15 نوفمبر، 2024 4:10 م
Search
Close this search box.

في الازمة التركية الروسية .. عندما يكذب الرئيس !!

في الازمة التركية الروسية .. عندما يكذب الرئيس !!

منذ اللحظة الاولى التي أقدمت فيها تركيا على اسقاط الطائرة الروسية سوخوي 24 ، تيقنت وبشكل لا يقبل الشك بأن المسوغات التي قدمها الرئيس رجب طيب أردوغان ، ما هي إلا حجج واهية تحاول التغطية على حدث أعد له بشكل غير جيد ، سواء أكان في الإخراج أو في التنفيذ وعدم القدرة على تقدير العواقب نتيجة مثل هذا العمل ، حيث أن خيوطها تكشفت وبشكل سريع مع نجاة الطيار الثاني من الموت ، وهو ما كان مخطط له ، حيث أن القصة كادت أن تنتهي بموته هو الاخر ، إلا ان مشيئة الله كانت هي الاقوى و أبعدت عنه نيران البنادق التركية الأرضية ، من المجاميع المسلحة التركية التي كانت تعرف مسبقا المكان والتوقيت بالضبط لتنفيذ مهمة محددة ، وهي تصوير الحادث بجهاز هاتف نقال منذ لحظة إصابة الطائرة وحتى إنفجارها وإرتطامها بالارض ، في مشهد سينمائي محترف ، وكذلك تصوير رحلة طاقم الطائرة الروسية ، منذ لحظة القفز بمظلاتهما وإطلاق النار علىيهما وقتهلما في الجو وحتى لحظة الرقص على جثثهما بهتافات ( التكبير ) ، إلا إن مشيئة الله كانت أكبر ، حين تمكن الطيار الثاني من الافلات وقيام قوات خاصة مشتركة ( سورية روسية ) بانقاذه في عملية عدت بأنها نوعية في التنفيذ خلف قطعات العدو ، لتتكشف زيف إدعاءات القيادة التركية عن أسباب ضرب الطائرة .

الملاحظ أن عملية إسقاط الطائرة كانت إنتقاما لما قام به الطيران الروسي ودكه مواقع ( داعشية ) مهمة ، وحرق وتدمير اسطول من مئات الشاحنات النفطية ، التي كانت تقوم بسرقة النفط العراقي وبيعه الى تركيا بسعر ( 10 ) دولار ، والبالذات لشركة تثار الشبهات حولها وبحسب ما أعلنتها وسائل الاعلام الروسية بأنها تدار من قبل الرئيس التركي نفسه ، وهي بحسب راينا لا تبتعد عن الحقيقة بشيء ، فهي كانت الشريان الرئيس لمصادر تمويل المنظمات الإرهابية المدعومة من تركيا وبشكل واضح ومفضوح .

القيادة السياسية التركية وعلى عكس الجيش ، سارعت الى الإعلان عن الحادث على أنه نصر كبير تحققه القوات الجوية التركية ضد من اسمتهم ( بالمتسللين ) الى أجواء بلدهم ، وإنهم سيقطعون يد كل من يحاول النيل من يتطاول على حرمة أجواءهم خصوصا وإن بلادهم لا تخترق أجواء أي بلد آخر ، في الوقت الذي تقوم به الطائرات التركية بأختراق الإجواء العراقية والسورية واليونانية وبشكل يومي وبدون حياء أو إحترام سيادة هذه البلدان ، وبالطبع فإنها تستغل الظروف التي تمر بها هذه البلدان وعجزها عن الرد ، لتحقيق مصالحها في هذه البلدان . الرئيس التركي وحكومته سارعت الى تلفيق قصة غريبة مفادها أن القوات الجوية قامت بتحذير قائد الطائرة الروسية عشر مرات ونصحته بضرورة الخروج من الإجواء ، ومثل هذا التحذير لا يمكن تكراره لمدة عشر مرات في ظرف ( 17 ) ثانية وهي المدة التي قالت عنها تركيا بأن الطائرة الروسية أخترقت أجواءها ، حتى جاءت لحظة إنقاذ الطيار الثاني الذي نفى جملة وتفصيلا الادعاء التركي سواء في إختراق الحدود أو في تلقي التحذيرات العشرة ، الامر الذي أوقع القيادة التركية بالحرج الكبير ، لأن الأقمار الصناعية كشفت هي الأخرى بأن الطائرة تم إسقاطها داخل الاجواء السورية . !! العالمان الفيزياويان الفلكي ( توم فان دولسيرليرا ) و ( جوفياني لا بينتا ) من الجامعة الملكية البلجيكية كشفا ، ووفق

حسابات مبنية على دراسة الفيديو ووفقا للبيانات التركية التي كشفتها بنفسها فان الطائرة الروسية كانت في المجال الجوي لمدة سبع ثوان فقط وليس 17 ثانية ، وكشفا زيف الإدعاء التركي حول التحذيرات العشرة . أما قيادة الجيش التركي فمن جانبها وبحسب ما نشرته جريدة الحياة اللندية سارعت الى تفنيد تصريحات المسئولين الاتراك حول قصة عدم معرفة القوات الجوية بهوية الطائرة التي تم إسقاطها ، خصوصا إذا ما علمنا بأن المؤسسة التركية تمتع بسمعة قوية وهي صاحبة القرار النهائي في البلاد ،، فقيادة الجيش وببلاغ رسمي أكدت أن قواتها الجوية على إطلاع وعلم مباشر بهوية جميع الطائرات ، منذ لحظة دخولها الأجواء التركية ، وهذا ما يتعارض وقول الرئيس التركي ( لو علمنا أن الطائرة روسية لتصرفنا بشكل مختلف ) . !!

ولم تكتف الطغمة السياسية في تركيا بالاساءة الى المؤسسة العسكرية ، بل ووضعت نفسها في خلاف كبير معها ، وسارعت الى اعلان خبر اسقاط الطائرة الروسية بنوع من الفخر ، وباعتباره عمل بطولي ، الامر الذي أزعج العسكر الترك ما دعاهم الى القول ” لو يتعلم هؤلاء السياسيون الصمت لأستطعنا حل المسألة بشكل اسرع ” ، بل أنها أوقعت الاتحاد الاوربي في حرج كبير أيضا ، وقالت وزيرة الاتحاد الاوربي في الحكومة السابقة بالقول ( أن الرئيس بوتين نصب لنا فخا ودفعنا الى اسقاط طائرته .. وإن النتائج تشير الى أنه المستفيد من الأمر ) . إن الازمة الروسية التركية لم تكن ويلدة اليوم ، وكان من المتوقع تفجرها في اي لحظة ، ولم تكن بحاجة الى إسقاط طائرة بهذا الشكل التمثيلي ، فمواقف البلدين تختلف جذريا حول الازمة السورية ، ففي الوقت الذي تدعم تركيا وبشكل واضح جميع المجاميع الإرهابية المتواجدة في الاراضي السورية ، وتمدهم بالسلاح والمال والدعم اللوجستي ، وتأمين الملاذ الامن لهم وحرية التنقل في الدخول والخروج وعلاج جرحاهم في مستشفياتها ، ترى في موقف روسيا مؤيدا وداعما لبقاء الرئيس الأسد ، وان اردوغان حذر روسيا من قصف لما تسمى بالمعارضة السورية . الرئيس التركي استغل حادث سقوط الطائرة الروسية لاغراض استعراضية ، وعرض نفسه كالرجل ( الحمش ) المفتول العضلات ، وراح يهدد ويتوعد ( لمن تسول نفسه أختراق أجواء بلاده ) وإن قواته الجوية لهم بالمرصاد ، وأنه ( لن يقوم بالاعتذار ابدا ، وإن على روسيا الاعتذار ) ، ليبدء بعد ذلك مسلسل التراجع عن هذه العنجهية ، حتى وصل الى أنه ( يأسف على سقوط الطائرة الروسية ، ولكن الأمر قد وقع ، وآمل في أن لا يتكرر ) وما قبلها من محاولات الإتصال هاتفيا بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين وكذلك الرسائل الدبلوماسية التي يطلب فيها لقاءه في باريس خلال حضوره قمة المناخ ، أوي أي مكان يختاره ، لأن ( بلاده ترغب بالتهدئة مع روسيا ) إلا إن جميع هذه المحاولات باءت بالفشل ، بسبب مطالبة روسيا لأردوغان بالاعتذار الرسمي والتعويض عن خسائرها ، وبعكسه لا حديث أو إتصال قبل ذلك . صعب جدا أن ( يكذب الرئيس ) لأن كذبه سيكلف شعبه كثيرا ، خصوصا إذا ما علمنا إن لتركيا مصالح كبيرة ، وكبيرة جدا في روسيا ، وأن حجم التبادلها التجاري بينهما يصل الى 40 مليار دولار ، وتم الإتفاق مؤخرا على رفعه الى 100 مليار دولار ، وبالتأكيد بأن مثل هذا العمل الشنيع لا يمكن أن يمر مرور الكرام ، وكما وعدت موسكو ( بانها ستتخذ جملة من الإجراءات الجوابية ، وإن حادث سقوط الطائرة أكبر من أن يمر دون رد مهما بلغ حجم المصالح التجارية بين البلدين وأهميتها ) مستبعدة في الوقت نفسه الحل العسكري ونفته على لسان وزير الخارجية سيرغي لافروف الذي قال ( أن بلاده لن تشن حربا على تركيا ) .

ففي الجانب العسكري أقدمت موسكو ومنذ اللحظة الاولى ، وقف التعاون العسكري مع أنقرة ، وتعزيز قدراتها العسكرية المتواجدة في الأراضي السورية ، من خلال نصب متظومة الصواريخ المضادة للطائرات الاكثر تطورا في العالم أس 400 ، وأقفلت الطريق أمام وساطات الناتو لحل الازمة لأنها تعتبره غير محايدا في أي نزاع يتعلق بها ، بالاضافة الى إشراك حاملة الصواريخ ( موسكو ) قبالة السواحل السورية لتوفير الحماية الكاملة لتحركات الطيران الروسي ، وبهذا تمكنت روسيا من إغلاق المجال الجوي السوري بالكامل ، ما حدا بالقوات الجوية التركية بالتراجع بشكل كامل ، واعلانها عن وقف طيران قوتها الجوية بالقرب من الحدود السورية ، لأنها تيقنت بأن طائراتها باتت هدفا على مرمى حجر من الصواريخ الروسية.

أما الجانب الإقتصادي ، فهو المتضرر والخاسر ألاكبر في هذه الأزمة ، فقد وقع الرئيس الروسي على مرسوم جمهوري تضمن جملة من القرارات أوقفت بموجبه التعاون الإقتصادي مع تركيا وحضر العديد من المنتجات التي يتم استيرادها من تركيا ، ووقف نشاط الشركات التركية في روسيا ، وكذلك إنهاء عمل الاتراك الذين يعملون لصالح الشركات الروسية في داخل البلاد ، وتعليق نظام دخول الاتراك بدون تأشيرة المعمول به حاليا ، وأمر الشركات السياحية الروسية بالامتناع عن تنظيم الرحلات السياحية الى تركيا حفاظا على أرواح مواطنيها ( والتي قدر عددهم بنحو 3 مليون سائح سنويا ) ، وكذلك حظر التواجد والتحرك الغير قانوني للسفن التركية قرب الموانيء الروسية ، وتعزيز الرقابة على المنتجات الزراعية التركية وتنظيم عمليات فحص إضافية على الحدود ، في حين لازالت التكنهات بعيدة عن إمكانية وقف الروس بيع الغاز الى تركيا ، التي تستورد بنحو 55% من الغاز المستخدم في البلاد من روسيا ، وهو ما ينذؤ بخسائر لتركيا تقدر بعشرات المليارات من الدولارات .

إن الكذب ، بات اليوم حالة ملازمة لكل الرؤساء والقادة دون إستثناء ، وجميعهم يعملون في مبدأ ، أكذب أكذب حتى يصدقك الشعب ، إلا أن السيد أردوغان لم يحالفه الحظ في كذبه حول الأسباب التي ساغها لضرب الطائرة الروسية ، وعلى الرغم من ان جميع المختصين في القانون الدولي والخبراء العسكريين أكدوا عدم شرعية الخطوة التركية ، وأجمعوا على ان الطائرة الروسية وإن دخلت الأجواء التركية فلا يحق لانقرة إسقاطها ، وهناك عدة أحتمالات يمكن لتركيا إتخاذها ، إلا إذا كان هذا الخرق قد هدد الامن القومي التركي ، وعلى ما يبدو أن الوقائع أكدت ان الطائرة الروسية لم تخرق الأجواء التركية ولم تهدد الأمن القومي ، إذن هناك أسباب سنعرفها قريبا ، إن كانت هي اليوم في طي الكتمان ، فغدا ستكون ( ببلاش ) ..

وكما يقولون أن حبل الكذب قصير ، وحبل كذبة أردوغان كان قصيرا جدا ، ولم يدم حتى ليوم واحد ، وراح بعدها يضرب اليدين ندما لأنه أيقن بان ( الكذب حرام ) وإن الخاسر الأكبر فيه سيكون شعبه ، إلا إذا اقتصر الطريق ، واسرع بإصلاح ما تم إتلافه في العلاقة مع روسيا وبالسرعة الممكنة ، عندها سيغفر له شعبه كذبته ، خصوصا وإن الاعتذار عن الخطأ إحدى شيم الرجال .

أحدث المقالات

أحدث المقالات