طرح رئيس الوزراء محمد شياع السوداني خلال افتتاحه مركز التحول الرقمي والأتمتة في وزارة التعليم العالي يوم أمس الأثنين فكرة انشاء هيئة او وزارة للتحول الرقمي والأمن السيبراني خلال مدة لا تتجاوز ثلاث سنوات وذلك انسجاما مع خطوات الحكومة لتضييق فجوة الفساد والروتين في مؤسسات الدولة، ولمواكبة التطور الرقمي السريع الذي تشهده دول العالم المختلفة.
السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح أي من الخيارين قابل للتنفيذ ولماذا ؟.
هيئة أم وزارة ؟
هل العراق بحاجة إلى هيئة أم وزارة ؟.
إذا كان الهدف هو تنسيق الجهود بين المؤسسات المختلفة ووضع السياسات، فقد تكون هيئة مستقلة كافية. أما إذا كان المطلوب تنفيذ مشاريع رقمية واسعة وإحداث تغيير جذري في الخدمات، فوجود وزارة متخصصة سيكون أكثر فعالية.
ما الخطوات التي يجب التركيز عليها لضمان نجاح الوزارة؟
1. وضع استراتيجية وطنية للتحول الرقمي: يجب أن يكون للوزارة خطة واضحة تحدد الأولويات، مثل رقمنة الخدمات الحكومية، تطوير البنية التحتية، وتعزيز الاقتصاد الرقمي.
2. توفير ميزانية كافية: النجاح يعتمد على الاستثمار في التقنيات الحديثة، البنية التحتية، وتدريب الكوادر البشرية.
3. تعزيز الأمن السيبراني: لا يمكن تحقيق تحول رقمي حقيقي دون منظومة قوية لحماية البيانات والمعلومات الوطنية.
4. التعاون مع القطاع الخاص: يجب إشراك الشركات المحلية والعالمية لتسريع عملية التحول الرقمي وجذب الاستثمارات.
5. بناء قدرات بشرية متخصصة: من خلال برامج تدريبية للموظفين الحكوميين، ودعم التعليم التقني في الجامعات، وتشجيع الشباب على دخول مجالات الذكاء الاصطناعي، الأمن السيبراني، وتحليل البيانات.
6. إطلاق خدمات حكومية رقمية سهلة وفعالة: يجب أن تبدأ الوزارة بمشاريع ملموسة وسريعة التنفيذ، مثل تطبيقات للخدمات الحكومية الإلكترونية، والدفع الرقمي، والتوقيع الإلكتروني.
أهم التحديات
ما هي أهم التحديات التي قد تواجه تأسيس وزارة للتحول الرقمي في العراق
1. البيروقراطية والمقاومة الداخلية للتغيير:
– المؤسسات التقليدية قد تعارض التحول الرقمي بسبب مخاوف من فقدان السيطرة أو الحاجة إلى تغييرات جذرية في طريقة العمل.
– ضعف التنسيق بين الوزارات قد يعرقل تنفيذ السياسات الرقمية بشكل متكامل.
2. ضعف البنية التحتية الرقمية:
– لا تزال شبكة الإنترنت والخدمات الرقمية في العراق بحاجة إلى تطوير، خاصة في المناطق الريفية والنائية.
نقص مراكز البيانات الوطنية والحوسبة السحابية يجعل العراق يعتمد على شركات خارجية لتخزين وإدارة البيانات.
3. غياب التشريعات والقوانين الداعمة:
– عدم وجود قوانين حديثة لتنظيم المعاملات الرقمية، حماية البيانات، والتوقيع الإلكتروني قد يؤخر التنفيذ.
– الحاجة إلى تشريعات خاصة بالخصوصية، والأمن السيبراني، والحوكمة الرقمية.
4. الأمن السيبراني والتهديدات الرقمية:
– العراق مستهدف بهجمات إلكترونية، مما يتطلب بنية قوية لحماية الأنظمة الحكومية من الاختراقات والتجسس الإلكتروني.
– نقص الكفاءات المتخصصة في الأمن السيبراني يزيد من خطورة التهديدات.
5. نقص الملاكات المتخصصة في التحول الرقمي:
– أغلب الكفاءات العراقية في مجالات التقنية والبرمجة هاجرت أو تعمل في القطاع الخاص، مما يترك فراغاً في المؤسسات الحكومية.
– الحاجة إلى برامج تدريب وتأهيل لموظفي الدولة لمواكبة التحول الرقمي.
6. الفساد المالي والإداري:
– الفساد المستشري في بعض المؤسسات قد يعيق تنفيذ المشاريع الرقمية بشفافية وكفاءة.
– أي تحول رقمي ناجح يتطلب تقليل التدخل البشري في المعاملات المالية والإدارية، مما قد يواجه مقاومة من بعض الجهات المستفيدة من النظام التقليدي.
7. ضعف الثقافة الرقمية لدى المواطنين:
– العديد من المواطنين لا يزالون يعتمدون على الطرق التقليدية في إنجاز المعاملات بسبب نقص الوعي بأهمية الخدمات الرقمية.
– الحاجة إلى حملات توعوية وتثقيفية لتشجيع التحول الرقمي.
8. التمويل والاستثمار:
– إطلاق مشاريع رقمية كبرى يتطلب ميزانيات ضخمة، وقد يكون من الصعب تأمين التمويل اللازم وسط الأولويات الاقتصادية الأخرى.
– الحاجة إلى جذب الاستثمارات الأجنبية والمحلية لدعم مشاريع التحول الرقمي.
تذليل التحديات
كيف يمكن مواجهة هذه التحديات؟.
إطلاق استراتيجية وطنية للتحول الرقمي مع خارطة طريق واضحة، وأهداف قابلة للتنفيذ.
سن التشريعات المناسبة لدعم الاقتصاد الرقمي، والتوقيع الإلكتروني، والأمن السيبراني.
تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص للاستفادة من الخبرات التقنية والاستثمارات.
إنشاء مراكز تدريب متخصصة لإعداد كوادر وطنية مؤهلة في التكنولوجيا الرقمية.
إطلاق مشاريع حكومية رقمية ناجحة وسهلة الاستخدام لكسب ثقة المواطنين.
ما الذي نجنيه من التحول الرقمي ؟
التحول الرقمي في العراق ليس مجرد خيار، بل ضرورة حتمية لمواكبة التطورات العالمية وتحقيق التنمية المستدامة. يمكن تلخيص أهمية الاهتمام به في النقاط التالية:
1. تحسين الخدمات الحكومية: يساهم في تبسيط الإجراءات، وتقليل الفساد، وزيادة الشفافية، مما يعزز ثقة المواطنين في الحكومة.
2. دعم الاقتصاد الرقمي: يفتح آفاقاً جديدة للاستثمار ويخلق فرص عمل في مجالات مثل البرمجة، والأمن السيبراني، والتجارة الإلكترونية.
3. تعزيز الأمن السيبراني: التحول الرقمي المدروس يقلل من مخاطر الهجمات الإلكترونية ويحمي البيانات الوطنية والمعلومات الحساسة.
4. تطوير التعليم والصحة: التعليم الإلكتروني والتطبيب عن بُعد يمكن أن يحسّنا من جودة الخدمات المقدمة، خاصة في المناطق النائية.
5. رفع كفاءة المؤسسات: يقلل من البيروقراطية ويساعد على اتخاذ قرارات مبنية على البيانات والتحليلات بدلاً من العشوائية.
6. تحقيق الحوكمة الإلكترونية: يساهم في تعزيز المساءلة والشفافية، مما يقلل من الهدر والفساد.
أمثلة دولية ناجحة
الإمارات: لديها وزارة للذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي، وحققت قفزات نوعية في الخدمات الحكومية الإلكترونية.
السعودية: أطلقت هيئة الحكومة الرقمية لتحقيق مستهدفات رؤية 2030 في التحول الرقمي.
إستونيا: نموذج عالمي للحكومة الرقمية، حيث يمكن للمواطنين القيام بجميع المعاملات إلكترونيًا.