23 ديسمبر، 2024 8:04 م

في ذكرى رحيل الصـــــدر – 7 / حــوزة النجـــف

في ذكرى رحيل الصـــــدر – 7 / حــوزة النجـــف

يمكن القول، ان طبيعة الحوزة العلمية ،نظريا، تستند الى العلم والاعلمية وهذا يوحدها جغرافيا وتاريخيا. ونظريا، ان الاعلم ياخذ برقاب الحوزات كافة، الا ان الواقع اخضع الحوزات العلمية الى اعتبارات مناطقية، وحاول الصدر محورة الحوزات العلمية على اصلها، في النجف. وفي الخطبة 32 فقال سماحته:
..والحوزة واحدة في كل زمان ومكان لانها تتوحد بوحدة العاطفة والعلم والعمل والهدف اكيدا وكله واحد بحسب توفيق الله تعالى فليس هناك حوزات متباينة او مختلفة في ما بينها في النجف وفي قم وفي سوريا وفي لبنان وفي خراسان وفي البحرين وفي القطيف وفي الاحساء وفي باكستان وفي الهند وفي غيرها من بلاد الله. بل كلهم رجل وقلب واحد ويد واحدة وعلم واحد لمصلحة الدين وشريعة سيد المرسلين وضد العدو المشترك الموجود ضدنا في كل جيل وفي كل مكان وزمان .. انتهى كلامه.
…..الوحدة والاعلمية: ان انجرار البعض الى الموروث الديني والاسباب المالية، دون الاعلمية ، انتج التفرقة، لذا شخص الصدر عوامل التفرقة، ومنها وجود افراد تستغفل القواعد المتدينة، وتحاول استغلال جهلها لاجل ابتزازها معنويا وماديا، لذا اكد الصدر على شرط الاعلمية في التقليد، لما يترتب عليه من ابراء للذمة، فضلا عن بلورة القواعد حول الاعلم، بدلا من تفرقها.  لذلك حارب الصدر التقديس الاعلامي الذي مارسه البعض وخاصة ظاهرة (تقبيل اليد) باعتبارها استغفال و (خداع) للقواعد الجماهيرية.  واستمر سماحته بالحث على وحدة المؤمنين..  في خطبة32 عبر عن اهمية الوحدة فقال: ..وحدة المؤمنين في المذهب الواحد مهما تكثرت اعمالهم وطبقاتهم ومستوياتهم وعواطفهم فانهم ما داموا يشعرون باهمية الدين واهمية ولاية امير المؤمنين (عليه افضل الصلاة والسلام) وعصمة القادة الائمة المعصومين (سلام الله عليهم) فهذا يكفي تماما،  لان يكون الفرد مندفعا نحو  طاعة الله متحمسا نحو الهدف المشترك واقفا ضد العدو المشترك منجزا مصلحته العادلة الشخصية والاجتماعية مبتدعا عن الذنوب والعيوب والموبقات ومن لم يكن كذلك فنتمنى ان يكون كذلك في اقرب وقت وبحسن توفيق الله وتسديده.
….الوحدة الايمانية: يرى الصدر ان (الاخوة) علتها الاساس هي الايمان وليس (النسب) ، وينطلق من ذلك قرانيا، الا ان هذا العمق في فهمها منحصر بسماحته، وتعرض لذلك في الجمعة 29 فقال: ..اليوم اتحدث عن الاخوّة في الايمان، لاصل منها الى النتيجة التي وعدت بانجازها والتعرض لها في الجمعة السابقة. والاخوة في الايمان من ضروريات الدين، ونص القران الكريم، قال تعالى: ((انما المؤمنون اخوة)) ودلالتها على الحصر بـ (انما)، اي لا يجوز غير ذلك، ولا يمكن غير ذلك.  وان الرحم لا دخل لها بالموضوع، والنسب لا دخل له بالاخوة، كما قال في الحكمة: (رب اخ لك لم تلده امك). وهذه الاخوة شرطها الايمان، كما قال تعالى: ((انما المؤمنون اخوة))، وليس بعنوان اخر اطلاقا.   انتهى.
وجعل الصدر من الوحدة محورا عقائديا، بالرغم من انطلاقتها القلبية، و في جمعة29 قال:.. فانك إذا ذقت طعم الايمان في قلبك، وبرد الايمان في نفسك، احببت كل مؤمن، سواء عاشرته، ام لم تعاشره، وسواء عرفته، ام لم تعرفه، مادمت تعلم انه على حق وعلى الصراط المستقيم. بل ان هذا من ضروريات الايمان، لانك ان كرهت اخاك المؤمن فانت المقصر وليس هو، وانما كرهت مؤمنا والعياذ بالله. وكراهة المؤمن بهذه الصفة كانها كراهة للايمان نفسه والعياذ بالله. انتهى.
ويمكن من تحليل قوله الوصول الى العلاقة التبادلية بين الوحدة والتوحيد، وبالعكس. ويتضمن قوله، مقدمة مفادها:  فانك إذا ذقت طعم الايمان في قلبك، وبرد الايمان في نفسك، احببت كل مؤمن، فقد جعل سماحته علاقة وملازمة بين الايمان، بالله تعالى ذكره، وبين حب المؤمن به تعالى، وينتج منها المساواة بين الايمان بالخالق وحب المؤمن.
ثم ان الايمان بالخالق هو محور التوحيد، كذلك فان حب المؤمن، ينتج الحب لمفردات ومصاديق مفهوم المؤمن، ويعني حب هذا لانه مؤمن، كذلك حب ذاك لانه مؤمن، ويتكاثر الحب بين المؤمنين، وتمحور الحب حول الايمان، وتبعا لهذا: يكون المحور هو الايمان، وبالتالي تكثير فرص الوحدة..وللحديث بقية.