23 ديسمبر، 2024 12:21 ص

رغم المرح ، وحالة الفرح التي يبدو عليها الصحفي هادي جلو مرعي ، ورغم عدائي ، ومقتي الشديد له إلا إنني حين رأيته في عيادة طبيب نفسي في الحارثية ببغداد ، ترددت كثيرا في السلام عليه ، وتألمت لحاله ، وتأكدت من شيء كنت أؤمن به هو إن أغلب صانعي الفرح يكونون على أعلى درجات الحزن الداخلي ، هو لم يستغرب حين رآني في ذات العيادة ، وطلب مني الجلوس إلى جواره ، والحديث دون تردد ، لأن … الحال من بعضه … كما قال ، وكما يقال في العادة .

كان هادي يشكو من كآبة حادة ، لكنه لا يفكر في الإنتحار ، على العكس مني ، فأنا أقل أيمانا منه ، ولذلك افكر غالبا في إنهاء حياتي بطريقة ما ، ولا أعرف كيف يمكن أن ينتهي بي الحال ، وهو ما يؤرقني كثيرا فلا أنام حتى ساعة الفجر ، وربما كان نومي متقطعا ، وتنتابني الكوابيس ، وأشعر أن لا جدوى من حياتي ، سواء تلك التي قضيتها سالفا ، أو الحالية ، أو تلك التي سأعيشها ، أو قد لا أعيشها أبدا فكلها في نظري تفاهة وقد شبعت من الألم والصداع والحرمان والقلق فيها ، ولم أعد اطيقها ، ولا أريد مواصلتها إطلاقا ، فهي ليست للمعذبين أمثالنا ، والحالمين بالسعادة التي لا تتحقق أبدا إلا لقلة قليلة من البشر سيضطرون في النهاية لمغادرة الحياة .

ماهو الدواء الذي يمكن أن يشفي مريضا نفسيا مثلي غرق في الحزن والعذاب والحرمان والصدمات المتكررة التي تجتاحني أهوالها من حين لآخر وكأنها مكلفة بتدمير روحي من الداخل ، وتحطيم شعوري ، وتحويلي إلى مجرد ماكينة تتحرك كل يوم لتنتج شيئا ليس لي ، وأظل أحلم في النهار بشيء جديد ، بينما يكون نصيبي المزيد من الكوابيس ليلا ، تلك التي تأتيني بوجوه نساء قبيحات ، ومجموعات من الشياطين الأشد قبحا ؟ .

عيادتي الوحيدة ربما هي قبري لأنه سيسحبني الى الهاوية المظلمة حيث لا أجد الذين يسرقون حياتي ، والذين ينهشون لحمي ، ويدقون عظمي ، ويطحنون مشاعري بلا رحمة ، بلا تأن وكأني قتلت أولادهم ، وسبيت نساؤهم كما يفعل الخوارج والدواعش ، بينما هم في الحقيقة يركضون من أجل أحلامهم ، ولكن الفرق بيننا ، إنهم يركضون ويحاولون بلا شرف ولا أخلاق وإنسانية ، والتخلص منهم يكون برحيلي عنهم .