18 ديسمبر، 2024 8:17 م

في ذكرى استشهاد محمد باقر الصدر، نداء الى اتباعه

في ذكرى استشهاد محمد باقر الصدر، نداء الى اتباعه

“ميدانكم الأول أنفسكم”…كلمة قالها الامام علي وسمعناها قبل السقوط من كل الإسلاميين على اختلاف أحزابهم وتياراتهم ومراجعهم أو عوائلهم…كلهم قالوا والخشوع يغمرهم والتقوى تلفّهم والزهد يزينهم:” قال إمامنا ومولانا أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه: ميدانكم الأول أنفسكم، فإن قدرتم عليها كنتم على غيرها أقدر، وإن عجزتم عنها كنتم عن غيرها أعجز”.

كانوا يسوّقونها للناس دون أن يدروا أنهم سوف يصلون إلى مرحلة التطبيق والاختبار ليكتشفوا أنهم سقطوا في الامتحان وأقبلوا على الدنيا إقبال الهيم العطاش فولغوا بالمال الحرام وتلوثوا بالفساد فدمّروا البلاد وفقدوا ثقة العباد ولما حانت ساعة الحساب في الدنيا أصبحوا حائرين لا يدرون ماذا يفعلون.

…..اجتماعاتهم متوالية، اتصالاتهم مستمرة، تصريحاتهم متضاربة، يعصرون أدمغتهم بحثاً عن فكرة نافعة،… يغطّون وجوههم من الناس ….يتوارون من القوم من سوء ما بُشّروا به، ويغيبون عن مكاتبهم ويغلقون خطوط الاتصال ويختبئون خلف الحواجز ويشددون التعليمات للحمايات … يتراكضون هنا وهناك بحثاً عن طوق نجاة، يحاولون الوصول الى جبل يتصورونه يعصمهم من الماء، لكن الموج يحول بينهم وبينه..

ضاقت بهم الارض بما وسعت، وضاقت عليهم انفسهم… يبذلون المستحيل للهروب من استحقاقات الوضع الذي ساهموا في إنشائه والذي كان المخلصون (الذين رفضوا مشاركتهم الغنائم تعففاً وديناً) يحذرونهم منه منذ البداية، لكنهم لم يصغوا للتحذير، بل وضعوا أصابعهم في آذانهم، واستغشوا ثيابهم، وأصرّوا واستكبروا استكبارا.

اﻵن وقد هاج المحرومون المسروقون وقعوا في حيص بيص…ماذا يقولون؟ ماذا يفعلون؟

هرع الأتباع الطيبون في كل فريق منهم إلى كبيرهم يبحثون عن مخرج… حار الكبير…فكّر وقدّر، فقـُتل كيف قدّر، ثم قتل كيف قدر…ثم نظر.. ثم عبس وبسر…ثم أدبر واستكبر…فقال إن هذا إلا مؤامرة من امريكا التي شعرت بالخطر.

***

تقولون إنها مؤامرة؟ تقولون إن المطلوب منها إسقاط الإسلاميين؟

…أتفق معكم فيما تقولون…بالتأكيد هناك مؤامرة، وراءها البعثيون والخليج وأمريكا والعلمانيون، وهم يريدون إسقاط سمعتكم لإبعادكم عن الساحة وللقضاء على الإسلام السياسي، ويريدون تشويه سمعة الإسلام والمسلمين لتخلو لهم الساحة. كل هذا أو بعضه صحيح، إنها مؤامرة، لكن من الذي نفذّها؟ من الذي هيّأ أرضيتها؟ ألستم أنتم الذين نفذتموها بمشاركتكم عملاءهم السنة والكردفي السرقة؟

المتآمرون – وهم أخبث منكم وأفسد- لم يفتروا عليكم، لكنهم أمسكوكم بالجرم المشهود بينما لم تستطيعوا انتم إمساكهم… بقيتم عاجزين عن مكافحة الفساد مردِّدين بكل غباء: “إن الفاسدين ماهرون في تغطية فسادهم لذلك لم نتمكن من فعل شيء” !

بينما وقعتم معهم وثيقة [ استروا فسادنا نستر فسادكم]

***

أمسكوا بكم تسرقون مع أنهم سارقون، وفضحوكم بجيوش إعلامهم وأنتم نائمون، وعندما جدَّ الجد، وهرب شركاؤكم من اللصوص الكبار أو اختبأوا وراء جبنكم وعجزكم عن فضحهم بقيتم وحدكم في الساحة والجماهير تحيط بكم تريد أن ترجمكم…أين المفر؟

أتبكون؟ فلا هدأت الرنّة ولا سكنت العبرة…..

كأنّي بكم مصلوبون على الكناسة…

***

مؤامرة؟
نعم هناك مؤامرة، والسياسة كلها مؤامرات، فإذا لم تحسنوا لعبة السياسة ومواجهة مؤامراتها فلماذا تقدمتم للمناصب السياسية؟

وإذا كانت إدارة الدولة مهمة صعبة ومعقـّدة وتحتاج إلى خبرات وكفاءات فلماذا أبعدتم -عن علم وعمد وسبق إصرار- كلَّ الكفاءات المخلصة التي يزخر بها العراق واقتصرتم على أقربائكم الجاهلين ومقرّبيكم الأمّيين والبعثيين المتسلقين، خشية أن يشارككم في المناصب كفوء يفضح عباطتكم، او مخلص يكشف انتهازيتكم؟

تدّعون عدم وجود الكفاءات المخلصة… نعم، وكيف تعرفون الكفاءات المخلصة وأنتم لا تعرفون معنى الكفاءة أصلاً (ماعدا الكفاءة في جمع المال الحرام)، ولا تعرفون معنى الإخلاص لغير شهواتكم الدنيوية ؟ وتعمى بصيرتكم عن الكفاءات الاكاديمية بينما تكتشف مراصدكم المصفقين لانجازاتكم الوهمية

إنها فعلاً مؤامرة …مؤامرة كبرى أن يؤتى بالجهلة الجياع من الإسلاميين ليقدموا نموذجاً فاشلاً من السياسيين لا يعرف ألفباء السياسة الإسلامية التي تقوم على العدل، والتي جسدها أمير المؤمنين عندما حارب الفساد من أول لحظة فأطفأ الشمعة، وأخذَ من بيت المال حصة مساوية لباقي الناس، وكوى اخاه عقيلا عندما طلب اكثر من غيره، ورفضَ أن يشبع وحوله بطون غرثى وأكباد حرّى .

إنها فعلاً مؤامرة على الإسلام أن يؤتى للسلطة بأمثالكم من الناطقين باسمه والمدعين الالتزام به.

***
هل تريدون القضاء على هذه المؤامرة؟

لا مفرَّ إلا بالتطهير الذاتي والمحاسبة الذاتية والاعتراف وإعادة الثروات المسروقة.

تستطيعون الآن كشف المؤامرة وإفشالها….الامر في غاية البساطة:
كونوا مثلاً أعلى لغيركم،
طبقوا التعليمات الدينية التي تحدثتم عنها سنوات طويلة،
أمسكوا فاسديكم وانتزعوا منهم الأموال المسروقة وأعيدوها لبيت المال ولو نـُكحت بها النساء واشتريت بها العقارات….
وستفشل المؤامرة..

ألستم تقولون إن أمير المؤمنين قال هذا؟

افعلوا ما فعل أمير المؤمنين لكي تتطهروا من الفاسدين ولكي تبدلوا غضب الجماهير إلى رضا، وليتوجه الغضب الشعبي إلى شركائكم اللصوص الكبار من الكرد الذين يمتصون ثروات العراق ويتعاونون مع إسرائيل…وإلى زعماء السنة الذين باعوا مدن السنة الى داعش، وسلّموا أعراض السنة إلى داعش ….

هكذا تقضون على المؤامرة التي تريد إسقاطكم، وهكذا تقلبون عليهم ظهر المجن…لأنكم ستضطرونهم ان يفعلوا مثلكم: يكشفوا الفاسدين، ويستعيدوا الاموال المسروقة، وهذا لن يفعلوه مثلكم، فتفوزون ويخسرون….هكذا تُفشلون المؤامرة

…..اما الانكار والهروب ودفن الراس في التراب فلا ينفعكم، فقد سكنتم في مساكن الذين ظلموا انفسهم…. وتبيّن لكم كيف فعلنا… بهم وضربنا لكم الامثال.

وهذه أزمة الكورونا فرصة ذهبية لكم ان كنتم صادقين

***
فيا أحزاب الدعوة، ويا مجلس اعلى، ويا تيار صدري ويا حزب الفضيلة ويا تيار الاصلاح وتيار الحكمة ويا من ذكرتهم ومن نسيتهم….لا تذهبن بكم المذاهب…فو الله لن تنجيكم تحالفات ولامظاهرات ولا اجتماعات ولا حلول ترقيعية ولا تصريحات عنترية، فالامواج تتقاذف السفينة، والماء دخلها ووصل الى غرفة القبطان، وستذكرون ما اقول لكم..

…..ويا قومِ اني لكم نذير مبين

ألا هل بلّغت؟ اللهم اشهد