18 ديسمبر، 2024 7:05 م

…في ذكراك يا كاظم الغيظ .. يا رائد العدالة في الأسلام

…في ذكراك يا كاظم الغيظ .. يا رائد العدالة في الأسلام

الرجال العظام هم آكاديميات الكرام التي منها تخرج الابطال المخلصون لله والاوطان..هم الكرامة والأيمان بعزة وشجاعة الأنسان والأيمان ، هم من أغتسلوا بالألم والعذاب،وصمدوا في وجه الباطل ..وتعرضوا لعواصف البطلان.. من اجل تحقيق الحجة بالبرهان ..هؤلاء الذين ألتزموا بمبادىء الحق والعدل والحب للخير والآيمان ، فكانوا ناقوس خطر ينبه كل المخالفين المرافقين للبهتان.هذه كانت سيرة الامام موسى بن جعفر الصادق أمير البيان ..؟

هو الامام موسى بن جعفر الصادق (ع) ، الأمام السابع من أهل البيت ،ولد في الأبواء في السابع من صفرعام 128 للهجرة على عهد مروان بن محمد اخر خلفاء بني امية ، وأستشهد في الخامس والعشرين من شهر رجب عام 183 للهجرة على عهد الخليفة العباسي الخامس هارون الرشيد .كان علما من اعلام الهداية والعدل ،وكنيته ابو الحسن،ه باب الحوائج لكل مظلوم من ظالم ببهتان.

بعد ولادته انتقل مع ابيه الامام الصادق (ع) الى المدينة المنورة ليرتشف من مدرسة الصادق كل علم وبيان ،كان ابوه الامام الصادق يوليه عناية خاصة علما وأدبا وتربية ،فقد كان يتوسم فيه الصلاح والفلاح للناس ولسمعة أهل البيت العظام،حتى قال فيه :” وددت ان ليس لي ولد غيره لئلا يشركه في حبي أحد”. وهذه اشارة من ابيه انه الأمام الشرعي من بعده. وليكن في علم القارىء اللبيب ان الأئمة من اهل البيت يتوارثون الامامة من جدهم وليس الخلافة،فهم والسياسة على طرفي نقيض.

انظر المحاورة بين الامام الصادق ، وحامل رسالة ابو سلمه الخلال له في تولية الخلافة بعد سقوط الامويين في سنة 132 للهجرة، يقول الامام الصاق لرسول أبي سلمه الخلال:” أسمع يا أبن عبد الرحمن : ما انا وابو سلمه،وابو سلمه شيعة لغيري ونحن أهل البيت ما جئنا لطلب الخلافة ،بل جئنا لندفع الظلم عن الناس،فأخذ منه الكتاب واحرقه على سراج كان بجانبه وأنشد يقول متمثلاً بقول الكميت بن زيد :

يا موقدا ناراً لغيرك ضوءها ويا حاطباً في غير حبلك تحطب

2

وهذه هي نفس العبارة التي رددها الأمام الحسين (ع) حين جاء الى كربلاء لمحاربة ظلم الأمويين على الناس. فليعلم الاصحاب المتشدقون باهل البيت، انهم اهل رسالة وليسوا أهل خلافة .

نعم ان البيئة العلمية التي تربى فيها اهل البيت والامام الكاظم منهم،كان لها أبلغ الأثر في تكوين شخصية الامام الكاظم وصفاته الانسانية الرائعة،بيئة تسودها القيم الأنسانية والمثل العليا،فقد كانت بيوتهم معاهد علم وفضيلة،ومدرسة من مدارس الأيمان والتقوى،حتى غمرتهم المودة ،وعدم الكلفة ، واجتناب هجر الكلام ومرُه،وبذلك توفرت للامام باب الحوايج عناصر التربية الرفيعة والبعد عن الحرام واغتصاب حقوق الناس والمال العام.فهل يدرك الاصحاب اليوم سيرة هذه المدرسة ليتعلموا منها ما فاتهم من تقصير.؟

ايها العراقيون الزائرون لهذا الامام الفذ في ذكرى استشهاده العظيم ،عليكم ان تدركوا:ان الذين يحكمونكم اليوم هم ممن تواطئوا مع الغريب على احتلال بلادكم وتدميرها ونهبها والامام معرض عنهم، ولم يرضى عنكم ان تهاونتم معهم،. . والامر الاخربعد ان اصبحت بلادكم غابة للباطل وسرقت اموالكم والتهاون في دينكم ،ومقرا للفاتح الجديد ،بينما كانت بلادكم وطن موحد ليس فيها من غريب..

فلا تتوهموا ان بلادكم اليوم حرة بأيديكم .فهي أولا مدمرة ومستباحة ،وحكامكم غرباء عنكم لا يؤمنون بوطن ولا بوطنية ولا حتى بدين.

وصيتي لكم ان ترفعوا أيديكم الى الله وتطلبوا من امامكم ان يمحق هذه الفئة الباغية فهو مستجاب الدعاء عند الله لعدلة وتقاته،كما طلب النبي موسى(ع) من الله ان يمحق فرعون ،فأغرقه في بحر الفيضان الذي لا يرحم . ولا يوهمكم الجلاد بأنكم عبيد له وهو الذي منحكم الحرية لزيارته اليوم..نعم ..لكن هذا ما هو الا تستراً بهذه الآلاعيب عليكم ..

لقد قدم الامام الكاظم (ع) وصاياه لمن يتبعه من بعده فقال :

اياكم ومعصية الله ، وان لا تفقدوا طاعته ، وعليكم بالجد والمثابرة النظر الى رحمته ، ولا تخوا،ولا تسرقوا ،والتزموا بالحق وآفوا بعهد الله ولا تخونوا..؟ وقال ان في العدل سعة ،ومن ضاق عليه العدل فالجور عليه أضيق.

3

وقال ايها المؤمن : أستدم النعمة بالشكر،والمعذرة بالعفو ، والطاعة بالتآلف،والنصر بالتواضع ، ولا تنسى نصيبك من الدنيا نصيبك من رحمة الله، ولا تعمر البلاد بمثل العدل،ولا تجلس مجلساً الا ومعك من أهل العلم والآيمان ،ولا تخن ، ولاتسرق من اموال الرعية ،فأن الحق القديم لا يبطله شيء،ان العقل مضطر لقبول الحق.. وقال :

اجعلوا لانفسكم حظا من الدنيا بالزامك الحلال والابتعاد على الحرام ، احتاطوا لانفسكم ولا تسرفوا في مال او جاه ، لكي تستعينوا بها على امورالدنيا والدين، تفقهوا في دينكم بالحق كي يرضى الله عليكم ،ولا تطيعوا حاكما ظالما وان قسى عليكم..قاوموه حتى تزيلوا ما فعل.

طلبه هارون الرشيد لمجلسه فحضر فقال له الرشيد:يا ابن عمي ان دولتنا بحاجة الى شرعية نثبت فيها الدين..وأنتم اهل البيت اولاد عمومتنا شرعية الدين للناس فيكم ..هبني الشرعية بحضورك صلاة الجمعة واعترف باني امير المؤمنين احكم بشرع الله وسنة الرسول (ص) ولك الكرخ كله ،فرد عليه الامام قائلاً:

اسمع يا رشيد ،,لم يقول له يا الرشيد تصغيرا لمقامه :نحن اهل البيت لسنا طلاب سلطة ،بل طلاب حق وعدل كما قالها جدنا رسول الله لعمة ابوطالب :والله يا عم لو وضعت قريش الشمس في يميني والقمر في يساري على ان اترك هذا الامر الآلهي ما تركته حتى أهلك دونه.

اسمع يا رشيد: لا والله لن امنحك الشرعية والظلم فاشٍ ببابك،ولن ينقضي عني يوم من البلاء (وهو في السجن ) حتى ينقضي عنك يوم من الرخاء،وغدا نحن الأثنان أمام الله سواء يحكم بيننا بالعدل.

وحين يئسَ الرشيد من طلبه منه أمر بقتله فقتل في سجن الكرخ ومات شهيداً..هؤلاء هم العترة من اهل البيت ، فأين لنا اليوم ممن يدعون،وممن تعاونوا مع الغريب في احتلال الوطن وتدميره..

بأسمك يا كاظم الغيظ ، يا صاحب الرسالة للعدل والحق ، ان تنتقم من كل من خرب بلادنا ،وشتت شعبا ،وسرق اموالنا ، وجعلنا غرباء بين العالمين ..يا رب العالمين ..؟

موسوعة أهل البيت…