21 ديسمبر، 2024 11:59 ص

في ذكرى وفاة جواد سليم 1961/1/23.. جواد وحب العراق

في ذكرى وفاة جواد سليم 1961/1/23.. جواد وحب العراق

 في مثل هذا اليوم توفي جواد (ولد سنة 1921) ، توفي وهو في سن الحادية والاربعين .لقد رحل جواد وهو في فترة نضوجه الفني ، لكن الفنانين والادباء العظامو كما هو معروف ينضجون مبكراً ، ألم يكتب رامبو كل شعره ويغادر الشعر والادب ولم يكتب بعدها اي شىء سوى رسائل لامه وأخته وهو في سن السابع عشرة ، ذلك الشاعر  الذي قلب موازين الشعر الفرنسي والذي لم يستطع ان يتجاوزه الى هذه اللحظة ، والامثلة كثيره ،،
عند الكتابه عن موضوع ما اعتدنا ان نبدأ بمقدمة تعريفية له لكن حين الحديث عن فنان عظيم كجواد فذلك لا يحتاج الى مقدمة ، لان جواد الخالد سيبقى بدون مقدمات طالما هناك فن وهناك عراق ، هو ابن هذا الشعب العظيم الذي نذر حياته للتعبير عنه وعن طموحاته وانتج ارقى ما تطمح اليه الشعوب وهو الفن…  
أن الحديث عن جواد وفنه لا ينتهي لانه يتجدد في كل زمن و عصر ، وكل جيل يأتي سيجد هناك الكثير للحديث عنه مثلما لن ينتهي الحديث عن الجديد في  ادب ونتاج الادباء العظام الذين تركوا ارثاً هائلاً لازال حي الى هذه اللحظة. الادب والفن العظيم هو الذي لا يموت ليصبح مجرد تاريخاً يتناول المختصون بالتاريخ فقط . أما الادب والفن العظيم هو ذلك الفن الخالد الذي لازلنل نجد المتعة والانبهار به الى هذه اللحظة كانه انتج للتو وهو يعبر عن مشاكلنا ويلبي طموحاتنا ،هو الذي يتجدد في كل زمان وكل حين . اليس هناك ما هو جديد دائماً  في شعر المتنبي بع الف عام على وفاة صاحبه أو  في مسرح شكسبير او فن دافنشي رغم انهم رحلو منذ مئات السنين ، أذا كان لنا الحق ان نسأل لماذا بقى نتاج هؤلاء الفنانيين طرياً طازجاًيحمل روح المعاصرة الى هذه اللحظة ؟ لمذا بقى فنهم يعبر عن كل العصور ؟ لماذا ومن اين جاؤابهذه النبؤة ؟…اذا اردنا ان نبحث عن الاجابة عن اسئلتنا هذه فحتماً سيكون جوابنا مختصراً لانهم فنانون عظام ، وبالتأكيد فأن جواد احد أولئك العظام الذي يكفينا فخراً انه من هذا البلد العظيم الذي اعطى للعالم اعظم حضارة ، وعلم البشرية البشرية الكثير وكيف ترتقى لتصل الى ما وصلت اليه بجهود اؤلئك الذين علموا العالم اهم شيء ارتقت به البشريه في رحلتها نحو الرقي والحضاره ألا وهي الكتابة .
   إن الحديث عن منجز جواد لا يقترن بعمله الخالد نصب الحرية فقط بل هنالك ماهو اهم من ذلك – برأيي – ان جواد هو المؤسس الحقيقي للفن العراقي الحديث وهو الذي اسس له ووضع اللبنات الاولى ومهد الطريق لمن جاء بعده، وما نجده من منجز للفن العراقي الحديث الذي اصبح معروفاً للعالم اجمع وذلك بجهود الفنانيين العراقيين الذين جاؤا بعد جواد الى فنانينا المعاصرين   الذين حملوا رسالة جواد وابدعوا الكثير والذي اصبح هذاالفن  مثار اعجاب العالم اجمع. إن تسليط الضوء على جهود جواد ودراسة فنه واستذكاره لهو جزء بسيط نقدمه لهذا الفنان العظيم علينا ان ندعوا الى تأسيس مكزي بحثي مهمته دراسة جواد وفنه وهذا ابسط وفاء وعرفان نقدنه لهذا الفنان العظيم والذي يستق ماهو أكثر.
   لقد كان فن جواد وشخصيته ورؤراه وما خزنه وعيه عن موضوعة الحرب الشي ء الكثير وما مصير الانسان الا هو من اسئلة الحروب ، وسيأتي اليوم الذي سيسلط الضؤ على هذا الجانب المهم من نتاجه .لقد كان جواد  نتاج الحروب- كإن قدره وقدرنا سيان –  فقد ولد بعد الحرب العالمية الاولى وعانا ما عاناه من الحرب العالمية الثانية من انقطاعه عن الدراسة في جامعات اوربا وهو الذي ذهب متعطشاً للدراسة وصقل موهبتة في بلدان الفن والفنون في اوربا ،و من سخريات القدر إن  الانسان والفنان العراقي لازال يعاني من الحروب الى هذه اللحظة ، وان موضوعةً الحرب ونتائجها الكارثية  لم تغب عن الفن العرقي سواء بتأثيرها المباشر على موضوعة الفن او على الفنان وامتمثل بهجرة اعداد كبيرة ومهمه من الفنانين مرغمين بسبب الحروب وكوارثها الي هذه اللحظة بل تشكل احد المواضيع الرئيسية للفن العراق الحديث .
   ان من ماثر جواد كفنان عظيم و عبقري هي انه حينما ذهب ليدرس الفن في اوربا وعاد الى العراق فانه قد ترك كل ما تعلم في ذاته كخزين معرفي فقط ولم يأتي بهذا الفن ويطبقه على مجتمع وبيئة غريبه عنه ، بل استطاع جواد ان يستلهم من الفن الاوربي ويؤسس لفن اخر مختلف عنه في الاسلوب وفي الرؤيا وفي الذائقة .استطاع جواد بالأضافة الى استيعابه الفن الاوربي ان يستلهم كل ماهو عراقي له علاقة بهذا البلد فقد اخذ على عاتقه كل ماهو عراقي بالاساس فانطلق الى التأريخ الرافديني لينهل من هذا الفن الخالدالعظيم لايمانه بأن الفنان الرافديني العظيم الذي انتج مثل ذلك الفن لهو قادر على ان يأتي بفنان يكمل السيرة للفنان الاول وينتج فن يبرز ع خصوصية هذا البلد وخصوصية انسانه. ولم يكتفي جواد بذلك فقد وجد برسوم فنان عراقي اخر لا يقل عظمة عن فنان بابل واشور وسومر ، ذلك هو الفنان العراقي  العظيم يحيى الواسطي . لقداستطاع جواد ان يقدم لنا فن عراقي حديث معاصر يلبي متطلبات الحداثة ورح عصرنا الحديث وهذه هي عظمة جواد .
   لقد دفع جواد حياته ثمناً لحبه للعراق ، حتى ان موته المبكر جاء نتيجه حتميه للجهد الهائل الذي تركه االعمل المضني والجهدالذي بذله في ايطاليا وانعكس سلباًعلى روحه المرهفة و قد سبب له متاعب عانى منها قلبه بعدها كانت سبباً في وفاته . مأثرت جواد الخالده هي نصب الحرية والذي سكب فيه كل ابداعه ورؤيته وفلسفته عن العراق وتاريخه وفنه وانسانه في ملحمة لم يبدع مثلها فنان عراقي طيلة الاف السنين ،منذ أن مات اخر فنان رافديني ، عندها دخل الفن العراقي في سبات استمر الاف السنين لم ينهض منه الا على يد فنان عراقي اخر عظيم هو جواد سليم .
   ان ماأنتجه لنا جواد في فن الرسم لا يقل اهميه ولا روعة ولا عظمة عن فن النحت – الذي كان جواد يجد فيه ذاته اكثر من الرسم وهذا هو سر ابداعه لنصب الحرية – وما بغدادياته الا خير مثال لفنه العظيم.
  قدم جواد حياته للعراق وهذا هو ديدن الفنانيين والادباء العراقيين الاصلاء الذين جاؤا بعده والذين قدموا حياتهم  ثمناً لهذا الحب كهادي المهدي وكامل شياع واخرون ،لقد اختاروا طريق الخلود العظيم والذي سيضفي على موته حياة سرمدية خالدة تكون بعيدةً عن احد معاني الموت وهو النسيان والفناء ،،،تحيه الى فناننا الخالد جواد سليم بذكرى وفاته …