23 ديسمبر، 2024 12:48 ص

في تشريعات إقليم بارزان وجلال ؟!

في تشريعات إقليم بارزان وجلال ؟!

القسم الثامن
*- تزامن وصول حزب البعث للسلطة في تموز 1968 مع مجموعة من المتغيرات السياسية والإقليمية التي كانت في صالح حركة الملا مصطفى البارزاني ، فالدعم الأيراني للحركة زاد من القوة القتالية للأكراد ، وإعلان الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون بأن الولايات المتحدة مصممة على دعم الأنظمة المؤيدة لبلاده ومن ضمنها إيران . زاد من خشية بغداد من تعاظم الدور الإيراني في المنطقة ، فقامت الحكومة العراقية بعرض المفاوضات مع البارزاني . وفي 11/3/1970 تم التوقيع على إتفاقية الحكم الذاتي للأكراد بين الحكومة العراقية برئاسة ( أحمد حسن البكر ) وبين ( الملا مصطفى البارزاني ) زعيم الحركة الكردية المسلحة ، وعليه صدر القرار المرقم (288) في 11/3/1970 متضمنا ما تم الإتفاق عليه ، حيث نصت الفقرة (14) من القرار المذكور على ( إتخاذ الإجراءات اللازمة بعد إعلان البيان بالتشاور مع اللجنة العليا المشرفة على تنفيذه ، لتوحيد المحافظات والوحدات الإدارية التي تقطنها كثرة كردية وفق الإحصاءات الرسمية التي سوف تجرى ، وسوف تسعى الدولة لتطوير هذه الوحدة الإدارية وتعميق وتوسيع ممارسة الشعب الكردي فيها ، لجعل حقوقه القومية ضمانا لتمتعه بالحكم الذاتي ، وإلى أن تتحقق هذه الوحدة الإدارية ويجرى تنسيق الشؤون القومية الكردية عن طريق إجتماعات دورية تعقد بين اللجنة العليا ومحافظي المنطقة الشمالية . وحيث أن الحكم الذاتي سيتم في إطار الجمهورية العراقية ، فإن إستغلال الثروات الطبيعية في هذه المنطقة من إختصاص سلطات هذه الجمهورية بطبيعة الحال ) . وما ذلك الإحصاء إلا لمعرفة نسبة القوميات المختلفة في مدينة كركوك . التي كانت أمل السياسيين الأكراد في إظهار تفوق الهوية الكردية لسكان المدينة حسب قناعتهم بالإضافة إلى مدينة خانقين . إلا إن العلاقات بين الطرفين ساءت عندما أعلن البارزاني رسميا حق الأكراد في نفط كركوك . مما إعتبرته الحكومة العراقية إصرار على مخالفة الفقرة (14) المذكورة إعلاه وإعلانا للحرب ، الأمر الذي حدى بالحكومة العراقية في آذار 1974 إلى إعلان الحكم الذاتي للأكراد من جانب واحد فقط ، وعليه صدر قانون الحكم الذاتي رقم (33) لسنة 1974- المعدل بالقانونين المرقمين (151و28) في سنة 1978 و 1983 . دون موافقة الأكراد الذين اعتبروا القانون الجديد بعيد عن إتفاقية آذار1970 ، لعدم إعتبار مدينة كركوك وخانقين وجبل سنجار من المناطق الواقعة ضمن مناطق الحكم الذاتي للأكراد .
*- وقد يكون كافيا للدلالة على عدم حرص ساسة الحركة الكردية على تحقيق مطالبهم وطنيا ، منهجهم الخاطئ والممتد إلى الوقت الحاضر ، المتمثل في قول السياسي الكردي المعروف ( محمود عثمان ) في لقاء صحفي أجري معه في لندن سنة 2015 : (( لقد زرت إسرائيل مرتين برفقة الملا مصطفى البارزاني في عامي 1968 و1973، طالبين السلاح والمساعدة في فتح قنوات إتصال مع الولايات المتحدة ، وإن إسرائيل أرسلت إلينا الأسلحة ، لكنها كانت ذات طبيعة دفاعية , تمكنا من ضرب الجيش العراقي فيها ، كما أرسلت جنود إسرائيليين قاموا بتدريب الأكراد شمال العراق من رجال ونساء ( بيشمركة ) على حمل السلاح في فترات وسنوات متقطعة , وحسب معلوماتي أن مسعود قد زارها ثلاث مرات وولده مسرور دائم السفر إليها ، مؤكدا على أنه لا توجد ديمقراطية في الإقليم وهناك أزمة حكم في كوردستان ، وتحول الوضع إلى دكتاتورية مقيتة , حتى أن الجيل الجديد وخاصة من أنصار حركة التغير ، أخذ يرفض إقامة دولة كوردستان بغضا بعائلة البارزاني )) ، مع العلم أن المذكور كان رئيسا للوفد الكوردي المفاوض مع الحكومة العراقية ، الذي أثمر عن الإتفاق الذي عرف ب ( بيان 11/ آذار ) . الذي أثيرت حوله الكثير من التساؤلات وعن حقيقة مضمونه ، وإتهام كل طرف ومؤيديه للطرف الآخر بعدم تنفيذه ، أو التخلي عن التعهد بإلتزامه وضرورة تطبيقه .
*- إن عدم إستكمال إجراءات الإحصاء السكاني المقرر إنجازه لمعرفة نسبة عدد سكان كل قومية موجودة في المناطق السكانية للأكراد ، ومن ثم عدم تحديد علاقتها وإرتباطها بالوحدات الإدارية التي يقطنونها ، أدى إلى وأد إتفاقية 11 آذار بعد وقت قصير من ولادتها ، وما كان للقتال إلا أن يتجدد في العام 1974 ، لينتهي بإندحار الحركة الكردية المسلحة في سنة 1975 ، وهي السنة التي شهدت ظهور معاهدة الحدود الدولية وحسن الجوار ، المعقودة بين حكومة الجهورية العراقية والحكومة الإمبراطورية الإيرانية ، الموقع عليها في بغداد بتأريخ 13/6/1975 والمصادق عليها بالقانون رقم (69) في 9/6/1976 . والتي كانت من العوامل الرئيسة والمساعدة في حسم الإقتتال الدائر في شمال العراق ، ومن ثم فرض الدولة لمشروع الحكم الذاتي الذي أعدته لمنطقة كردستان . خاليا من إعتبار مدينة كركوك وخانقين وجبل سنجار من المناطق الواقعة ضمن منطقة الحكم الذاتي للأكراد . على وفق رؤية الحركة الكردية المسلحة .
*- إن إعلان الحزبيين والسياسيين الأكراد للعصيان المسلح عمليا ضد جميع الحكومات العراقية وإن إختلفت التوجهات السياسية لكل منها ، بدعم مباشر من قبل عدد من الدول الأجنبية وخاصة إيران ، كان على حساب إستمرار زعزعة أمن العراق وعدم إستقراره ، كما إن إستغلال عناصر الحركة الكردية المسلحة مرونة التعامل الإنساني والأخوي المتبع من قبل الحكومات العراقية ، أدى إلى نشوء معضلة عراقية بإسم الحركة الكردية المسلحة ، ينذر إستمرارها بذات منهجها على نهايتها بإنتهاء زعاماتها القبلية التقليدية والحزبية السياسية الجديدة ، وإلا بماذا نفسر كل الإدعاءات المتعارضة مع نصوص القوانين الأساسية المتكررة ، وغيرها من الإثباتات الإضافية لحسن النوايا والمقاصد قبل إعلان بيان الحادي عشر من آذار ، مثل القرار المرقم (59) في 5/8/1968 المشار إليه في الفقرة (6/أ) من البيان ، بشأن تمديد العمل بفقرتين منه لصالح من ساهم بأعمال العنف في المنطقة الكردية . وكذلك القرار المرقم (484) في 9/10/1969- الخاص بتوطيد دعائم التضامن والأخوة بين العرب والأكراد وكافة الأقليات القومية . والقرار المرقم (446) لسنة 1969- المتعلق بإعطاء المواطنين في المنطقة الشمالية من العراق ، حق إختيار الدراسة في اللغة الكردية لكافة المناهج الدراسية حتى نهاية مرحلة الدراسة الثانوية . إضافة إلى ما قضى به القرار المرقم (89) في 24/1/1970 بحق الأقلية التركمانية في التمتع بحقوقها الثقافية في المناطق التي تسكنها . والقرار المرقم (211) في 27/5/1969 بإحداث لواء دهوك .