23 ديسمبر، 2024 3:19 م

يمثل تاريخ 23 من شهر نيسان كابوسا أسود بالنسبة لآهالي الحويجة في محافظة كركوك ، حيث استخدمت قوات حكومية غطاء الدولة لذبح الابرياء من المعتصمين، و استهرت الحكومة بكل فقرات الدستور و حقوق الانسان لتدشن مرحلة جديدة من الديكتاتورية وسلطة الأفراد، لذلك تم تغليف الجريمة بأطر مشوهة واستخدام سياسيين لتبريرها و التغطية على درجات تواطئهم في قتل ذوي القربي و البكاء عليهم، ما يعطي صورة بائسة لفلسفة الحكم الاحادي في العراق عكس ما يطلقون عليه من أوصاف طوباوية.
عام مضى و التحقيقات ضائعة في ادراج مكاتب المسؤولين ، بينما لم يضغط القضاء و لامنظمات حقوق الانسان العربية و الدولية للكشف عن اسرار ما حدث، رغم ما ينطوي عليه من ظلم فاضح لحقوق المواطنة و مصادرة مطلقة للحريات، حيث ثلاثية الارهاب و البعث و القاعدة أضحت شماعة متحركة لتعليق الفشل الحكومي و النيابي عليها، حيث لم يضطلع النواب بدورهم و تخلت الحكومة عن مسؤوليتها الاخلاقية في حماية المواطنين وكأن ما جرى كان في احدى مزارع الموز في أصقاع أفريقيا!!
يتحدثون عن الديمقراطية و حقوق الانسان و المظلومية و يقتلون المواطن على الهوية للتغطية على قائمة مفتوحة من الاخفاقات التي حولت العراق الى ساحة لتصفية الحسابات لا لبناء الدولة، بحيث يحمل المواطن أكثر من هوية و يتقمص أكثر من شخصية لعبور سيطرات التفتيش بأقل الخسائر، ومع ذلك يتحدثون عن انجازات كبيرة تقلق دول الجوار لذلك يتأمرون على العراق،” تخريجات”  سياسية تعبر عن عقد شخصية لا علاقة لها بادارة الحكم وتحمل المسؤوليات وطبيعة العلاقات الدولية.
تمثل مجزرة الحويجة نكبة مركبة بحكم عدد الأطراف التي شاركت في تنفيذها بعناوين رسمية و حزبية و طائفية و عشائرية، لتشكل انتقاما مباشرا تفوح منه كل روائح الفتنة العرقية و المذهبية و الشخصية، لذلك لا يجوز السكوت عليها او ادراجها في خانة سوء التقدير و قلة التجربة، لأنها أنجبت كوارث أشد خطورة في الانبار و ديالى و صلاح الدين و نينوى، مثلما شكلت سيفا للتخويف في باقي المحافظات، فكل من يطالب بحقوقه يعد خارجا عن القانون وكل شخص ينتقد الحكومة يعتبر ارهابيا و عميلا، فكم هي طويلة اذا قائمة العملاء الذين يديرون شؤون البلاد و العباد اليوم.
الحويجة تلك الأرض الرخوة في خاصرة الانتقام الرسمي صمدت ضد بطش الاحتلال و حافظت على عروبة كركوك بشكل كبير، ومع ذلك لم تشهد مجزرة مثلما حدث في نيسان 2013، يوم أسود يضاف الى مصائب نيسان من الاحتلال الى التحرير الى قتل المواطنين و نهب بيوتهم بسلاح الدولة و سياراتها، و المخيسة في ديالى ليست الأخيرة ، مثلما ان سليمان بيك و الفلوجة و الكرمة لن تكون اخر الضحايا، فهناك مؤسسات تعمل لازهاق روح العراق و أهله، فكم هي سيئة مهنة قتل الناس على الهوية، واحادية و ظلامية التفكير ، التي حولت العراق الى غابة يتنافس فيها السياسيون على النهب و القتل و مصادرة المواطنة، فعن أي عراق مزدهر يتحدثون !! وباية ديمقراطية يتبجحون وكل صوت ناقد يحكم بالاعدام!! لا حل في بلاد النهرين الا بدولة مدنية تحفظ للدين مكانته و تفعل دور سياسة المصالح بعيدا عن القطب الواحد!!
رئيس تحرير ” الفرات اليوم”
[email protected]