أستهلال :
في هذه السلسلة من المقالات ، سأتكلم عن بعض المؤشرات في الشخصية المحمدية ، وسأستعرض ذلك من خلال بعض الوقائع والأحداث ، والموضوع الأخر في هذه السلسلة هو ” من الرعي الى الحكم ” وهدفي في هذه المقالات هو بيان التغيير في النهج العقلي لشخصية الرسول ، وبيان العوامل التي أثرت على فعلها ..
المقدمة :
أرجو الأطلاع على السرد التالي لبعض المراحل الحياتية والسياسية والدعوية .. للرسول / ومن المؤكد أنها لم تشمل كلها ولكنها الأميز ، علما أن المراحل الأخرى ذكرت في باقي سلسلة المقالات – والتي أوردتها حسب الروايات الأسلامية ، دون أي تعليق ، تاركا مجمل قراءتي لنهاية هذا البحث المختصر .
النص :
بروز غير عادي للرسول محمد ، من راعي غنم معدم فقير الى رسول من ثم حاكم ، كيف تكونت هذه الشخصية لكي تتأهل الى كل هذه المكانة ، من المؤكد كانت هناك عوامل ومؤثرات أدت الى تغيير في عقلية الرسول حتى يتأهل لهذا الدور ، وقبل قراءة الحدث أرى أن نتعرض لهذه المحاور من حياة الرسول من وجهة النظر الأسلامية : * رعي الغنم : الرسول بدأ حياته راعيا ، ففي صحيح البخاري” كتاب الإجارة ” باب رعي الغنم على قراريط ، الحديث المرقم 2143حدثنا أحمد بن محمد المكي حدثنا عمرو بن يحيى عن جده عن أبي هريرة عن النبي قال : ما بعث الله نبيا إلا رعى الغنم فقال أصحابه وأنت فقال نعم كنت أرعاها على قراريط لأهل مكة ، قوله : ( على قراريط لأهل مكة ) في رواية ابن ماجة عن سويد بن سعيد عن عمرو بن يحيى : كنت أرعاها لأهل مكة بالقراريط ، وكذا رواها الأسماعيلي عن المنيعي عن محمد بن حسان عن عمرو بن يحيى ، قال سويد أحد رواته : يعني : كل شاة بقيراط ، يعني : القيراط الذي هو جزء من الدينار أو الدرهم . * التجارة : كذلك عمل الرسول في البيع والشراء ، وقد جاء في موقع الأسلام سؤال وجواب – أنقله بتصرف ، التالي ( عمل الرسول بالتجارة قبل البعثة مع عمه أبي طالب ؛ وعمل لخديجة كذلك ، وسافر لذلك إلى بلاد الشام ، وكان أيضا يتاجر في الأسواق ؛ فمجنة ، وعكاظ : كانت أسواقاً في الجاهلية ، وكان التجار يقصدونها للبيع و الشراء .وكان الرسول يباشر البيع بنفسه ، كما سيأتي في حديث جمل عمر ، وجمل جابر ، أو يُوكل ذلك إلى أحدٍ من أصحابه ، كما في عُرْوَةَ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ الْبَارِقِيِّ قَالَ : أَعْطَاهُ النَّبِيُّ دِينَاراً يَشْتَرِي بِهِ أُضْحِيَةً – أَوْ شَاةً – فَاشْتَرَى شَاتَيْنِ ، فَبَاعَ إِحْدَاهُمَا بِدِينَارٍ ، فَأَتَاهُ بِشَاةٍ وَدِينَارٍ ، فَدَعَا لَهُ بِالْبَرَكَةِ فِي بَيْعِهِ ، فَكَانَ لَوِ اشْتَرَى تُرَابًا لَرَبِحَ فِيهِ ) .
* زواجه من خديجة : أن زواج الرسول من خديجة شكل مؤشرا مهما في حياة الرسول المستقبلية ، فهو زواج مدروس بأتقان ، شاب يتزوج من أمرأة ثيب / تزوجت قبله برجلين – قال ابن كثير : قَالَ الزُّهْرِيُّ : وَقَدْ كَانَتْ خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ تَزَوَّجَتْ قَبْلَ الرَسُولِ بِرَجُلَيْنِ ; الْأَوَّلُ مِنْهُمَا عَتِيقُ بْنُ عَائِذِ بْنِ مَخْزُومٍ ، فَوَلَدَتْ مِنْهُ جَارِيَةً وَهِيَ [هند] أُمُّ مُحَمَّدِ بْنِ صَيْفِيٍّ ، وَالثَّانِي أَبُو هَالَةَ التَّمِيمِيُّ فَوَلَدَتْ لَهُ هِنْدَ بْنَ هِنْدٍ . لأنه قد قيل : إنه اسم أبي هالة هند .
وكانت خديجة تكبر الرسول ب 15 سنة ، بينما كان الرسول في مقتبل العمر ، ففي موقع / قصة الأسلام ، يبين التالي ( روى ذلك ابن سعد في الطبقات عن الواقدي وفيه : وتزوجها الرسول وهو ابن خمس وعشرين سنة ، وخديجة يومئذ بنت أربعين سنة ) ، ويبين الرسول فضل خديجة على حياته كلها ، حيث جاء في الموقع التالي https://ar-ar.facebook.com ( والله ما أبدلني الله خيراً منها . قد آمنت بى إذ كفر بى الناس وصدَّقتنى إذ كذبنى الناس ، وواستنى بمالها إذ حرمنـى الناس ورزقنى الله أولادها وحرمنى أولاد الناس ) .
النبوة : نزل الوحي على الرسول حسب الروايات الأسلامية وهو بعمر 41 سنة ، أي بعد زواجه من خديجة بحوالي 16 سنة ، ففي موقع موضوع – أنقل التالي بتصرف ( نزل الوحي على النَّبي في شهر رمضان ليلة القدر يوم الاثنين قبل طُلوع الفجر في تاريخ الحادي والعشرين ، كان حينها يبلغ من العُمر إحدى وأربعين سنةً ، وهو معتكف في غار حِراء ، يذكر الله ويعبده كما اعتاد ذلك كلَّ سنةٍ في شهر رمضان .. ) ، وأقترنت بعثته بنزول خمس أيات ، فقد جاء في موقع / مركز الأشعاع الأسلامي ، أنقله بتصرف ( بُعث محمدٌ ، نبياً في 27 من شهر رجب عام 13 قبل الهجرة ، واقترنت بعثته بنزول خمس آيات من القرآن ، و هي الآيات الأولى من سورة العلق ، ” اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ” ﴾ .
الغزوات : بعد النبوة كان الرسول حاكما ، بل كان أمير غزو ، وقد أختلف الرواة في عدد غزواته ، ففي موقع الفجر- نقل بتصرف ، أنقل التالي ( قد ورد في صحيحي مسلم والبخاري أنّه قيل لزيد بن أرقم : ” كم غزا النّبي من غزوة ؟ قال : تسع عشرة ، قيل : كم غزوة أنت معه ؟ قال سبع عشرة قلت ، ـ القائل هو ابو اسحاق السبيعي الرّاوي عنه – فأيّهم كانت أوّل ؟ قال : العسيرة أو العشيرة ” ، ونقل أهل السّير أنّ النّبي قدا غزا خمساً وعشرين غزوةً ، وقيل أنّها كانت سبعاً وعشرين ، وقيل أنّها تسع وعشرون .. وقد أورد ” الحافظ ابن حجر ” طريقةً للجمع بين هذه الأقوال ، ومنها أنّ الذين أشاروا إلى العدد الكبير من الغزوات قاموا باحتساب كلّ واقعة لوحدها .. ) .
الدعوة : هناك تتطور في عقلية الرسول بالأنتقال من الدعوة السرية الى الدعوة الجهرية ، ونلاحظ ذلك في التالي ، نقل بتصرف (( الدعوة السرية : في هذه المرحلة تم دعوة الأقربين ، وكان أولهم زوجه خديجة وابن عمه علي بن أبي طالب ، ومولاه زيد بن حارثة ، وأبا بكر الصديق وعثمان بن عفان ، والزبير بن العوام ، وعبد الرحمن بن عوف ، و سعد بن أبي وقّاص .. أما الدعوة الجهرية : فكانت بعد ثلاث سنواتٍ من بعثة النبي – حيث جاء في ذلك قوله : ( فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ ) ، وقوله تعالى : ” وَأَنذِرْ عشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ*وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ*فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ غزوةً ” / نقل من موقع الفجر )) .
الدعوة عبر الحدود : وطموح الرسول الكبير جعل منه أن يخاطب ملوكا لدول ، كانت في حينها الأعظم والأكبر ، فقد جاء في / موقع الرحمة المهداة ، التالي – نقل بتصرف (( أرسل النبي رسائل للملوك والأمراء في عصره يدعوهم إلى الإسلام ، ومنهم : كسرى وقيصر .فعن أنس ، أن الرسول ، كتب إلى كسرى وقيصر وإلى النجاشي – وهو غير الذي صلّى عليه – وإلى كل جبّار يدعوهم إلى الله ـ عز وجل ـ رواه مسلم )) .
وصية الرسول التي لم تكتب – أفول عهد الرسول وبداية العصيان : أراد الرسول في أخر حياته أن يكتب للصحابة كتاباً كي لا يضلّوا من بعده ، وربط وبين عدم الضلالة ، وهذا يعني إنّ كتابة الكتاب من أهم وصاياه التي يجب مراعاتها بعد وفاته ، لكن بعضهم عصوا أمره ، ولم يكتفوا بالعصيان بل اتهموه ” بأنه يهجر ” ، تنص الرواية أنّه قال : « ائتوني بكتابٍ أكتب كتاباً لن تضلّوا بعده أبداً » ، فتنازعوا ، ولا ينبغي عند نبي تنازع ، فقالوا ” هجر رسول الله ” ، فقال : دعوني فالذي أنا فيه خير ممّا تدعونني إليه ( صحيح البخاري 4 : 85 . وصحيح مسلم 3 : 1258 . وتاريخ الطبري 3 : 193 . والكامل في التاريخ 2 : 320 . وتاريخ ابن الوردي 1 : 129 ) . وفي رواية أخرى : قالوا : ما شأنه ؟ أهجر ! إستفهموه ، فذهبوا ( يعيدون عليه ) القول – تاريخ الطبري 3 : 193 . وتاريخ ابن الوردي 1 : 129 . والكامل في التاريخ 3 :320 .. .ويؤكد المؤرخون ان ( عمر بن الخطاب ) هو الرادّ على الرسول .. نقلت بعض الفقرات وبتصرف من موقع / منتدى الكفيل ، وهذه الفقرة تدل على أن الرسول لم يكن أميا !! ، لأنه قال « ائتوني بكتابٍ أكتب كتاباً لن تضلّوا بعده أبداً » ولم يقل ( أكتبوا عني كتابا .. ) ! .
القراءة والرؤى :
1 . لا بد لنا بادئ ذي بدأ ، أن نقر بأن هناك الكثير من المناطق الرمادية في مراحل حياة الرسول ، وهذه الرمادية تغطي أو تتخلل بين كل ما أسلفا سردا في أعلاه ، وكذلك غير ذلك من الفترات التي نهجتها العقلية المحمدية كقرار أو فعل ، وبكل ما يتعلق من جراء ذلك من أحداث أو وقائع ، ولكن القدسية التي فرضها الشيوخ على ” الموروث الأسلامي ” جعل مجرد الأقتراب من هذه المناطق محرم ، مثال ذلك ” قصة الأسراء والمعراج ” ! أو واقعة زواج الرسول من طليقة أبنه بالتبني زيد ” زينب بنت جحش ” !
2 . أن الأب الروحي للرسول هو ” ورقة بن نوفل ” ، ويجمع الأثنين جد واحد ، ( ورقة بن نوفل ، هو أحد الحنفاء في الجاهلية اسمه : ورقة بن نوفل بن أسد بن عبدالعزى بن قصى الذى يجتمع نسبه مع نبي الاسلام في قصى بن كلاب الجد الرابع لنبي الاسلام / نقل من www.forum.ok-eg.com ) ، كان ورقة الصاحب والمرافق والموجه والمعلم والمترجم والمصدر المعلوماتي للرسول ، كما كان ورقة هو المرجع المعتقدي للرسول ، ( ولجأ محمد لورقة بن نوفل في تفسير جميع الوقائع التي حدثت معه ، لذا يمكن اعتباره بأنّهُ مُرشِد الرسول الذي علّمهُ سائر الديانات السماوية وقصص الأنبياء السابقة .. وعند وفاة ورقة خلِفه صديقه القسّ بحيرى في كتابة القرآن وتعليمه ، وكان عمر نبّوة محمد أربع سنوات / نقل من موقع موضوع ) ، ليس من عقلية أثرت على الرسول قبل وبعد الدعوة كورقة بن نوفل ، وممكن أن نستشهد ذلك من الأتي : أولا – تساؤلات .. دور ورقة في نزول الوحي !، وما هو تأثير ورقة من أستمرار نزول الوحي من عدمه !، وهل الوحي ألهي أم وحيا مستوحى من شخصية ورقة !، ولماذا فتر الوحي بموت ورقة عام 6 للهجرة !، وروى البخاري (4953) حديث عائشة في بدء الوحي وفيه إخبار النبي ورقة بما رأي ، وقول ورقة له : ” إِنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ حَيًّا أَنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا ” قالت عائشة : ” ثُمَّ لَمْ يَنْشَبْ وَرَقَةُ أَنْ تُوُفِّيَ ، وَفَتَرَ الوَحْيُ ” .، ثانيا – وقد بلغ الحزن بالرسول أنه أراد الانتحار ، فقد جاء في موقع / منتديات غرفة الغدير المباركة ، التالي : ( حتى حزن النبي فيما بلغنا حزناً غدا منه مراراً كي يتردى من رؤوس شواهق الجبال ، فكلما أوفى بذروة جبل لكي يلقي منه نفسه تبدّى له جبريل ، فقال يا محمد إنكَ رسول الله حقاً ، فيسكن لذلك جأشه وتقر نفسه فيرجع – عن الإنتحار – فإذا طالت عليه فترة الوحي غداً لمثل ذلك فإذا أوفى بذروة جبل تبدى له جبريل فقال له مثل ذلك ) ، وهذا الحديث المثير للجدل ، يجعلنا أن نتساءل كيف لرسول أن ينتحر وهو مبلغ برسالة ألهية ! ، ومن جانب ثان كيف يظهر جبريل للرسول وقد ” فتر الوحي بموت ورقة ” ! ، ثالثا – هناك منزلة كبيرة لورقة عند الرسول ، فقد جاء في سنن الترمذي :” سُئلَ الرَسُول عن ورقَةَ فقالت لهُ خديجةُ إنَّهُ كان صدَّقَكَ وإنَّهُ ماتَ قبلَ أن تظهَرَ فقَالَ الرَسُولُ أريتُهُ في المنامِ وعليهِ ثيابُ بياضٍ ولو كانَ من أهلِ النَّارِ لكانَ عليهِ لباسٌ غيرُذلكَ ” .. وتساؤلي ، هل لقس حسب المعتقد الأسلامي أن ينال الجنة ! . أن الشخصية المحمدية لغاية موت ورقة كانت مسيرة وليست مخيرة ، وفق عقلية المعلم الأول والموجه الرئيس ، ورقة بن نوفل ! .
3 . كتابة القرآن : من نقل من من !! ، وروح النص والمعنى متشابه !! ، للرسول علاقة قوية من الناحية الفكرية ، مع أثنين من معاصري زمانه وهما ، ورقة بن نوفل / الذي تكلمنا عنه سابقا ، وأمية بن أبي الصَّلْت الثقفي / المتوفي سنة 630 م ، ويقال له ” أبو الحكم ” ، شاعر جاهلي ومن رؤساء ثقيف ، أشتُهر بالحنيفية والتوحيد وكان من الدعاة إلى نبذ الأصنام وتوحيد الإله . وله (( ديوان شعر .. وأكثر شعر الديوان في المسائل الدينية : تأمُّلاً في الكون ودلالته على ربوبية الله ، ووصفًا للملائكة وعكوفهم على تسبيح ربهم والعمل على مرضاته وإخبارًا عن اليوم الآخر وما فيه من حساب وثواب وعقاب ، وحكاية لقصص الأنبياء مع أقوامهم ، ومن الشعر الديني المنسوب إليه ما يقترِب اقترابًا شديدًا من القرآن الكريم معنًى ولفظًا ، وكأننا بإزاء شاعر وضَع القرآن بين يديه وجَهَد في نَظْم آياته شعرًا / نقل من موقع الألوكة وديوان العرب )) .. وهناك تشابه أخر روحا ومعنى في سورة مريم ” وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا (16) فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا (17) قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا (18) قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا (19) قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا (20) قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آَيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا (21) فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا (22) فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا (23) ” .. وبنفس الشأن يقول أمية ” وَفي دينِكُم مِن رَبٍ مَريمَ آيةٌ مُنَبِّئَةٌ بِالعَبدِ عِيسى اِبنِ مَريمِ (1) اَنابَت لِوَجهِ اللَهِ ثُمَّ تَبتَّلَت فَسَّبَحَ عَنها لَومةَ المُتَلَوِّمِ (2) فَلا هِيَ هَّمَت بالنِكاحِ وَلا دَنَت إِلى بَشرٍ مِنها بِفَرجٍ وَلا فَمِ (3) ولَطَّت حِجابَ البَيتِ مِن دُونِ أَهلِها تغَيَّبُ عَنهُم في صَحاريِّ رِمرِمِ (4) يَحارُ بِها السارِي إِذا جَنَّ لَيلُهُ ولَيسَ وإِن كانَ النَهارُ بِمُعلَمِ (5) تَدّلى عَليها بَعدَ ما نَامَ أَهلُها رَسولٌ فَلم يَحصَر ولَم يَتَرَمرَمِ (6) فَقالَ أَلا لا تَجزَعي وتُكذِّبي مَلائِكَةً مِن رَبِ عادٍ وجُرهُمِ (7) ” .. مما سبق نلاحظ الكثير من التشابه والتماثل بين النصين !! . رجوعا الى القس ورقة ، يقول بعض الباحثين غير المسلمين (( أن محمد تلقى القرآن وتعاليم الرسالة الإسلامية عن القس ورقة بن نوفل ، خصوصاً أن ورقة كان نصرانيا و متمكناً من العبرانية و من معرفته بالأديان .. / منتديات غرفة الغدير المباركة )) ، وفي نفس الصدد يبين ” يوحنا الدمشقي ” في كتابه الهرطقة : (( قال يوحنا الدمشقي إن رسول الإسلام محمداً كان يقتبس كلام ورقة بن نوفل لكتابة القرآن . وقال إن ورقة بن نوفل قام بترجمة الانجيل ” المحرف ” إلى العربية ، وأن قسا نسطوريا كان يترجم بعض الأناجيل إلى العربية )) . أن الشخصية المحمدية ، بفطنتها أستخدمت كل النتاج الفكري لكل هؤلاء – والراهب بحيرى ، في سياق كتابة وأستلهام نصوص القرأن ، وذلك لأن الرسول كان ملتصقا بهم ومعاشرا لهم وتلميذا في رحاب فكرهم ومطلعا على طقوس معتقدهم ، هكذا كانت العقلية المحمدية مرتكزة على المراجع المعتقدية لهؤلاء الرجال ! .
4 . أن الشخصية المحمدية ، بالرغم من كل علاقاتها الوثيقة بعلية القوم من المسيحيين / القس ورقة والراهب بحيرى ، وغيرهم كأمية بن أبي السلط والتي نصوصهم المعتقدية كلها ، محبة وتسامح وتضحية وغفران ، لكننا نرى من جانب أخر ، أن الشخصية المحمدية شذت عن نهجهم وعن خطى سيرهم المعتقدي / خاصة في مفردة المحبة ، فهي تطورت الى نحو دموي – في قتل يهود بني قريظة ، ودفع الجزية – ( قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّىٰ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ / سورة التوبة 29 ) ، والى سبي النساء – خاصة سبي الرسول نفسه لصفية بنت حيي ، وقد ورد لأحد السائلين في موقع الأسلام سؤال وجواب ، السؤال التالي ( كيف ستشعر هذه المرأة التي قُتل أبوها وأخوها وزوجها في الحرب على أيدي جيش محمد وهي ترى نفسها في آخر النهار على نفس السرير مع قاتلهم ؟ وأشير بذلك إلى صفيّة بنت حيي ! لا يمكن لربٍّ أن يقول بذلك أبداً .. ) . أن الشخصية المحمدية تتغير حسب الظرف والزمن والحدث ووفق مقتضيات المصلحة والسياسة !! ، ونرى بالرغم من كل ذلك يقول عنه النص القرأني : ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ / سورة الأنبياء 107 ) !! .
الختام :
ما وددت أن أختم به هذا الجزء ، أن الشخصية المحمدية ، نتيجة علاقاتها ووجودها بالقرب من أشخاص محددين بالذات / القس ورقة بن نوفل وأمية بن أبي الصلت والراهب بحيرى وأخرين ، قد أعتمدت هذه الشخصية أفكارا ونصوصا لأخرين من أجل أستخدامها أو توظيفها بطريقة أو بأخرى في نصوص محمد المعتقدية ، دون أذن منهم ، ولكل أفكار حقوق لا يجوز أستغلالها من قبل الأخرين / هذا بالطبع في الوقت الراهن ، وتدعى هذه الحقوق ب ” الملكية الفكرية ” ، وتعرف : ” هي حقوق امتلاك جهة ما لأعمال الفكر الإبداعية أي الاختراعات والمصنفات الأدبية والفنية والرموز والأسماء والصور والنماذج والرسوم الصناعية ، التي تقوم بتأليفها أو إنتاجها أو تنتقل إلى ملكيتها لاحقاً / نقل من موقع www.wipo.int/about-ip/ar ” .. فليس من باب المصادفة أن تتشابه البعض من المواضيع والأفكار والقصص والأحداث وحتى المفردات / بشكل عام ، بين ” نصوص القرآن ونتاجات الأخرين ! ” ، خاصة أن الرسول والأخرين وكل كتبهم ومدوناتهم وأشعارهم .. ، كانوا متواجدين في العهد نفسه وبذات الفترة الزمنية وفي تمام المكان والظرف !! .