قبل ايام أعلن احد النواب عن ارقام مرعبة تمثل في مجموعها حجم موازنة العراق، على مدى السنوات التي اعقبت سقوط نظام صدام في عام 2003 والتي قدرها بأكثر من 500 مليار دولار، وهذا الرقم يصعب تخيله او حسابه، وبإمكانه ان يبني العراق ودول المنطقة جميعها بأحدث المواصفات العالمية، وينهي الفقر والتخلف ويجعل من بغداد وباقي المحافظات، حاضرة من حواضر الدنيا وليس دبي التي نتحسر على ان نكون مثلها، في وقت كانت دبي تمثل بغداد بالنسبة لها منتهى الاحلام.
وفي نهاية كل عام يسمع المواطن ان موازنة العام المقبل انفجارية، وان حجم الاموال المرصودة ستغطي كافة الاحتياجات، وان ايام الفقر والمعاناة لن يكون لها صبح وان حصة وحق المواطن مكفولة، في ظل الدستور والبرلمان والحكومة، وتمر الايام وتنتهي الاشهر وتنقضي السنين، ولا يجد المواطن البسيط اي إثر لتلك الوعود التي تطلقها الحكومة مع نهاية وبداية كل سنة.
ومن المعروف ان موازنة العراق لعام 2014 لا تختلف عن الحلقة المفرغة التي نواجها كل عام وهي بشائر الخير قبل الاقرار، ومعارك طاحنة اثناء الاقرار وفساد وضياع وهدر بعد الاقرار، وليس ادل على ذلك هو انقضاء الشهر الرابع من العام 2014 ولم يتم الاتفاق على اقرار الموازنة، التأخير يمثل انتكاسة كبيرة في بناء الدولة وهدر المال العام وتعطيل متعمد للكثير من الممارسات اليومية للدولة ولأبناء الشعب العراقي.
الضياع المبرمج للمال العام الاستنزاف المتواصل بسبب عدم اقرار الموازنة، والذي يقدر يوميا بثلاثين مليار دينار ولو تم حساب هذا المبلغ على عدد الايام التي انقضت من السنة ولم يتم اقرار الموازنة فيها لوجدت ان الرقم مخيف، وانه يكفي لبناء الاف الوحدات السكنية وبناء العشرات من المراكز والمصحات الطبية، ومثلها مدارس وجامعات ومعاهد ويكفي هذا المبلغ، لفتح مئات بل الاف الورش ومنح القروض الميسرة الصغيرة لتشغيل العاطلين وتأهيل الارامل والمطلقات.
هل ان العدل في هدر يوميا عشرات المليارات من الدنانير بسبب الخلافات الشخصية والحزبية، وبسبب عدم الشعور بالمسؤولية في وقت يعاني الكثير من ضنك العيش، وعدم وجود سكن حقيقي يليق بالإنسان ويحترم انسانيته؟
لا يلوح في الافق حل لمثل هذه المشاكل سوى التغيير، المطلوب بعد عجز محللي الساسة والمال والاقتصاد والمواطن اولا.