9 أبريل، 2024 10:40 ص
Search
Close this search box.

في مرحلتنا الراهنة ما مدى تفاعل الحركات السياسيه والديمقراطيه في المجتمع .. هل حققت نجاحاً أم ماذا  ؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

الحداثه السياسيه دون حداثه أقتصاديه ، أي دون مسكن ومياه شرب وكهرباء ومواصلات وعمل شريف ، تبقى المشكله كما هيَ ، فمن الثابت أن نجاح السياسي يتطلب شروطاً أجتماعيه وأقتصاديه لا يمكن للسياسي بدونها أن يصبح فعالاً . .
محمد الرميحي / مجلة العربي / العدد 374
أن سر نجاح الديمقراطيه ، وسر عظمتها قدرتها الفائقه على أشعار الناس بأهميتهم وهتافها الدائم بأن الكلمه كلمتهم والأراده أرادتهم وأن الدفه كلها بين أيديهم . خالد محمد خالد .
السؤال الأهم الذي يحتاج الى أستيعاب كاف وأجابه موضوعيه يحتاجها ألئكَ الذين يشغلهم ذلك الهم اليومي بشأن قضية شعبهم ومستقبل بلادهم ، ذلك السؤال الذي يتحدد بمدى نجاح الممارسه الديمقراطيه المرتقبه وقبولها لدى أوسع القطاعات في مجتمعنا والموزعه في حواضر البلاد وأريافها تلك الي يطلقون عليها – مؤسسات المجتمع المدني – هذه التجربه الذي فرضت نفسها حضارياً حتى صار يُقاس من خلالها مدى التقدم الذي وصلت أليه الكثير من الأنظمه في عالمنا المعاصر . وأذا كانت هذه التجربه وهذا الشكل من الحراك الأجتماعي الذي لم يألفه شعبنا بشكله الحقيقي والمعبر عن أرادته آخذا ًفي التبلور ولو بدرجات تكاد تكون دون مستوى الطموح ، ألا أنها وبالمحصله النهائيه لا بدَ لها أن تفتح نافذةً على المستقبل وتؤشر بوضوح مدى الأستعداد الشعبي للمشاركه في بناء التجربه الجديده والسير بها ألى نهاية الشوط . 
على ضوء ما تقدم نستطيع القول أن قوى شعبنا تتطلع اليوم بقوه الى أخذ زمام المبادره لممارسة حقها كي تنهض من خلال بناء مؤسسات المجتمع المدني بما لديها من خبره بسيطه وطموح كبير رغم الكثير من العثرات والممارسات الخاطئه . وأذا كان لا بدَ من السير بهذا الأتجاه رغم ما يكتنفه من ضبابيه وقلة تجربه وأستئثار  بالمواقع من قبل البعض من المنتفعين خاصةً من بقايا أزلام النظام البائد ، وخلط الأوراق أحياناً لتشويه ما تم َأنجازه وبالتالي الأجهاز على ما تحقق . رغم كل هذا نجد أن أغلب الفصائل الحيه من أبناء شعبنا تجاهد ليل نهار وهي تعضُ بالنواجذ على ما تحقق رغم بساطته وما فيه من ثغرات ، وهذا أن دلَ على شئ فأنه يدل على أن شعبنا يتطلع ألى بناء مستقبله بجدارة ، مثلهُ مثلَ الشعوب الحيه التي ساهمت في بناء الحضاره الأنسانيه المعاصره . أننا من خلال التجارب الكثيره التي مرت على شعبنا عبرَ العهود السياسيه المختلفه ، وما تمخضَ عنها من نتائج مريره نستطيع أن نستنتج أن خوض هذا المعترك ليس سهلاً سيما وأن بلادنا تقع في قلب العالم ، فضلا ًعن مميزاتها الأستراتيجيه وعلى مختلف الصعد .
أن السير بهذا الأتجاه قد يفضي الى مسارات ربما تكون غير محسومه النتائج ، وهذا ما أقض مضاجع الكثير من القوى والأنظمه المحيطه ببلدنا فضلاً عن ضعف الدافع والرغبه الغير مصرح بها لدى القوى التي أجهزت على النظام السابق وأزاحته عن كاهل الشعب العراقي المظلوم للسير بالعمليه السياسيه الى آخر الشوط .
أن القوى التي غيبت أوسع القطاعات الشعبيه صاحبة المصلحه في بناء العراق الديمقراطي التعددي الفدرالي ، القوى التي أستأثرت بالأمتيازات وتعاونت مع الشيطان لئلا يكون هناك توزيع عادل للثروه هذه القوى نفسها ظلت تتبادل الأدوار منذ بداية تأسيس الدوله العراقيه وحتى أنهيارالدكتاتوريه وسقوط الصنم ، وها هيَ اليوم نراها تتأهب لأخذ زمام المبادره وهي تحاول أن تهيء المسرح من جديد لتبدأ فصلاً آخر مع أبناء شعبنا المغلوبين َعلى أمرهم . أن المراقب السياسي حين يستعرض مجريات الأحداث التي يراها أمام عينيه يتضح لديه أن القوى الطامعه والمعاديه للأكثريه الساحقه من أبناء شعبنا هي َنفسها التي أستأثرت بالقرار السياسي في فصول سابقه من تأريخنا القريب والبعيد ، وهيَ نفسها صاحبة تلك السيناريوهات التي أجهضت بواسطتها أغلب الفرص التي تهيأت للغالبيه العظمى من أبناء شعبنا صاحبة المصلحه بالتغيير . ففي مذكره رفعها الحزب الوطني الديمقراطي الى رئيس الوزراء آنذاك والمؤرخه في 9 حزيران 1953 – كما ورد في مذكرات كامل الجادرجي – يعتقد الحزب أن السبب الرئيسي لفساد الحكم في العراق وعدم أستقراره هو بُعد ذهنية الطبقه الحاكمه عن تفهم معنى الديمقراطيه ومقوماتها ومراميها وعدم الأيمان بها بل ومحاربتها بجميع الوسائل ، وهيَ في مهدها ، وأعتقاد هذه الطبقه بأن الحقوق السياسيه للمواطن يجب أن تمنح من قبلها بجرعات قليله بحيث لا تحد من سلطاتها ولا تنتقص من الأمتيازات التي حصلت عليها نتيجة تمركز السلطه بيديها ، ومنشأ ذلك هو عدم أيمان الطبقه الحاكمه منذ البدايه بالمباديء العامه لثورة العشرين وبما كانت ترمي أليه العديد من الفصائل الثائره المشاركه فيها من تأسيس دوله ذات اتجاهات ديمقراطيه برلمانيه وعدم أيمان هذه الطبقه كذلك حتى بأسس الدستور العراقي الذي سُن َفي ظل الأنتداب البريطاني للتوفيق من جهة بين رغبة الشعب العراقي في الحصول على نظام ديمقراطي وأظهار هذه الدوله الناشئه أمام عصبة الأمم بمظهر الدوله التي يسودها الحكم الوطني وبين رغبة الحكومه التي فرضت الأنتداب من جهة أخرى في أن تكون للسلطه التنفيذيه الأهليه ومن ورائها المصالح الأجنبيه اليد العليا في أدارة شؤون الدوله .
أن مثل هذه المواقف من التحدي ان دلت على شيء فأنما تدل أن شعبنا يمتلك من الأراده ما يؤهلهُ أن يقفَ بوجه العوائق مهما كان شكلها ، حيث أن صراعه يمتد أبعد من ذلك كما يتبين من النص الذي أوردهُ الكاتب والمناضل المعروف زكي خيري في دراسه كتبها عن ثورة العشرين يقول :- لقد شهد الحكم العثماني في العراق حركات متواصله ، عربيه وكرديه ضد الأضطهاد والأستغلال التركي وفي سبيل الظفر بالحقوق القوميه ، وكان مطلب الأستقلال الذاتي واللامركزيه أكبر المطالب أهميه في ذلك العهد وقد عبر شعب العراق عن مطامحه وأرادته ، سواء بالثوره – ثورة بغداد في 13 حزيران 1831 أو الأنتفاضات والعصيانات التي خاضتها كثير من المدن والأرياف وأغلبها فلاحيه بقيادة بعض الملاكين الأحرار أو الجمعيات والأنديه ، وكان بعض هذه المؤسسات عربي يتجاوز القطر العراقي والبعض الآخر عربي كردي من العراق ، وكان العاملون فيها على الأغلب من المثقفين والضباط والتجار –
في ذلك الفصل من تأريخ العراق سواء كان أبان السيطره العثمانيه أو في فترة النظام الملكي لا يمكن لأي دارس أن يتجاوز أشكال الصراع بين أوسع القطاعات الشعبيه وبين القوى التي أستعانت بالأجنبي لتتمكن من الهيمنه والتسلط . ففي هذه الفاصله من تأريخنا القريب يتضح لنا ولو بشكل موجز مدى الحيويه والأستعداد لدى الغالبيه من أبناء شعبنا تلك التي لم تكن لديها المؤهلات الكافيه ولا القدره على قلب المعادلات لصالحها نراها تقف لتؤكد حضورها ، حيث يسجل لها التأريخ أنصع الصفحات النضاليه تلك التي قد يجهلها البعض من أجيالنا الحاضره .
أما الفصل الدرامي الآخر ذلك الفصل الذي أعتقد أنه لم يدرس بعمق وبمستوى الحدث الذي شكل في حينه أنعطافه تأريخيه كبرى في تأريخ العراق المعاصر بعد أن تغير النظام من الملكيه ألى النظام الجمهوري ، تلك الفتره التي تصدت فيها الطلائع الواعيه من أبناء شعبنا لكل العوائق ، وأخذت على عاتقها بناء مؤسسات المجتمع المدني بشكل تعبوي لم يشهده العراق قط . ومع ما تخلل هذه الممارسه من أخطاء جسيمه وتطرف غير محسوب ، ألا أن أعداء البناء ، أعداء الشعب هم أنفسهم وأن تغيرت أساليب عملهم حتى تناخى لوأد هذه التجربه كل أعداء العراق في الداخل والخارج والأمثله كثيرة على ذلك .
لقد جاء بالمقال الأفتتاحي لمجلة الثقافه الجديده الصادره في شهر حزيران سنة 1960 ما يؤكد قولنا بكل وضوح . يقول المقال – في هذه المرحله كان الشعب يضطر الى أتخاذ مواقف الدفاع أزاء عنف هجوم الرده وعمق ودناءة الأساليب التي أُ ُستخدمت في هذه المعركه الضاريه التي كان هدفها المركزي نسف التضامن الجهادي بين السلطه الوطنيه وقوى الشعب الثوريه وأستعداء السلطه عليها من جهة أخرى – هذا الأحتدام بطبيعته يدلل بوضوح أن صراع شعبنا مع القوى الطامعه ليس جديداً بل أن الدارس لهذه الفترات التأريخيه يجد أن هذا الصراع يأخذ أشكالاً تختلف مراحله من مرحلة لأخرى ، بيد أن الذي لم يتغير هو أن العدو واحد والهدف واحد وأن تغيرت الأساليب وتنوعت أشكالها . وأستكمالاً لهذا الأستعراض من الهيمنه وسلب الحقوق المشروعه لشعبنا    
 الصابر لا يسعنا أن نتجاوز حجم الممارسات التي أعتمدها النظام الدكتاتوري طيلة بقائه في السلطه رغم أن الحديث عن هذه الفتره المظلمه يحتاج الى دراسات معمقه لآستخلاص أهم التجارب لكي تستفيد منها أجيالنا المقبله . يكفي أن نذكر ونحن نعالج أهمية الدور الذي ينبغي أن تنهض به مؤسسات المجتمع المدني في ظرفنا الحاضر . يكفي أن الدكتاتوريه ونظامها الشمولي أستطاعت بقرار واحد أن تحول العمال الى موظفين بين ليلة وضحاها . لا شك ان مثل هكذا قرارات تدلل بوضوح تام شكل الهيمنه وطبيعة الذهنيه التي تدير مقدرات شؤون الدوله والمجتمع .
أن هذا التـأريخ الطويل من الصراع الذي خاضته الفصائل الخيره من أبناء شعبنا عبر هذه المراحل السياسيه والمعارك الطبقيه أكسبها شيئاً من التجربه ساعدتها على وعي ذاتها ، وبالتالي على أدارة دفة الصراع مع عدوها الطبقي رغم عدم تكافؤ الفرص . أذ ظل هذا الصراع على أشده حتى خيمت الدكتاتوريه وساد الأرهاب ربوع بلادنا الحبيبه
يقول المفكر بالم دات – الفاشيه هي اجهاض للثوره الأجتماعيه ، أنها تأتي نتيجه لأزمه ثوريه تعجز فيها القوى الأساسيه عن الأستيلاء على السلطه وتعجز البرجوازيه عن الحفاظ على سلطتها – هذه حقيقه عاشها الشعب العراقي بأبعد مدياتها ، أنها تركت تأثيرها الكبير على مسار التحولات السياسيه اللاحقه وعملت على أجهاض كافة المحاولات والمشاريع التي أرادت مساعدة الشعب العراقي وأتاحة الفرصه أمامه لبناء بلده، وبالنتيجه خيمت الدكتاوريه أكثر من ثلاثة عقود حيث فعلت فعلها لولا ماحصل من تداخل في المصالح ومتغيرات سياسيه ودوليه ساعدت على أنهاء هذا الوضع الشاذ  .
أن هذا الأستعراض من الشواهد عبر مراحل تأريخيه متعدده يتيح لنا أن نتبين العديد من الأستنتاجات وأولها أن قدرة شعبنا الخلاقه تكمن في تعبئته في تنظيمات سياسيه جماهيريه ومؤسسات نقابيه وأتحادات ترعى مصالح أعضائها وتجعل منهم قوه تأخذ على عاتقها مسؤولية بناء المستقبل والسهر على مصالحه . وعندهذه النقطه لابد أن تبرز الكثير من الأسئله والعديد من الاستنتاجات التي ينبغي أشراك المواطن في مناقشتها وأيجاد ما يمكن أيجاده من الحلول لها . هل أن تجربتنا قليله في هذا المضمار ،أم أن لدى المواطن من الأحباط واليأس ما يمنعه من ذلك ؟ ما هو الدور الذي تنهض به الأحزاب والقوى السياسيه في الوقت الحاضر ؟ هل هنالك أكثريه صامته ، أم ماذا ؟ ما هو الأسلوب الأمثل لتفعيل دور الجماهير في مرحلتنا الراهنه ؟ هل أن فترة الدكتاتوريه والحزب الواحد أثرت على قناعات المواطن بعد تلك الفتره من الديماغوغيه ؟ ما هو مدى تفاعل المواطن مع منظمات المجتمع المدني والنشاط السياسي بشكل عام ؟
أن مثل هذا الحراك ينبغي أن تتكفل به القوى السياسيه على أختلاف أطيافها . ترى هل يجد المواطن ضالته لدى هذه القوى السياسيه على كثرتها ؟ أم أن هذه المؤسسات باتت عاجزه عن تقبل دور الجماهير كقوه ضاغطه للتحرك ألى أمام ؟ وأنتزاع الحقوق الواحد تلو الآخر ؟ كم كان صائباً ذلك المحلل السياسي الذي قال : أذا غُلبَ الشعب على أمره وسقط في الحلبه يكون ميزان القدر قد وجده أضعف من أن يستحقَ التمتع بنعمة البقاء في عالمنا الأرضي هذا ، فالعالم عالى سعته يضيق بالشعوب الضعيفه .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب