17 نوفمبر، 2024 7:28 م
Search
Close this search box.

في رثاء العراق .. ؟!

في رثاء العراق .. ؟!

بعد 9 /نيسان / 2003 بات العراق وشعبه والوقائع اليومية المأساوية الجارية فيه في قلب العالم . فثمة مَنْ يسلط على ما يحدث فيه الضوء لأسباب عدة. منها ما هو ايجابي للفت النظر لغرض تحاشيها و مسبباتها ، دعماً لإقامة نظام سياسي ،اجتماعي ، إنساني عادل واعد، يتسم بشفافية الحياة المدنية وقيمها وينأى بالعراقيين ، بكل مكوناتهم القومية والعرقية،وتوجهاتهم الفكرية، عن حاضر ملتبس قاتمٍ دامٍ، وماضٍ قاسٍ ، عانوا خلاله العذابات والويلات طيلة عقود وعقود، ولم يتحصل لهم سوى اكراهات السلطات المتعاقبة وتعسفها وبطشها.لفت النظر هذا ليس لأجل العودة إلى الماضي أو اجتراره ، بل للوقوف عنده ، وتأمل أسبابه ودوافعه وبحثه ضمن ظروفه ، ودراستها لغرض وضع الضمانات القانونية ، دفعاً لتكرار ذلك الماضي وقهره ، الذي طحن وفتك بجميع العراقيين دون تمييز. عبر مؤسسات الدولة الوطنية العراقية الدستورية، التي لا يمكن تجاهلها بعد عقود من الكبت والحرمان والإقصاء والحرمان والتغيير الديموغرافي، أينما كان ، وصلاحياتها المحددة قانونياً ،والتي تضع كل العراقيين في خانة المواطنة التي يجب أن لا يتجاوز عليها مَنْ أي كان ومهما كان موقعه، إلا عبر القضاء، المستقل، و غير المنحاز لأي كان ،كي لا يتكرر ذلك الماضي التعيس، بأي صورة ما وتحت أي مسمى كان، وكذلك – وهو الأهم – لاستشراف المستقبل وصناعته والعيش فيه، لان إعادة صياغة مستقبل الأوطان المُدمرة والشعوب المُنهكة والمُنتهَكة ، ليس نزهة أو رغبات خاصة تدخل في طور التمنيات الفردية الطيبة والمخلصة. بل هي (معركة ) اجتماعية شاقة وشائكة ومعقدة جداً،وتجري على الأرض التي يعيش عليها الناس، ولعل الأجيال التي تخوضها ، قد لا ترى بعض بشائرها، ولن تحصد ثمارها، بل هي تحاول وبشتى السبل،أن تضع الأسس الصحيحة لها و ترسم افقها بمتانة، للأجيال التي سترثها. لغرض تمتين القيم الديمقراطية الناشئة في العراق ، دون تراث يعتد به، تعمل بعض المنظمات المدنية، والشخصيات الاجتماعية ذات التوجه الديمقراطي ، على وفق هامش الحياة المدينة المتاحة، وتهرؤ جدران العزلة السابقة، على معاينة المشهد العراقي الراهن مع مأساويته، بكل تجلياته الأمنية والسياسية والاجتماعية. و رصد و دراسة المشهد العراقي الصاخب والمرير جداً ، في ظل مظاهر تكريس وتفعيل الاستقطاب الديني – الطائفي والقومي والمناطقي والعشائري. تلك التي أفرزتها توجهات المجلس (الوطني السابق)، وهيمنتها، مما أدى لكتابة (دستور) أثار ويثير كثيراً من الجدل حوله ، و في الظروف والعجالة

التي كتب بها، على أمل أن يعاد النظر فيه خلال أربعة أشهر، من تاريخ انعقاد أول جلسة علنية لمجلس النواب ، إلا إن اللجنة التي بدأت عملها على وفق النص الدستوري المُعلن، لم تنجح طوال ثمان سنوات من عمر مجلس النواب السابق، والآخر المنتهية ولايته حالياً، أن تحسم تلك التعديلات، و لم ولن تعالج هذه المسألة وأمور أخرى,شائكة ومعقدة ،إذ لم يتم، ، تفعيل عمل لجان دستورية معنية في النظر بتلك التعديلات وغيرها ومتابعة ما فعلته خلال السنوات السابقة ، دون أن يلوح ذلك الأفق بالأمل ، ناهيك عن العمل؟!.المثير في الأمر أن( صقور) كتابة الدستور(الحالي) يطالبون بتعديله، لأنهم لم يتوقعوا أو يحسبوا أنهم سيغدون مصدر القرار في السلطة التنفيذية ، وسيقف (الدستور ذاته)، على نواقصه، عن تحقيق طموحاتهم في السيطرة والتحكم والنفوذ . السلطة التنفيذية ورأسها بالذات، عمد لتجاوز البرلمان والدستور ،و استولى على كل الهيئات المستقلة بشكل غير محدود، ومعهود في دولة( ديمقراطية) في الاسم (حتى). من المهم هو تعديل الدستور الحالي، بعدالة وشفافية وواقعية تأخذ في حساباتها طمأنة كل المكونات العراقية، مع الالتزام بها قانونياً، وهو سيكون المفتتح الأساس الذي سيبعد كل ما ينتج عن متاهات وإشكالات مستقبل عراق ما بعد 9 نيسان 2003، السابقة واللاحقة، وهيمنة القوى الطائفية التي استأثرت بالمنافع ، عبر تواطئات لا حد لها من قبل السلطة التنفيذية ومَنْ يهمن عليها فعلياً، وهي معروفة للقاصي والداني وباتت حديث الشارع العراقي العلني واتهاماته واستأثرت بها “الحكومات المحلية” والتي يتميز عملها، وبعض شخصياتها، بالكثير من الطعون ومنها الفساد وفرض الرؤى الواحدة والوحيدة المتخلفة والتي تعيش خارج العصر الراهن ، والتي لم تعد خافية على ابسط المراقبين . إن دراسة المشهد العراقي الراهن والقوى المتحكمة بالقرارات الرسمية فيه ، بحيادية وأمانة، تجعل تلك العملية شاقة إلى الحد الذي يضعها في دائرة الشكوك وسوء النوايا والتباسات المقاصد من قبل فئات وجماعات، منتفعة بالتحكم بالسلطة ومغرياتها ومنافعها ،وترى أن وضع الحقائق أمام الرأي العام يحط من توجهاتها ويقلل شرعيتها وسيعدم التفاف(سذج) الناس حولها، إضافة إلى استغلالها للتوجهات و التحشدات الدينية – الطائفية. والمشقة والصعوبة في رصد المشهد العراقي تأتي من توفر عوامل عدة مؤثرة فيه منها: طبيعة السلطة وتوجهاتها السياسية ، وتعدد مرجعياتها ومكوناتها السياسية ، ذات التوجهات المتنافرة والمتقاطعة حد الاستعداء ، حتى بين الحلفاء في الكتلة الواحدة، وكثرة وتنوع الجماعات المسلحة، في المحافظات العراقية و مناطق العاصمة. كل ذلك افرز ظواهر وحالات ملتبسة متداخلة ، بعضها لا تاريخ له في الواقع الاجتماعي العراقي وبعضها يُؤوّل لأسباب ودوافع سياسية واجتماعية معقدة . تستهدف العمليات، المسلحة الإجرامية (الداعشية) والإرهابية ومَنْ يساندها داخلياً وخارجياً

،كل العراقيين و دون تمييز، في أماكن سكنهم وعملهم وتجمعاتهم، وهي مناطق لا يمكن بسهولة في ضؤ ضعف القدرة الاستخبارية لدى الجهات المختصة العمل على توفر الأمن فيها ، والضحايا في الغالب من العمال و الفقراء والمعوزين، تاركين عوائل بلا معيل ، وأجيالاً من الأرامل والأيتام والمشردين ، الذين لا يجدون دعماً من أية جهة ما، مما يهدد بكوارث كامنة في رحم المجتمع العراقي ولا يمكن إدراك نتائجها. العراق، حالياً، مشرعاً لتدخلات وتأثيرات واسعة لدول الجوار العراقي- فعلية أو بالوكالة- والأرض العراقية الشاسعة عبارة عن أكداس منوعة لمختلف أنواع الأسلحة التي تُركت، في أماكن سرية ، منذ زمن النظام السابق، بعضها لم يمس، أو يستدل عليه بسهولة من قبل القوى العسكرية والأمنية والتي تخضع لتجاذبات ونوازع وتوجهات شتى، ولا يعلم بها غير أعوان النظام السابق وهي مليئة بأنواع الأسلحة الفتاكة الخطرة إضافة إلى ما يُهرب منها إلى العراق. إن توفر أنواع الأسلحة بسهولة ويسر للـ”الجماعات المسلحة والمليشيات”، بكل أنواعها وتوجهاتها، من الركائز الأساسية لاستمرار حالات العنف وتطوره،في العراق، و إلى مدى غير منظور، ما لم يتم تغيير الخارطة السياسية الحالية وبالذات مَـنْ أوصل العراق طوال ثمان سنوات إلى ما هو عليه راهناً،فـ”العراق أحوج من أي زمن مضى، إلى سراة حوارهم حوار العقول، لا التهييج والتهديد، ومن يتابع ممارسات الأعوام الماضية يرى أن ما حدث ليس بالأمر العجيب، فالنتائج تُعرف من المقدمات. كم نصيحة قدمها المخلصون، لكنهم صاروا خونة عملاء يريدون إسقاط العملية السياسية! مع أن الإرهاب ظل يدق”(…) ما يجري في العراق ليس فقدان سلطة طائفة لمصلحة أخرى، إنما أزمة حُكم وقلة دراية في الإدارة والسياسة، ونفوس موبوءة بروح الانتقام”-رشيد الخيون. إن عدم معالجة الوضع العراقي ، حالياً، بمسؤولية وطنية- تاريخية لابد منها سيؤدي إلى بلدٍ اسمه (العراق) حالياً وماضياً ، ولن يكون كما كان مستقبلاً، وستبقى الأجيال القادمة تنوح وتندب وتندم، ونحن معها، على(عراقٍ) تسرب منها ومنا إلى الأبد.

أحدث المقالات