18 ديسمبر، 2024 5:58 م

في الصميم : بين الرز المسلوق والمغسول

في الصميم : بين الرز المسلوق والمغسول

قد يَكون العراقيون هم وحدهم من يسمي الرز (تمن) ولهذه التسمية قصة مفادها أن التسمية محورة عن كلمة (تين مين) الانكليزية والتي تعني عشرة رجال فيقال في بداية الاحتلال البريطاني للعراق كانت القوات المحتلة توزع على جنودها أكياساً من الرز وقد كتبت عليها عبارة (ten men) أي عبوة لعشرة جنود فتداولها العامة واختصرت للتبسيط فأصبح للزر اسم عراقي جديد هو التمن! وبغض النظر عن مدى صحة الرواية، إلا أننا ومنذ أن وعينا في هذه الحياة وجدنا هذا النوع من الحبوب اسمه تمن باللهجة العراقية واشتهرت مدن بزراعة الرز العنبر الفاخر ذي النكهة الطيبة فيقال عنبر الشامية وعنبر المشخاب وأصناف الخضراوي والنكازة وغيرها الكثير إضافة إلى اشتهار عائلات امتهنت تجارة الرز مثل عائلة الشخصية العراقية الوطنية المرحوم الشيخ جعفر أبو التمن النائب والوزير في بداية الحكم الوطني في العراق.

وكان التمن وما زال طبقا رئيسياً في المائدة العراقية والمرأة العراقية تفننت في تقديمه في أشكال متعددة وأنواع مختلفة الأبيض والأحمر والكاري والبرياني أو كما يسميه أهل بغداد التاجينة وتمن العدس وتمن الباقلاء وتمن الماش وحتى أن طحين التمن العنبر يستخدم في أهوار الجنوب خبزاً لذيذاً على الصاج، ودخل التمن في الأمثال الشعبية البغدادية فتلك الزوجة البغدادية التي أرادت أن تذكر زوجها بتدبيرها المنزلي ومشاركتها للزوج في تكوين البيت وبنائه فتقول (سويتلك يا رجل بيت ومن تمن المغسول ضميت) وإلى هنا والقضية لا جديد فيها إنما الجديد في الموضوع إن محافظة عراقية استوردت لمواطنيها تمن (نصف سلق) حرصاً منها على راحة ربات البيوت ويعترف احد مسؤولي المحافظة في لقاء تلفزيوني بأن الرز صالح لغاية 2018 لكن الناس غير متعودين على التمن المسلوق نصف سلق!

والسؤال هنا أما كان للسيد المسؤول أن يعرف مسبقاً الذائقة العراقية وطبيعة المائدة العراقية قبل توقيع هذا العقد وما الذي أجبرهم على استيراد هذا النوع من الرز بالتحديد بدون غيره إذا كانت العائلة العراقية غير متعودة عليه خصوصا وان أهلنا معروفون بكرم الضيافة والتذوق وإلا كيف يطبخون التمن (نص ستاو) على طريقة برنامج المرحوم الفنان راسم الجميلي عفوا نص سلق ونحن نعرف أن الطبخ والأكل تقاليد ومزاج؟

نقلا عن صحيفة المشرق