الأبداع عموما صراع دائم ومتواصل ومتصل في ثورته المستمرة في الحياة والعالم وفق قوانينها الحياتية …والابداع الشعري في خصوصيته الفنية والأدبية والموضوعية هو صراع ضد النمطية والتكرار والتراجع والخوف والنكوص والكسل والأتكال وضد استفحال الهوة وتفاوتها بين ماتحس به النفس البشرية الشاعرة ومايمكن ان يضهر منه النص المكتوب وعفوية النص وانسيابيته وكما يسميه النقد الحديث ضد انهيار العلاقة بين الدال والمدلول والمعنى والشكل ….وهو ايضا توفيق بين مايريد الشاعر ومايريده الشعر بين اللفظ والمعنى وبين الشكل والمضمون بين الأيقاع واللغة الشعورية بين ربط العلائق الحياتية والثقافية فهو بالنتيجة توظيف خاص لأساليب التعبير ولبنات الشعور والتفكير واطار للتفاعل الدائم بينها ليربط تأثيره بالعالم وانعكاسه فيه …..
وخلال هذه المقدمة العامة والمراقبة الخاصة والاطلاع المتواضع على خارطة الشعر العراقي الحر حصرا الذي بدأ بالسياب وحين يكرر اي باحث معه نازك الملائكة والبياتي وبلند الحيدري ولربما يضاف لهم اخرون سنحاول اختصار مسافة الشعر الكونية ونقيسها بالأحصاء الرقمي العلمي للزمن المتواصل وهو موضوعة رياضية تطبيقية سأحاول بها ان اصل الى معلومة ابداعية في التطور الكمي والنوعي للشعر العراقي ونترك اسباب كثرة الشعراء وكتاب القصيدة الجديدة او النص المفتوح او قصيدة النثر او النثر المركز وما الى ذلك من تسميات طارئة ……
نعلم كما قلنا سابقا ان الريادة تحقيق الأنعطافة التأريخية الواضحة والمؤثرة في مجال اي ابداع كوني ولها التأثير الواضح في الأجيال اللاحقة وهي قوة وانجاز وتخطي وهي قاعدة وتأثير في اللغة الجديدة وآفاق التطور الحاصل في الحياة والفكر و بناء الذات الجديدة وبناء العالم من خلال افق جديد للفكر والأبداع والتجاوز ….
وفي ضوء ماقلت وتطبيقا لمفهوم علمي رياضي بحت هو المتواليات العددية المتزايدة حيث تزداد تصاعديا وهذا ينطبق على تصاعدية العدد فعدد الشعراء الرواد يبدأ بأقل من اصابع اليد الواحدة ويمضي في تزايده الكبير الذي نراه اليوم رغم دخول الطارئين والمتشاعرين والمقلدين وعديمي المواهب وعبر هذا الغثاء وهذه الفوضى الشعرية لابد من وجود نقاط مضيئة وشعراء بأمكانهم تجسيد موهبتهم واضهار تميزهم وتأكيد مشروعهم الشعري والامثلة تطول بالأسماء والتجارب مثل الزهور التي تنبت بين اشواك كثيفة
وانا اتوجه الى الذين ينتقدون هذه الكثرة أو يخافونها أقول ان هناك حتمية تاريخية وموضوعية لذلك ولا يصح الا الصحيح .واشعر يأخذ ميزته واطاره في كل زمان ومكان……
ولنعد للموضوع الذي طرحته فنبدأ بجيل الخمسينيات وهو الجيل القريب جدا من الرواد وقد زاملوهم وعايشوهم وتداصلوا معهم كانوا اكثر بقليل من الرواد قد نقرأ لعشرة اسماء لهم كتاباتهم ومنجزاتهم سأضطر الى عدم ذكر الاسماء لأتحاشى نسيان البعض …..
جيل الستينيات ازداد عن هذاالعدد ولربما بلغ العشرين والمراجع لأدب هذه المرحلة وخصوصا ماوثقته مجلة الكلمة ومانشر في بعض الصحف والمجلات العراقية والعربية …..
وبعدهم جيل السبعينيات كان عددهم اكثر من اربعين اسما بين والكثيرون كانوا ينادون بانتمائهم لهذا الجيل المتعطش للحرية والانفتاح والتجربة والانفتاح نحوآفاق جديدة …..
وجيل الثمانينات الذي تجاوز عدده الثمانين ولربما اكثر….ولي يأستطاعتي بهذه العجالة ان اتحدث عن ميزات كل مرحلة واسمائها وانجازاتها في الأبداع فذلك موضوع آخر ….
وهناك جيل التسعينيات والالفية الثانية لم يستطع المتابع اللحاق بهذه الطيور وهي تحلق عاليا في سماء الشعر العراقي كالعصافير الملونة تلون عالمنا بالابداع وترسم لنا جمال الحياة ولكثرتها وكثرت الأسماء والتجارب واالمشاريع الشعرية الجديدة وغياب النقد فثمة نشر مستمر وسهل وثمة بساطة وتساهل والصحافة الاليكترونية كانت الواجهات السريعة للنشر واسباب العطش كثيرة …..لم يبق بيننا الا صوت السياب المتميز الفاتح لطريق الاجيال الجديدة وهويصيح عراق …ليس سوى العراق ويأتي صدى الاسماء وهي تعلن حقيقة التجديد والابداع وقراءة التجاوز الحقيقي في بلد الحضارات والتأريخ والشموخ بالجمال ….وبغداد والشعراء والصور ….
وتحية للشعر العراقي العظيم ….وتحية لجميع الشعراء بتنوع تجاربهم وافكارهم واشكالهم وطروحاتهم في يو م الشعر العالمي …..