المعروف ان تاريخ العراق كان خاليا من الكوادر العلمية في زمن الاحتلال العثماني..وحين انتهت الحرب العالمية الأولى عام ١٩١٨م لم تكن في العراق معاهد وكليات تخرج أطباء ومهندسين واستاذة جامعة..حتى اننا في عام ١٩٥٨ حين دخلنا الابتدائية كان اغلب المعلمين من حملة شهادة السادس الابتدائي..
ما اريد ان ادونه للتاريخ حتى لا تضيع جهود الفنيين الذين اغلبهم آميين ولكنهم قاموا مقام مهندسين انكليز تخرجوا من جامعات اوربا..المعروف ان جميع المهندسين البحريين كانوا من الانكليز وكانوا يقيمون بأعمال صيانة وقيادة الحفارات التي تقوم بحفر الاعماق في شط العرب والساحبات والزوارق.التي تقوم باعمال الاقلاع والاساء واعمال الخدمة للقطع البحرية
وهناك اعمال فنية بحته ومهمة ابرزها اعمال الهندسة البحرية والمسح البحري وصيانة جميع مكائن البواخر العاملة في الموانيْ. وكذلك ربابنة البواخر٠الذين يقومون بقيادة البواخر والسفن العملاقة .
كذلك مشغلي مولدات محطة الكهرباء( باور هوز) لانه لم تصل الكهرباء في وقتها الى الفاو والموانيء العراقية فكان التشغيل ذاتي من المحطة المذكورة . وحين سقط النظام الملكي عام 1958غادر جميع الكوادر الفنية البريطانية الموانيء العراقية ومحطات السكك الحديد وكوادر المطارات المدنية.. فتوقف العمل لأيام في ميناء الفاو حين وجدت رئاسة الميناء وضعا طارئا لم تعهده الدوائر العراقية من قبل..مما دفع حكومة عبد الكريم قاسم الى اتخاذ قرارين مهمين.
.الأول: مناشدة الاتحاد السوفيتي إرسال مهندسين خبراء بحريين روس الى الموانيء العراقية باسرع وقت. لالسد النقص الحاصل في الكادر الهمدسي المتقدم
.ثانيا: قامت الحكومة العراقية باجراء سريع إرسال الطلاب المتفوقين دراسيا {خريجي الخامس الثانوي} اغلبهم من ابناء الجنوب العراقي في دورات سريعة على حساب الدولة العراقية الى جامعات اوربا البحرية للتخصص باعمال الهندسة البحرية ..خلال هذه الفترة وبسبب الاوضاع الجديدة حدث فراغ فني مهم جدا بسبب تأخر وصول الكوادر الروس. فتقدم العمال العراقيون ممن عمل واكتسب خبرة من المهندسين الانكليز لتحمل المسؤولية. والقيام باعمال المهندسين الانكليز. ولم تجد رئاسة الموانئ العراقية حلا غير الانصياع لمقترح العمال العراقيين.
فقام العمال العراقيون الفنيون وأغلبهم آميين وافضلهم ممن لم يكمل الدراسة الابتدائية قاموا بعمل مميز بمهام المهندسين البحريين.واخرون قادوا البواخر والحفارات بمقام الربابنة حملة الشهادات البحرية الأوربية.والغريب انهم لم يطالبوا بتغيير مهنهم ولم يطالبوا بفرق الراتب. وتم تثبيت بعضم ممن اثبت كفاءته وبقي لحين احالته على التقاعد. وهو امي ولكن خبرته واداءه يتفوق على اقرانه المهندسين.
.لم يتوقف العمل الا ايام قليلة بسبب غياب وسفر المهندسين الانكليز لم يؤثر على سير الاعمال الفنية البحرية بسبب وجود هؤلاء الفنيين الذين اشتغلوا بنكران ذات منقطع النظير.. واثبت العامل العراقي حبه لوطنه وشعبه ..كانت ملحمة وطنية ادونها لا بناء العراق حتى يخلدها التاريخ.