ولد المناضل محمد عزت خطاط عام 1929م في محلة المصلى قرب مرقد الإمام احمد ( عليه السلام ) بكركوك الذي تولت إدارته منذ القدم عائلتهم الدينية المحافظة أبا عن جد وقد تولع المناضل بفن الخط منذ صباه عندما كان تلميذا في مدرسة المصلى الابتدائية في كركوك فضلاً عن حبه الرسم وعمل النقوش والأعمال اليدوية الأخرى والشعر أيضا منذ مرحلة الابتدائية كان يذهب خلال العطلة الصيفية إلى الملا في الجوامع لختم القران وبدأ تلقي الدروس الدينية ودروساً في حسن الخط وختم القران عند الشيخ الوقور المرحوم ( ملا حمدي أفندي صو قولو زاده ) وهو كان من أشراف كركوك حيث كان يشجعه كثيراً في فن الأدب لأنه كان محباً للشعر منذ الصغر ..
وفي المرحلة الابتدائية كان في مدرسة المصلى معلم يجيد فن الخط وهو الأستاذ شفيق عمر
( رحمه الله ) الذي كان يجيد الخط وخاصة في الثلث والنسخ وعندما وجد عند تلميذه ( محمد عزت ) وهو في المرحلة الثالثة من الابتدائية سرعة فهم واستيعاب لفن الخط قد أولى له اهتماماً وشجعه على الاستمرار على تعلم فن الخط وكان هناك مشجعون آخرون الأول المرحوم( دايي قادر بن سعيد اغا بيرقدار ) حيث جلب له فرشاً وسلايات واصباغاً واوراقاً مصقولة من شركة النفط تشجيعاً له ، والثاني هو المرحوم الخطاط ( بكر صدقي ) حيث اخذ منه النقش والزخرفة ، والثالث هو المرحوم ( حسن نقاش البناء ) المشهور في كركوك الذي كان ينقش البيوت ..
ومن اشهر الخطاطين في العالم الإسلامي والتركي الذي تأثر بهم المرحوم واعتبر نفسه تلميذا عندهم في هذا الفن البديع منهم :ـ
1) الخطاط سامي بك
2) الخطاط محمد نظيف بك
3) الخطاط يازار بك
4) الخطاط مصطفى راقم
5) موسى عزمي بك ( حامد الامدي )
6) محمد بدوي الديراني من دمشق 7) سيد إبراهيم المصري
واطلع الخطاط محمد عزت على كتب كثيرة في فن الخط والزخرفة منها كتاب ( الخط العربي وتطوره في العصور العباسية في العراق ) المطبوع عام 1962م للدكتورة سهيلة ياسين وكذلك تدرب على كراسة الخطاط الشهير ( محمد فؤاد ) التركي الأصل المطبوعة سنة 1321هـ عنوانه ( يازي رهبري ) والدليل للخطوط في التاريخ وكذلك تدرب على كراسة شيخ الخطاطين ( محمد عبد العزيز الرفاعي ) المطبوع عام 1342هـ وعنوانها ( قواعد الخط الفارسي ) وكان معجباً اشد الإعجاب بخطوط الأستاذ الكبير المرحوم ( هاشم محمد البغدادي ) الذي يعد نجماً لامعاً في سماء هذا الفن وانه من اعظم الخطاطين في النصف الثاني من القرن العشرين في العالم الإسلامي وقد تدرب على خط الثلث من ( فرمان ) الموجودة في التكية المولوي ( ده ده حمدي ) وفرمان : ( هو الأمر الصادر من السلطان مكتوب باللغة التركية القديمة وبخط الثلث ومكتوب على جلد الغزال في عام 1320هـ من قبل الخطاط المعروف ( رؤوف ) من سكنة محلة بريادي في كركوك أما في خط النسخ كان يقلد الخطاط الكركوكلي الشهير ( شوقي قدسي زاده ) ويعتبر خطوطه في النسخ من أرقى الخطوط . .
وأما في الرقعة فتابع خطوط الخطاطين من الأتراك والمصريين وفي الديواني اتبع خطوات الخطاط ( حامد الامدي ) و ( محمد عزت ) و ( سامي بك ) و( محمد شفيق ) و ( عارف بك ) وجميعهم أتراك ..
أن الخطاط محمد عزت فتح أول مكتب للخط عام 1955م في شارع بابا كركر قرب سينما الحمراء وكان أول مكتب للخط في كركوك وبعده انتقل إلى شارع أطلس قرب سوق العصري في كركوك عام 1958م وبمشاركة زميله وتلميذه المرحوم الخطاط عبد الملك عباس ( أبو إحسان ) وهو فنان قدير وله خدمات جليلة في هذا الفن ..
كان المناضل الراحل من خريجي إعدادية صناعة ببغداد لعام 1952ـ 1953م حيث عين بعد تخرجه معلماً في محافظة القادسية ( الديوانية ) وبعدها نقل إلى قضاء الحويجة في محافظة كركوك ومن ثم نقل إلى مركز المحافظة لتدريس التربية الفنية في مدرسة الإمام قاسم ثم نقل إلى إعدادية المصلى لتدريس التربية الفنية من الرسم وخط وتخريم وزخرفة وتحف وخدم في هذه الإعدادية 21 عاماً حيث تخرج من هذه الإعدادية مئات التلاميذ تعلموا الخط والرسم والزخرفة ومن تلاميذه ( الأستاذ نورالدين عزت والأستاذ فخري جلال والمرحوم الخطاط اكرم صابر كركوكلي وإخوانه والأستاذ غائب فاضل مدير آثار كركوك سابقاً ) ومن الفنانين كل من ( فؤاد حميد وفاروق حسام الدين وصباح سعيد وناظم احمد واحسان عبد الملك وعدنان عبد الله وشاهين دايي قادر وسامي عزالدين بيرقدار وفاتح صبحي ) وغيرهم من الفنانين الذين تألق نجمهم في سماء بلدتنا ..
ومن مؤلفات المناضل محمد عزت خطاط كتاب بعنوان ( كيف تتعلم الزخرفة ) وكتاب مكون من خمسة مجلدات بعنوان ( مدخل إلى الخط العربي ) ويتضمن هذا الكتاب تاريخ الخط العربي في كركوك ، ومخطوطات مشاهير الخطاطين في كركوك من بداية القرن التاسع عشر إلى نصف الأول من القرن العشرين ..
وفي عام 1959م كلف محمد عزت خطاط بالتدريس في دورات المعلمين التي أعدت لراسبي الصف الخامس الإعدادي ، ثم عين خبيراً في المحاكم لفحص وتدقيق الخطوط والتواقيع ..
وفي عام 1969م كلف بإلقاء محاضرات في موضوع فن الخط للمعلمين والمعلمات عن كيفية تحسين خطوط التلاميذ في الصفوف الأولية ..
وفي عام 1975م كتب سطور مرقد الإمام احمد ( عليه السلام ) في كركوك وصمم كتاب ( ارزي قمبر ) للعلامة المرحوم المحامي ( عطا ترزي باشي ) وصمم كتاب ( ألف باء ) للصفوف الأولية في المدارس التركمانية في عام 1971م ومن أثاره الخطية كتابات جامع الشيخ حسام الدين وجامع اليرموك وجامع عرفة للحاج ( حسن نجم ) في كركوك وجامع في الحويجة حيث قام
بالتصاميم الفنية والزخارف المنقوشة وكتابة الآيات القرانية بتصاميم مبتكرة رائعة مع زميله الخطاط المرحوم ( عبد الملك عباس خطاط ) ..
* وكان الخطاط محمد عزت مناضلاً منذ أحداث مجزرة كاور باغي عام 1946 ثم لعب دوراً كبيراً في أحداث مجزرة كركوك الرهيبة عام 1959 حيث كان يوجه الشباب ويقودهم بالنضال السياسي والفكري والقومي وكان على رأس احد تشكيلات الشباب السرية .
كان المرحوم سياسياً محنكاً وذو فكر نير وكان يلتقي مع عدد كبير من الشخصيات السياسية والاجتماعية بارزة في المجتمع ومنهم بعض المناضلين التركمان بالخصوص امثال الذين كانوا يلتقون عنده في المكتب أو البيت الأستاذ الكبير المرحوم المحامي عطا ترزي باشي والمناضل المرحوم داي قادر اغا بيرقدار والخطاط المرحوم عبد الملك خطاط والأديب الراحل مولود طه قايجي والأديب قحطان الهرمزي ومن الشعراء الشباب حينذاك الشهيد الاديب سيف الدين بير أوجي والفنان فاتح يونس والاديب شاهين داي قادر والمناضل الفنان شمس الدين توركمن اوغلو رئيس تجمع القوميين التركمان سابقاً والشاعر الخطاط سامي بيرقدار والخطاط احسان ملك حيث كانوا يتعلمون منه الشعر والخط والفكر السياسي وهناك كان بعض الشخصيات الثقافية التركية يترددون عليه مثل الأستاذ هادي كوزل وكولجن هاشم من معلمي المركز الثقافي التركي في كركوك ( كولتور درناكي ) وخلال أعوام السبعينات أصبح المناضل محمد عزت الخطاط يقود مجموعة من الشباب القوميين أمثال الشهيد خالد شنكول والشهيد محمد قورخماز..
وفي أواخر عام 1980 القي القبض عليه بتهمة باطلة من قبل النظام البائد وفي آذار عام 1981صدر الحكم ضده بالحبس لمدة ( 7 سنوات ) لأسباب سياسية ..
وفي تموز عام 1986م أطلق سراحه ومنذ ذلك اليوم كان المرحوم متأثراً بأيام السجن وكان صبوراً ويحث الناس على الصبر والتوكل على الله وكان قدوة للسجناء في الأدب والأخلاق وقبل وفاته أصيب بمرض سرطان في الكبد ولم يدم كثيراً حيث جاء اجله وهو راض بقدر الله تعالى وسلم أمره إلى الله بكل إيمان وتقوى وذلك في يوم 29/ 7 / 1991 ..
وأوصى أولاده أولا بأن يدفنوه في مقبرة الأمام احمد ( عليه السلام ) ونفذوا وصيته ، ووصيته الثانية إذا سقط الطاغية يابني فأتوا عند قبري لتخبروني بذلك وقولوا لي ثلاث مرات لقد سقط الطاغية وفعلوا ما أوصى به ..
أن هذا هو شئ ضئيل عن تاريخ وحياة المناضل المرحوم محمد عزت خطاط انه كان النجم الساطع في سماء كركوك والمناضل الكبير والمفكر السياسي والشاعر البارع وذو الأخلاق الكريمة والأدب ، قوي الذاكرة ، وبسيط المظهر ، طيب القلب ، ومحبوب عند أصدقائه ومعارفه ، كثير المخالطة بالمجتمع وإلى جانب صفاته وخلقه كان المرحوم تقياً وورعاً ولكن بعقيدة طاهرة بعيدة عن الأوهام والخرافات متمسكا بهدى القران الحكيم وسنة النبي الكريم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ومتمسكا بأقوال جدهم أهل البيت الأطهار وندعو الله العلي القدير أن يتغمده برحمته الواسعة ويسكنه فسيح جناته ويحشره مع الصديقين والشهداء .