23 ديسمبر، 2024 11:11 ص

في جدل الثورة والانقلاب.. عفا الله عما سلف…

في جدل الثورة والانقلاب.. عفا الله عما سلف…

62 عاما والانقسامات مستمرة لتحديد حركة الزعيم عبد الكريم قاسم بين الثورة والانقلاب، قاعدة تحكمها العواطف والانفعالات في تحديد الخطأ مِن الصواب، فلا يمكن الحكم على مؤيدي الزعيم بانهم خاطئون ومن غير الصواب تخوين محبي الملكية وانصارها، وهذه قد تكون جزء مِن طبيعة العراقي الذي يتعاطف مع مِن يراه في موقف الضعف، او المغلوب على امره ولكل الطرفين مبرراته بالدفاع عن الزعيم او الاسرة الهاشمية….
اتذكر جيدا كيف كان عمي الذي اغتالته يد الارهاب في العام 2005، يضع صورة الزعيم عبد الكريم قاسم فوق التلفاز في منزلنا خلال عهد النظام السابق بشكل علني، وحينما تساله عن الاسباب يرد بثقة عالية.. الزعيم كان مظلوما اراد تغيير حياة الفقراء لكن الفرصة لم تكتمل… وكنت اتسال حينها ماهي الاسباب التي تدفع (عمي) للتصرف بهذه الطريقة على الرغم من مخاطرها في عهد صدام، لكنني وجدت الاجابة في نهاية التسعينيات حين ما، كان عمي يجير على اخفاءالصورة، عند دخول الضيوف لمنزلنا، نعم هي العاطفة الفطرية بمساندة مِن تعتقده مظلوما.
وفِي الحالتين سواء كان تحرك الزعيم ورفاقه في حينها ثورة او انقلابا فان النتيجة واحدة، والعاطفة الي تصرف بها عبد الكريم قاسم بعدم محاسبة مرتكبي الاخطاء خلال صبيحة 14 تموز، وتجاهل التحذيرات مِن تحركات عبد السلام عارف وحادثة، رفع المسدس بوجه مؤسس الجمهورية، التي رد عليها الزعيم بعفا الله عما سلف، ساهمت بفشل المشروع الذي اسقطت مِن اجله الملكية بعد وصول القتلة الحقيقين الى السلطة، مستغلين العاطفة التي يمتلكها العراقي والاندفاع في اتخاذ القرارات مِن دون حساب النتائج بصورة صحيحة.
ولعل ابرز حادثة عكست اللجوء للعاطفة مافعله المعارضين لقاسم خلال محاصرته في وزارة الدفاع حينما تجمع “عُبَّاد الله” لمساندته والدفاع عنه، استخدموا خلالها دبابات معلقة عليها صور الزعيم عبد الكريم قاسم لتجاوزا الجموع المؤيدة و”خداعهم” بان تلك الدبابات والعربات العسكري جاءت لانقاذ رئيس الجمهورية لكنهم تفاجؤا بفتح النار عليهم لدى الاقتراب مِن وزارة الدفاع وبذلك، انتهت حركة قاسم باستغلال العاطفة لتكون السيف ذاتها الذي انهى عهده كما اوصله لتأسيس اول جمهورية، لكن العاطفة في التعامل مع الحكومات لازالت مستمرة، فرئيس الوزراء مصطفى الكاظمي الذي لم يتحرك حتى الان لتحقيق اي انجاز يحسب له، نجد الكثير مِن المدافعين عنه، الذين يتهمون منتقديه بمحاولة اسقاطه والوقوف مع المعسكر الذي يمثل الحكومات السابقة.
الخلاصة… الانقسام في تحديد صفة تحرك قاسم يجب استغلاله في اعادة ضبط بوصلة التأييد للانظمة الحاكمة وجعل معيارها بما تقدمه مِن انجازات وخدمات للمجتمع وليس التحكم العاطفي الذي سينتج عنه خسارة المزيد مِن الوقت وضياع الفرص بالتصحيح.. اخيرا.. السؤال الذي لابد منه.. متى تنتهي الخلافات بين الثورة والانقلاب؟..