمنظار الإمام علي عليه السلام؟
هل هو منظار دنيوي كالمنصب وكثرة الحمايات، أو المال والتجارة الرابحة، أو كثرة الأولاد والسكن في القصور؟
أم هو منظار أخروي عند أمير المؤمنين عليه السلام، تكلم به القرآن ونطقت الآيات فيه؟

إذا عرفنا الحديث الذي يرويه(الهيثمي في مجمع الزوائد بسنده عن أم سلمة قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :علي مع القرآن ، والقرآن مع علي قال : رواه الطبراني في الصغير والأوسط) علمنا أن الفوز عند الإمام عليه السلام، هو بمنظور قرآني.

القرآن الكريم، ذكر في كثير من الآيات المباركة، مفهومي “الفوز والخسارة”، لنأخذ محل الشاهد من كلامنا وهو مفهوم” الفوز”فما هو معناه ومن هم الفائزون؟
الفوز له عدة معاني ذكرت في القرآن، منها معنى”الشهادة، ودخول الجنة” كقوله تعالى: (أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ), وقوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ ۚ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ ۖ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ ۚ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ ۚ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ ۚ وَذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ).

أما الفائزون، ذكر القرآن صفاتهم في بعض الآيات، كقوله تعالى:(الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ اللَّهِ ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ)، وقوله عز وجل:(وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۚ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ).
ذكرنا لك معنى الفوز، ومن هو الفائز، وفق الرؤية القرآنية والآيات الصريحة، وأعطيناك بعض الأمثلة من المقدمات، وسنعطيك بعض الأمثلة من النتائج، وما عليك سوى الدمج بين المقدمة والنتيجة لتخرج برؤية واضحة.

ورد في ينابيع المودة (وينابيع المودة ج1 ص281 و 284) وغاية المرام(ج4 ص274) وشرح نهج البلاغة المعتزلي( ج13 ص261 و 285) وقال النبي(صلى الله تعالى عليه وآله وسلم) حينها: “قد برز الايمان كله الى الشرك كله…”، وذلك لما برز الإمام علي عليه السلام، إلى قتال عمرو بن ود العامري يوم معركة الخندق.

أثر واحد من آثار إيمان أمير المؤمنين عليه السلام، هو ضربته لعمرو بن ود العامري، التي تعدل عبادة الثقلين، فما بالك بإيمان علي كله؟!
عن ابن مسعود، وعن بهز بن حكيم، عن أبيه، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لمبارزة علي (أو قتل علي) لعمرو بن عبد ود (أو ضربة علي يوم الخندق) أفضل (أو خير) من عبادة الثقلين، أو أفضل من أعمال أمتي إلى يوم القيامة.(راجع النصوص التي تشير إلى ذلك في: كنز العمال ج12 ص219، وتاريخ بغداد ج13 ص19،ومقتل الحسين للخوارزمي ص45، والمستدرك للحاكم ج3 ص32 وتلخيصه للذهبي بهامشه، والمناقب للخوارزمي ص58).

جاء في عيون أخبار الرضا (ع) – الشيخ الصدوق – ج 2 – ص 265 – 267:
(تحدث الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله في خطبة له عن فضائل شهر رمضان فقام أمير المؤمنين عليه السلام سائلاً:
يا رسول الله ما أفضل الأعمال في هذا الشهر؟
فقال: يا أبا الحسن أفضل الأعمال في هذا الشهر الورع عن محارم الله عز وجل ثم بكى.
فقال أمير المؤمنين عليه السلام: يا رسول الله ما يبكيك؟
فقال: يا علي ابكى لما يستحل منك في هذا الشهر كأني بك وأنت تصلى لربك وقد انبعث أشقى الأولين والآخرين شقيق عاقر ناقة ثمود فضربك ضربه على قرنك فخضب منها لحيتك.
قال أمير المؤمنين عليه السلام: فقلت: يا رسول الله وذلك في سلامه من ديني؟
فقال صلى الله عليه وآله: في سلامه من دينك…).

عن جابر بن عبد الله الانصاري قال: تذاكر أصحابنا الجنة عند النبي (صلى الله عليه وآله) ، فقال النبي (صلى الله عليه وآله):
“إن أول أهل الجنة دخولاً علي بن أبي طالب ” قال: فقال أبو دجانة الانصاري: يارسول الله أليس أخبرتنا أن الجنة محرمة على الانبياء حتى تدخلها، وعلى الامم حتى تدخلها أمتك ؟ قال (صلى الله عليه وآله):
“بلى يا أبا دجانة أما علمت أن لله لواءاً من نور عموده من ياقوت، مكتوب على ذلك اللواء: لاإله إلا الله محمد رسول الله وآل محمد خير البرية ؟ وصاحب اللواء أمام القوم “قال: فسرَّ بذلك علي (عليه السلام) فقال:
“الحمد لله الذي أكرمنا وشرفنا بك “، {بحار الأنوار – العلامة المجلسي – (ج 8 / ص 5)}.

إذن: فاز أمير المؤمنين علي” صلوات الله عليه”, بالإيمان والهجرة والجهاد والشهادة وفق المنظور القرآني، فكانت نتيجة ثمار هذه الأعمال الصالحة، أنه أول من يدخل الجنة وبيده لواء الحمد!
اللهم أجعلنا من المتمسكين بولاية علي عليه السلام، وأرزقنا شفاعته، وألعن من ظلمه وقتله، اللهم آمين!