كفن من القمع والخوف، يتبعه ظلام سنوات كالحة، حاول فيها العفالقة سرقة عرين الجنوب، وحرق قصبه، وقطع نخيله، وتجفيف أهواره، وإعدام أبنائه، وتحطيم القشرة الصلبة للنهج الحسيني، الذي سار عليه المجاهد، السيد محمد باقر الحكيم (قدس سره الشريف)، وأنصاره في جهادهم ضد الطاغية، والبعث وأزلامه الكافرين، حيث كان الجهاد بالغالي والنفيس، حقيقة لا إدعاءً، وهذا ما مثلته أول نقاط القوة، لتيار شهيد المحراب، إنهم رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه.
مميزات كثيرة، يتميز بها رجال شهيد المحراب، أبرزها أن لديهم الجرأة والشجاعة، في إختيار حياة أخرى من أجل كرامة شعبهم، التي سلبها طاغية البعث المقبور، فأخذت مجاميعهم المسلحة في الجنوب، تفتح القنوات الجهادية، في كل مسار تستطيع النفوذ من خلاله، وبدأت قوافل الشهداء بالمسير، دون إقامة مجالس عزاء عليهم، لكنهم فرحون بما آتاهم الباريء عز وجل، وهم على درجة كبيرة من اليقظة، التي أكدت على التحصين الذاتي للمواطن، لمواجهة القمع الصدامي.
ليل مظلم جداً لا أحد يعترض عليه، إلا مجاهدو الأهوار، نهضوا بشموخ النخيل، والطين الحر، ليعلنوا للعالم بأنهم كالرياح اللواقح، لتنجب رجالاً إشترى الباريء عز وجل أنفسهم منهم، لنيل الحرية والكرامة، ورسموا مشاعر الإباء الحسيني، في لوحة جنوب ثائر، لا يريدون بها وجهاً أو وجاهة، بل إستعادة إنسانية العراق المهدورة، فكانت رجالات تيار شهيد المحراب، بقيادة السيد محمد باقر الحكيم (قدس سره) في المقدمة، وباتت ضرباتهم تقض مضاجع البعثيين الأوباش.
تضحيات المقاومة العراقية أبان القمع العفلقي، لم تكن بذات التأثير الكبير، كما برز لرجال الاهوار الحكيميون، حيث أنهم قارعوا قوى الطغيان، وهم رابضون في جنوبهم الثائر، المتاخم لمنطقة الاحواز، أما الباقون فقد إكتفوا بوجود المعارضة في الخارج، والإبتعاد عن المواجهة المباشرة، ففي وسط المعاناة الكبيرة، لعراق يقبع تحت حصار جائر، أشرقت الإنتفاضة الشعبانية، ليثبت المجاهدون عراقتهم، من أجل عراق المقدسات، فدكوا أوكار البعث بقوة الأسود الحسينية، ولاحت بشائر نهاية الدكتاتور المجنون.
بين الأهداف العظيمة لتيار شهيد المحراب، في الحرية، والعدالة، والإزدهار، وبين غاياتهم السامية، في تحقيق الإستقرار الأمني والسياسي، لعراق ما بعد سقوط الصنم، فقد تكللت جهود السيد محمد باقر الحكيم، وأخيه السيد عبد العزيز الحكيم (رضوانه تعالى عليهما) بالنجاح في دعم العملية التوافقية، إيماناً منهم بأن العراق خيمة، لجميع العراقيين دون إقصاء وتهميش، وإستكمل الرحلة المعطاء، إبنهم وإبن المرجعية الرشيدة، القائد الشاب السيد عمار الحكيم، وكانت بحق مسيرة العطاء الفكري المعتدل.
ختاماً: جهاد بالوجوب الكفائي من قبل المرجعية، كان ضرورة ربانية، لإنقاذ العراق من إرهاب داعش، فأدرك مجاهدو تيار شهيد المحراب الخطر، ولأنها مدرسة نابعة من صميم العمل الجهادي، الذي قاده مرجع الطائفة الأعلى، الإمام محسن الحكيم (طاب ثراه) ضد الإستعمار، فقد ضربت المرجعية جذورها، في قلوب الرجال، وأثمرت عن تضحيات جسام، لسرايا العقيدة، وعاشوراء، وكتائب الجهاد والبناء، وهي بحق حشد مقدس لمدرسة الحكيم، التي إنفردت بالحكمة والتدبر، والولاء للعراق والمرجعية.