18 ديسمبر، 2024 11:52 م

في الإنتخابات …. مشاركون … و … مقاطعون

في الإنتخابات …. مشاركون … و … مقاطعون

لمصلحة من كل هذا التضليل والتحريف والإعوجاج في الرأي ، وكأننا في كوكب ومن أقوام لا شبيه لهما ، لفرط إختلافنا على كل شيء ومن أجل لا شيء ، على الرغم من إدعائنا بالإنتماء إلى سالف حضارات متعددة ، إلا إن تخلفنا وهواننا على أنفسنا قبل غيرنا ، رسم عنوان وطابع هويتنا الدائمة ، دون أن يترك لنا خيار التحسب في أقوالنا ، وما سيؤول إليه حالنا ومصيرنا ، إلا بالصورة التي نحن عليها ، وعليه فإن قانون الإنتخابات لم يتضمن أكثر من صفتين هما ( ناخب ومرشح ) ، وأن حق الناخب محدد في الحرص على ممارسة المشاركة في الإنتخاب بالتصويت لأحد المرشحين ، مع توخي حسن وجودة الإختيار ، أو إبطال البطاقة الإنتخابية بأية إشارة دالة على ذلك ، لغرض منع إستخدامها من قبل الغير ، أو التفريط بحقه والجلوس في بيته وعدم الإدلاء بصوته ، ومنح الفاشل والفاسد فرصة تجديد عضويته ، بفسح المجال لأتباعه بالتصويت له وتأكيد شرعيته ، مقابل قلة عدد المصوتين لصالح منافسيه من المرشحين الآخرين ، الذين نعتقد في كونهم أشخاص التغيير المطلوب ، مع إن زيادة عدد المصوتين لصالحهم كأفراد أو كيانات صغيرة وحديثة التشكيل إنتصارا لهم ، وخسارة حتمية وأكيدة لأشخاص الكيانات القديمة وإن طغت ، وعند ذاك ، سينقلب السحر على الساحر ، بتغيير إتجاه نتائج آليات نظام سانت ليغو الإنتخابي ، الذي لا يفصح عنه المتشدقون ولا المنتفعون ، لغرض قطع الطريق أمام أمل تحقيق محاسبة الفاشلين والفاسدين ، مثلما أطلق البعض من الأفراد على عدم مشاركتهم في الإنتخابات إسم ( مقاطعووون ) من غير معرفة أو علم ثابت باليقين ، لأن ذلك من ممارسات الكيانات والكتل والأحزاب السياسية المنظمة ، لغرض الضغط على أطراف السلطة الحاكمة ، بفعل قوة تأثيرها على مراكز صنع القرار السياسي الداخلي أو الخارجي ، ومن ثم فرض الضامن لتحقيق المصالح الخاصة أو المشتركة ، التي ليس فيها لدعاة المقاطعة غير المنظمة وغير المؤثرة ناقة ولا جمل ، وقد رأينا ذلك ولمسناه في أكثر من حالة ومناسبة ، وما الإنتهاء بتكرار كلمة ( مقاطعووون ) إلا إفلاس فكري ، وجدل ليس منه أمل ، وركون إلى ما ليس فيه إلا الفشل ، ولأن المشاركة في الإنتخابات دليل على أن الناخب صاحب رأي وقرار ، وكل ما يقع خلاف ذلك تخاذل وضعف وهوان ، وليس واجب وطني ، ولا شرف لا يدركه غير الأحرار ؟!، كما يدعون زورا وبهتانا .

وعليه فنحن مشاركون في الإنتخابات الجارية بتاريخ 12/5/2018 وداعون إليها ، لتحقيق أية نسبة أو مقدار فعلي من قوة التأثير ، على آليات التشريع والرقابة النيابية ، من أجل الإصلاح والتغيير ، عملا بأحكام المواد (5 و6 و61) من الدستور ، حيث لا يوجد من ينكر الواقع المأساوي الذي يعيشه العراقيون منذ الإحتلال سنة 2003 وحتى الآن ، إلا الذين صفقوا وطبلوا وهللوا وزمروا لقوات الإحتلال وأعوانها ، ثم إنقلب أغلبهم بعدما ذاقوا مر العلقم وعانوا من شظف العيش وقسوته ، وبعدما شعروا بذلة أنفسهم وهوانهم عند شراذم رحبوا بهم ، ومكنوهم من حكمهم بدوافع ( العرقية والطائفية والمذهبية ) الثالوث المدمر والمقيت ، الذي لم نعرف مفرداته ولم نألفها طيلة حياتنا ، مع إختلاف أنظمة الحكم التي تعاقبت على حكم البلاد والعباد ، وما علينا بعد كل تلك المأساة والمعاناة ، إلا أن نستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير ، بإعادة تنظيم تشكيلات الدولة بإنتخابات عامة لا خيار لنا غيرها ، في سبيل الإصلاح والتغيير الذي نريد ، عبر التداول السلمي للسلطة ، لأن مجلس النواب هو المخول الوحيد من قبل الشعب بإصدار التشريعات اللازمة لتحقيق ما يتمناه المواطنون ، وهو من يحدد شخوص السلطة التنفيذية العليا بمنحها ثقته وليس غيره ، ولكن من العجب العجاب !، أن يحاول البعض ممن لم نجد لهم أثرا فكريا سويا ، إثارة غبار التشويش والتضليل المتوج بأقوال ومواقف خاطئة ، ويحسبون أنهم يحسنون صنعا ، عن جهل أو بدفع مشبوه ، وعناد ومكابرة لا تجدي نفعا ، حتى أخذتهم العزة بالإثم إلى حد ممارستهم الكذب وتحريف المعاني وقلب الحقائق ، شأنهم في ذلك شأن أركان العملية السياسية الفاشلة والفاسدة وما يدعون إليه ، وكأنهم شركاء في إلتماس طريق تجديد تثبيتهم على مكانتهم وما يشعرون ، وذلك مما لا يليق إتباعه من قبل من هم بالحد الأدنى من مستوى المعرفة والثقافة العامة ، وفي ذلك بلاء من ربكم عظيم .

ونسي أؤلئك السذج ومحدودي التفكير ، أن ليس الرأي والرأي الآخر جدال عقيم ، ولا هو تكرار وترديد قول سقيم ، ولا عدم إمكانية تقديم البديل ، وأن ليست الإستقامة والتجديد من غير تنظيم ، وليس أمامنا إن كنا معارضين حقيقيين وصادقين ، إلا أن نجد فرصة ووسيلة بدلالة العقل والمنطق السليم ، وترك هوشات الأسواق ، ومزايدات الجهلة والسياسيين ، وعدم اللجوء إلى التلاعب بالألفاظ وخلط الأوراق المؤطرة بخصال المنافقين ، كما ليس من الصائب والمقبول ، إطلاق حرية التعبير ، لتتجاوز حدود النظام العام والآداب ، لتقويض جهود بناء الفكر والتفكير ، وتطوير إستخدامات الوسائل والأساليب ؟!، بإدعاءات خرقاء لا تنسجم وموجبات النمو والتطوير ، وحقوق وواجبات الإنسان المخلوق في أحسن تقويم ، لتعتدي دبابير الحرية المنفلتة من عقال المسموح به عرفا وقانونا ، على كل ذي عقل سليم ، دون الوقوف عند حدود الإعتبارات المختلفة ، أو عدم تجاوز أعتاب إحترام صرح ممارسة حرية الملتزمين بقواعد الضبط والسلوك القويم .

لقد نصت المادة (5) الخامسة من الدستور ، على أن (( السيادة للقانون ، والشعب مصدر السلطات وشرعيتها ، يمارسها بالإقتراع السري العام المباشر ، وعبر مؤسساته الدستورية )) ، وسواء علينا ، شئنا أم أبينا ، رضينا أم جزعنا ، فالدستور وكل القوانين النافذة فاعلة عاملة ، ولا يستطيع أي مسؤول أو مواطن نكران ذلك ، إلا إذا كان جاهلا أو متجاهلا فاعلية ( مجموعة قواعد السلوك العامة المجردة ، المنظمة للعلاقات الإجتماعية بين الأشخاص ، المقترنة بجزاء مادي تفرضه السلطة العامة على من يخالفها ) ، بتكرار القول البائس ( عن أي دستور وقانون ذلك الذي عنه تتحدثون ) ؟!، ولعله لايدري أن ذلك إنزلاق في مهاوي تحكيم شريعة الغاب وقوتها الغاشمة ، مع عدم الفهم والدراية والإدراك ، بكيفية إدارة شؤون الدولة والمجتمع على وفق نظام الحكم المقرر دستوريا ، وعليه فإن عبارة ( السيادة للقانون ) ، ما هي إلا نتيجة متقدمة ومستخلصة من كل ما بعدها من مفردات النص المذكور ، وهي ذات الأولوية في التطبيق العملي لناتج ما بعدها من الآليات ، وفي مقدمتها عبارة ( والشعب مصدر السلطات وشرعيتها ) ، لأن السلطات التي مصدرها الشعب ، هي المتغيرة بالإنتخاب أو بالحل أو بالإقالة أو بالإستقالة أو بسحب الثقة لعدم الأهلية أو بالوفاة ، وكل من لم يساهم ويشارك في تحقيق ذلك ، لا يكون من الشعب على وفق أحكام ومفاهيم الدستور ، ولا يحق له بعد ذلك المطالبة بما تقتضيه تفاصيل التغيير ، أما القانون الذي هو نتاج تلك السلطات ، فيتم إلغاؤه أو تعديله بالحذف أو بالإضافة ، أو تبديله بغيره وبأحسن وأفضل من سابقه ، من قبل السلطة التشريعية اللاحقة التي يختارها الشعب بالإنتخاب ، ويفوضها ممارسة حقه في السلطة نيابة عنه ، وليس للشعب بعد ذلك من رأي مخالف ومعارض ، إلا في الإنتخابات التي تقرر إعادة تشكيل تلك السلطة ( مجلس النواب ) بمنظور جديد يتفق وتطلعات الشعب ، ويعيد رسم صورة سبق سيادة القانون على من كان مصدرا لوجود السلطات الثلاث لأربع سنوات لاحقة ، تختص إحداها بفعل إختيار أعضائها بالإقتراع السري العام المباشر ، بصناعة وصياغة ما يحتاج إليه الشعب من التشريعات والتشكيلات والإجراءات المنبثقة عنها بشكل مباشر أو غير مباشر وبمختلف الإختصاصات .

أما الآليات القائمة على الإقتراع السري ، فمسوغها منح الفرصة للناخب للتعبير عن إختيار واحد من المرشحين بملء رغبته وإرادته ، ورفع الحرج عنه بعدم إختيار أحدهم لأي سبب كان ، وهو كذلك وسيلة في إستخدام التعبير الحر عن الرأي ، عند عدم إختيار أي من المرشحين بإبطال البطاقة الإنتخابية الخاصة بذات الناخب ، مثلما تم إستخدامها لغرض معاكس من قبل ذات الناخب الآخر ، وليس من قبل غيرهما بالإنابة أو بسبل التلاعب والإحتيال والتزوير ، ولا أعتقد أن هنالك أجمل من غير تلك الحالات في التعبير عن الرأي وإتخاذ القرار الشخصي في الشأن العام وبشكل مباشر ، وما لفظ ( العام ) ، إلا دليل وجوب المشاركة في التصويت الإنتخابي من قبل عموم الشعب وبدون أي تمييز ، وفي ذلك تأكيد على عدم وجود النص الدستوري المانع لأي مواطن من ممارسة حقه الإنتخابي بالإقتراع السري العام المباشر . وهي بمجموعها تؤكد على عدم وجود النص القانوني بإعتبار الإنتخابات باطلة عند المشاركة بنسبة معينة ، أو الركون إليها في تبريرات عدم القدرة على التغيير في جولة الإنتخابات العامة ، وبالنتيجة فإن قانون الإنتخابات لا يرتب أي نتيجة ولا أثر قانوني لأي صفة لم ترد فيه ، ولكن المبطلون والمرجفون يحاولون أنتحالها في سبيل الإستعلاء على ما هو مقرر قانونا ، لأن القرار الإنتخابي إختيار أحد المرشحين ، والرأي الإنتخابي عدم التصويت لأي مرشح ، فأغلقوا باب الجدل ، فلم يبق غير أيام على إجراء الإنتخابات ، إن لم يكن هنالك مخطط لتأجيلها أو إلغائها بفعل فاعل معلوم أو مجهول ، ولأن العزوف عن المشاركة في الإنتخابات لا يحقق شيئا ، ولو أن المقاطعة حصلت بنسبة (100%) ، لبقيت الحكومة حكومة تصريف أعمال ، ثم يتكرر تحديد موعد إجراء الإنتخابات ، حتى تتحقق المشاركة فيها بأي نسبة كانت ، ثم تقر نتائجها دوليا ويعترف بها ، إستنادا لكل ما تقدم ، كما إننا نشارك في الإنتخابات بعدما إنتهى دور الفاسدين بإنتهاء دورتهم الإنتخابية ، ولم ولن نجدد إنتخابهم أو ندعوا لذلك حتى نكون شركاء لهم ، مع إننا لم ننتخبهم سابقا أصلا ، والشريك هو من ينتخبهم ، ومن لم يترجم قوله بالفعل الحازم والحاسم بالتصويت لغيرهم ، بإستثناء من يصوت بإبطال بطاقته الإنتخابية رسميا.

وفي كل الأحوال ، نقول إنتخب أو لا تنتخب ، فذلك حقك بالحرص عليه أو التفريط به ، ولكن لا تتكلم قبل أن تتعلم ، ونظام سانت ليغو يقوم على أساس منح الفوز بالمقعد لمن يحصل على أعلى الأصوات ، وليس كما يشاع ويحرف ويروج لأوائل تسلسل الأرقام ، وما تحديد مدة الدورة الإنتخابية بأربع سنوات ، إلا دليل على وجوب تغيير أعضاء مجلس النواب كلا أو جزءا بالإنتخاب ، ولعل منظري مواقع التواصل الإجتماعي يخرجون من شرانق الغشاوة والجهل والضلال ، وإن كانت الإنتخابات بغيرهم قادمة قائمة بعد أيام ، ونتائجها هي المعتمدة ، وسيقولون مرددين ( مقاطعوووون ) مثلما كنا نسمع كلمة ( منتصروووون ) ونحن خاسرون