21 أبريل، 2024 9:58 ص
Search
Close this search box.

في الرّد على ما قاله طلال نجم : ما بعد الهروب الأخير

Facebook
Twitter
LinkedIn

بدايةً، لا توجد مقارنة صحيحة بين الضحيتين، أسعد الدوري وحسين كامل، اللتين يذكرهما السيد طلال نجم معروف في مقاله بكتابات في الثاني من تموز الجاري. كما أن مهمة أسعد الدوري لا تحاكي مهمة حسين كامل، فالأول صحافي مغمور- ولابد لنا من ملاحظة دلالة الاسم رجاءً، أما الآخر فهو الثاني في الحكم بعد عمه الرئيس، وإذا كان الأول ضحية سهلة، فالثاني يصعب اصطياده، أو هذا ما يجب أن يكون. ولو كان الدوري قد ذهب مربوطاً إلى حتفه برجليه، فما الذي حدا بحسين أن يصحب معه اثنين من الأخوة، واثنتين من الزوجات؟ هنا تضعف الأسرار على حساب القرارات الشخصية المهلكة. لكن السؤال المطروح ما زال قائماً: كيف لهذه العائلة المهمة الخروج من العراق في وضح النهار، أو الليل، بلا رقيب أو حسيب؟ ولا بد من القول إن ما أدلى به المرحوم حسين كامل في أول يوم من وصوله إلى الأردن يثير الشكوك. قال أولاً إنهم خرجوا بإرادتهم، وبالسيارات المرسيدس، ثم قال لاحقاً إنهم وصلوا إلى الحدود بالطائرات المروحية- رجاءً ارجعوا إلى الصحف الأردنية في هذا الأمر، فلربما غطت عليه الأحداث اللاحقة. من حق حسين أن يتمرد، كما كان من حق كزار التمرد، فهذان رجلان مسئولان، لكن ما يؤسف له أن الأول تنقصه السياسة والحنكة- ومن أين له بها؟ أما الثاني فخانته اللحظات الأخيرة، لكن كلاهما من مدرسة واحدة، قامت وامتدت على العيون والتقارير المتضاربة التي لا يعرف أولها من آخرها، لكنها على حساب شيء اسمه الشعب المحكوم بالحديد والنار والسموم بكل أنواعها، القديمة والحديثة- هو تاريخنا، نفهمه جيداً لمصلحة العراق أولاً وأخيراً. أتذكر هنا رأياً قاله الرئيس الشيلي المقتول- أو المنتحر- سلفادور أليندي. قال إن اثنين تركا بصمة واضحة لا تنسى في حياته، وكان يكفيه النظر إلى عيونهما ليعرف الحقائق. الأول شواين لاي، وزير الدفاع الصيني في زمن ماو تسي يونغ، والآخر أرنستو جيفارا. ومما يؤسف له اليوم أننا ننظر ولا نجد العيون العربية الموحية التي ننظر فيها إلى المستقبل. قولوا لنا: ماذا تجدون في عيون المرحومين حسين كامل، أو ناظم كزار؟ والجواب لديكم، أنتم العراقيون المؤتمنون اليوم على مستقبل العراق وأهله. وصل حسين كامل إلى الأردن في لحظة حرجة تماماً من تاريخ العراق، وكان محملاً بالآمال الكبار، لكنه التفت يمنة ويسرة، فلم يجد ناصراً أو معيناً. لم يجد غير الخيبة والخذلان- كيف لرجال المجلس الإسلامي الثوري الأعلى في حينه مثلاً، الوثوق به؟ أمرٌ من سابع المستحيلات، وهذا كلامٌ في السياسة العالمية، لا السياسة العراقية التي لا يعرف أولها من آخرها. ومن قال إن حسين خان؟ لكن المصيبة أن هذا لا يقدر أن المكالمات تخضع للتصنت، كما يقول الأستاذ طلال العزاوي، فأي تفكير هذا، وأية بلاهة؟ الحقيقةُ أن الرجال نوعان، لا ثالث لهما. الأول رجل مطبوع على الحرية، والكرامة الإنسانية، وهي أقصى مبالغ الرجال. أما الثاني فتابع بالولادة، مولىً لمواليه، أو للنصب والتماثيل، أو حتى للجثامين، وهذا ما يعلمنا التاريخ، فلماذا لا نقرأه الآن قراءةً صحيحة، ووطنا هو وطننا الذي نراه اليوم أمام عيوننا، عارياً بلا تزويق؟
صحيح، إن من صنع هذا الصنم، كما يقول السيد العزاوي هو صدام نفسه، وهو الذي يحطمه متى شاء، ولكن باختلاف الأسباب. أما اللقب الممنوح للضحية، فقد تعود العراقيون على كل الألقاب التي لا تسمن ولا تضر، وما زالت محنتهم عارية بلا ألقاب. أما مسألة تخويف إيران بأسلحة الدمار الشامل، فهذه حكاية فيها وجهة نظر، ذلك أن إيران دولة عظمى، شئنا أم أبينا، خرجت من الحرب الطويلة وهي أكثر اعتزازا بتاريخها الوطني المحسود، وبلا ديون دولية، لكنها دولة مؤسساتية، لها أمنها الخاص، ومخابراتها القوية، وتعرف تماماً حكاية لعب الورق السياسي، تماماً كالملك حسين، أو أكثر- أم أن لكم رأياً آخر في هذا؟
مرةً أخرى، لا نعتقد أن فاقد الشيء معطيه. أعطوني الآن مثلاً على سياسيٍّ واحد من “سياسيينا” نجح في مهمةٍ ما! وهل نجح السيد عزة الدوري في المفاوضة مع شيخ الكويت في السعودية، وفي أحلك أيام تاريخ العراق الحديث، أم أنه نجح في إشعال نار الحرب؟ وهل نجح أيضاً في المفاوضة مع الإيرانيين في أثناء الحرب ومستقبل العراق على كف عفريت؟ لا طبعاً. عودوا إلى التاريخ، ولكن بعد فوات الأوان. هذا مثال لا أكثر. لكن هل نجح رئيسنا في مفاوضة شاه إيران، أم ماذا؟ عودوا إلى التاريخ من جديد، وهو مثال آخر، ولا نعرف نحن العراقيين المغيبين من يلعن التاريخ.
كل الشكر للصحافيين الكريمين، إبراهيم الزبيدي، وطلال معروف نجم، على ما جاءا به، خدمةً للعراقيين أولاً وأخيراً.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب