17 نوفمبر، 2024 2:44 م
Search
Close this search box.

في ذكرى وفاته الملا مصطفى البارزاني.. رصاصة كوردية في قلوب الطغاة

في ذكرى وفاته الملا مصطفى البارزاني.. رصاصة كوردية في قلوب الطغاة

·وقف ندا في التفاوض عام 1958 للعودة من اذربيجان إلى العراق، نظير إستجابة جزئية للمطالب القومية؛ فأبى تجزئة القضية؛ كي لا تتشظى، مهما تلقى من عروض شخصية مغرية، مطلقا صيحته الأبدية: “لا مساومة على كوردستان”.
منير حداد
خمسة عشر يوما تفصل ولادة الملا مصطفى البارزاني في 15 آذار 1903 عن وفاته في 1 آذار 1979 تكاثفت فيها ستة وسبعون عاما، من القتال الدؤوب في سبيل توجيه مسارات الطلقة الكوردية بالحق نحو قلب الباطل تزهقه فترديه حسيرا مذموما.. يلعنه التاريخ ويخلد البارزاني الذي ما إنفك يحمل كرامة الفقراء وصية من شقيقه أحمد البارزاني.. شريك المهمة التاريخية التي حملها آل البارزاني ورثا بديلا عن الأموال والاملاك والعقارات والارصدة والترف والرفاه والجاه والنفوذ.. إلا بمحبة الناس وإيمانهم بالبارزاني قائدا من تحت ثرى قبره.

الملا مصطفى.. الزعيم الجنوبي لكوردستان الكبرى.. ميدانيا، وقائد النضال الكوردي الشجاع.. الشريف.. الذي لا تغريه مغانم ولا ترهبه مخاوف.. بالحق، وهو تاريخيا قائد لحاملي الرسالة النضالية.. من كورد و… “سوى الروم خلف ظهرك روم”.

ما زالت مدينة “بارزان” تستضيء بمولد الملا مصطفى، خالدا بمنجزاته البطولية، ونفحة النفور من العبودية.. أمراء بذرة الحرية التي غرسها في نسله والكورد والناس جميعا.. إنموذجا في الرجولة التي أتعبت الطغاة ولم تستكين إلا لحتمية الرب بالموت وفوهة بندقية بيضا شاجورها الحق بمواجهة الباطل.

خلد الملا مصطفى جنوب “كوردستان” كلمة ترجمها الى فعل نضالي مشهود، أعيى الماسحات ولم يمحي.. بل تتعمق حروفه على صفحة التاريخ.. مضيئة؛ كلما حاول الأعداء طمس معالم النضال الكوردي في سبيل الحرية.

قاتل البارزاني ينشد وضع علامات هادية الى حدود كوردستان الكبرى على وجه الكرة الارضية.

“لسنا على الأعقاب تدمى جروحنا.. ولكن على أقدامنا تقطر الدما” فالقضية الكوردية في تقدم مستمر، تفتح طريقها بدماء الرجال وإيمان النساء بأن لا أول للكوردي قبل كرامته ولا آخر له بعد كورديته، ناذرات فلذات أكبادهن لقمم الجبال وليس للسفوح “وَمَنْ يتهيب صُعُودَ الجِبَـالِ.. يَعِشْ أبَدَ الدَهرِ بَيْنَ الحُفرْ”.

الموعظة والعبرة والحكمة النابضة في السيرة النضالية للملا مصطفى البارزاني؛ تبقيه خالدا.. يحيى في ضمائر الشرفاء الشجعان، قصة شهادة أبلغ من الحياة، وإسطورة أبقى من الموت، تتدفق سطورها غزيرة في سفر التاريخ، تعطي الكوردي معناه الإنساني بثراء الإنتماء لقضية التحرير.

ذكرى وفاة القائد الكوردي الملا مصطفى البارزاني، مناسبة لإستحضار معاني الوعي بقيمة أن يتخطى القائد ذاته، في الإيمان بالله والولاء للوطن والتفاني في الإخلاص للشعب، مواظبا على سفح حياته قربانا لسعادة الأمة الكوردية، في كل مكان وزمان… وهو أثمن ما ورَّثه الملا لأبنائه وأحفاده والكورد جميعا.

تشرب روح معاني الثورة الكوردية، من أجل الحقوق القومية، نار تستعر، كلما حاولت قوة إطفاء جذوتها إشتعلت سعيرا أشد، يلهب المعتدي!

بدا للقوات البريطانية أنها أخمدت الثورة الكوردية، مستخدمة الأسلحة الكيميائية.. لأول مرة في التاريخ، ونافية الملا مصطفى وشقيقه أحمد البارزاني، عام 1935 إلى مدينة السليمانية، لكنهم فوجئوا به يبدأ المرحلة الثانية من الثورة الكوردية الكبرى.. الأزلية التي لا تنطفئ، من إيران في العام 1945 مؤسساً أول جمهورية كوردية في مهاباد، التي رأس أركان الجيش فيها.

مهما قصر عمر جمهورية مهاباد، لكنها إمتداد تاريخي لماضي الملوك الكرد، الذي يبعث نسغ العظمة في الذات الكوردية.. نسل أمراء وسلاطين، كفلهم الملا مصطفى عنوانا للشخصية الكوردية، نفسيا وبدنيا؛ لأن الملا مصطفى، عاش أقوى من القدر؛ إذ سار على الاقدام.. مع خمسمائة من رجاله، بعد أنهيار الدولة الكوردية الوليدة في مهاباد، متوجها إلى أذربيجان في الاتحاد السوفيتي.. حينها، سيراً على الأقدام مجتازين حدودا جبلية وعرة.

وقف ندا في التفاوض مع رئيس وزراء العراق عبد الكريم قاسم، العام 1958 بشأن العودة إلى العراق، نظير إستجابة جزئية للمطالب القومية؛ فأبى تجزئة القضية؛ كي لا تتشظى، مهما تلقى من عروض شخصية مغرية، مطلقا صيحته الأبدية:

– لا مساومة على كوردستان.

أثبت الملا مصطفى أن الرجال لا تشتريهم أموال؛ لأنهم.. هم صانعو المال والنفوذ والجاه.. ولا قوة في الكون تأسر رجولة الكوردي، وهذا هو الارث الكبير الذي تركه لأبنائه وأحفاده.. درسا لكل وطني أصيل، شاء أن ينذر نفسه للحق في سبيل إزهاق الباطل “إن الباطل كان زهوقا”.

عاش الملا مصطفى البارزاني.. ومن أنجب رجالا حملوا الرسالة حد “كطع النفس” لم يمت.

إثر إتفاقية الجزائر 1975غادر الملا مصطفى البارزاني، العراق إلى الولايات المتحدة الأمريكية، حيث توفي عام 1979 في مستشفى جورج واشنطن، لكنه أسس ثورة ما زال بركانها متقد الحمم، يستعر الآن والى الأبد… رحم الله الملا مصطفى البارزاني وأبقاه قدوة خالدة للأجيال.

أحدث المقالات