في سابقةٍ لمْ تسبقُها سابقة , لا في الزمن السابق ولا حتى في وقتٍ لاحق .! , فقد بلغت تعقيدات الوضع العراقي – الوزاري حدّاً اضحى فيه الشارع العراقي او الجمهور او ايضاً جمهور المتظاهرين ” لا فرق ” في كلّ اروقة العراق , ليرفضون مسبقاً قبول ايّ مرشحٍ لرئاسة الوزراء من قبل كتل احزاب الإسلام السياسي , ومنْ قبل الإعلان عن أسمه ! فأعضاء ومنتسبي تلكم الأحزاب متساوون في رداءتهم في نظر الشارع , ومهما تغيرت الوان البعض منهم في الإخراج والمونتاج وربما المكياج .
ولمْ يعُد غريباً هذا الموقف الشعبي تجاه اولئك بعدما ذاق العراقيون منهم الأمَرّين والحرمان وغير ذلك مما هو اقسى !
إنّما الغرابة أنّ قادة الكتل البرلمانية او قيادات احزابهم الحاكمة لا تلبث إلاّ أنْ تعلن وتقدّم مرشحاً جديداً لرئاسة الوزارة كلّ 48 ساعةٍ ونيف او اكثر او أقلّ من ذلك , وهم على دراية مسبقة أنّ مرشحهم سيواجه رفضاً جماهيرياً كالذي سبقه ! لكنّهم يعاودون الكَرّة وكأنّ ذلك اعترافٌ ضمنيّ بالفشل السياسي الشاسع , ولعلّ سلوكهم هذا هو مناورة خاوية المحتوى لكسب الوقت بأفتراضِ حصولِ مفاجآتٍ ما هي اقرب للمعجزات السياسية البالية , ولا يندهش المرء هنا الى انعدام ايّ توجّهٍ من هذه الأحزاب الحاكمة لإيجاد او تقديم مرشّحٍ يكون او يمثّل الحالة الوسطية بينهم وبين الشارع العراقي , فأنعدام الدهشةِ هنا مؤداها الى افتقاد منتسبي الأحزاب للوسطية اصلا طالما أنّ كياناتهم السياسية هي قوىً متطرّفة ومصنّفة جماهيرياً وعالمياً بهذا التطرّف الملازم للأرتباطات الخارجية .!
ثُمَّ , ومن خلال الإستجابة الأفتراضية لمقولة < ضرب المثال ليس بمحال > , ففي حال حصول توافقٍ ما لرئيس وزراءٍ جديد يحظى بموافقة جموع المتظاهرين الغاضبة وتوافق احزاب السلطة عليه , ومع احدث وآخر اعتبارٍ جديد بأن يقوم رئيس الجمهورية يوم غد بتكليف محافظ البصرة < اسعد عبد الأمير عبد الغفار العيداني – منظمة بدر > لرئاسة الوزراء , فهل هنالك من تساوره ظنون او شكوك بأنّ كتل هذه الأحزاب سوف تطالب وتستميت بالمطالبة لنيل حقيبة وزارة الداخلية والأجهزة الأمنية والأستخبارية المختلفة الأخرى , بالدرجةِ الأولى وبجانب وزاراتٍ سياديةٍ اخريات .! , وهنا فكأنّ البلاد لم تخرج من المربع الأوّل قيد انملة , وكأنّ لا تظاهرات ولا احتجاجاتٍ حصلت , ولا دماء اُريقت , كما وكأنّ الشهداءَ عادوا احياءً .! , ومع كلّ هذه المداخلات الشائكة فكما معروف أنّ الفترة الزمنية المحددة لرئيس الوزراء الجديد لا تتجاوز ستة شهور , فكيف لو كانت انتخابات جديدة ولرئاسة وزراءٍ ثابته .!
وهكذا فباتَ أن يترآى استباقياً أنّ ” الدوّامة ” الوزارية ستزداد سرعتها , ولعلها ستتحرّك في اكثر من اتجاه .! وهذا ما يجسّد أنّ اولى فقرات جماهير المتظاهرين هي حلّ البرلمان برمّته والغاء العملية السياسية بكل محتوياتها وتفاصيلها , وهذا ما قد يومئ ويوحي الى الأنتقال الى مرحلةٍ سياسيةٍ جديدةٍ وساخنة , وليس بمقدور رئيس الوزراء الجديد من تخفيف وطأتها وحرارتها , ولا حتى لدرجةٍ مئويةٍ واحدة .!