23 ديسمبر، 2024 5:27 ص

في : الأزمة الخليجية وقَطَر !

في : الأزمة الخليجية وقَطَر !

في تزامنٍ غير مقصود مع تأريخ نكسة حرب حزيران في عام 1967 , ففي الخامس من حزيران من السنة الماضية قطعت السعودية والإمارات والبحرين واليمن علاقاتها الدبلوماسية مع إمارة قطر , وتبعتها دول عربية اخرى بأجراءات متفاوتة ومماثلة , ولم يكن ذلك بالطبع حرّاء حدث سياسي مفاجئ , وانما جرّاء تراكمات سلبية ومضغوطة للممارسات القطرية الفادحة لحكومة قطر في التدخلّ عملياً وتسليحيا ومالياً في شؤون عدد من الأقطار العربية ومحاولة قلب انظمة الحكم فيها , وبموازاة في دعم تنظيمات ارهابية في بعض هذه الأقطار , وبشكلٍ بدا وغدا فاضحاً ويزكم الأنوف , ولسنا هنا بصدد إعادة نشر ما جرى نشره طوال الشهور الماضية , لكنما بات ملفتاً لنظر الأهتمام المتزايد مؤخرا للإدارة الأمريكية في تسوية هذه الأزمة الخليجية بغية تشكيل موقف خليجي موحد تجاه الأحداث الجارية في المنطقة والمعرّضة لمضاعفاتٍ محتملة الوقوع , لكنّ هذا الأهتمام الأمريكي الأخير وارسال مبعوثين امريكان الى بعض دول الخليج ذات العلاقة بالأزمة , يبدو وكأنه استخفاف غير مباشر من زاوية ما بالدول الخليجية المتنازعة مع قطر , وبضمنها قطر ايضاً .! فالأمريكان يطالبون هذه الدول الخليجية بأنهاء الأزمة دونما وجود او ايجاد أيّ مشاريعٍ للحل , وكأنهم يبتغون تنفيذ متطلبات الأرادة الأمريكية عبر دبلوماسيةٍ لا تزال ضبابية ! وغير قابلة للنشر والتسريب الى وسائل الإعلام .

وإذ لا نبتغي الإنجرار الى اساليب المبالغة والتضخيم في تسديد الأتهامات للولايات المتحدة في كافة الأخفاقات العربية , وهذا ما سار عليه عموم الإعلام العربي الى غاية ما قبل حرب 1991 , لكنّ المتغيرات في المواقف الأمريكية لابدّ من قراءتها من بداية السطر او من الصفحة الأولى وليس من منتصف الملف , فمنذ بداية الأزمة الخليجية فكم عدد المرات التي صرّح فيها الرئيس ترامب بأنّ قطر تدعم الأرهاب وتموّله مالياً وغيرَ ماليٍّ ايضاً , والى الحدّ الذي اعلنت فيه ادارة ترامب انها تفكّر في نقل قاعدتها الجوية الى خارج قطر ” قاعدة العديد ” , كما من اكثر من الواضح أنّ الولايات المتحدة تمتلك وسائلَ ضغطٍ كافية ووافية على تميم امير قطر لتجعله يعود الى الحياد والمثول للسياسة الخليجية العامة , لكنّ الأمريكان لم يفعلوها ولن يمارسوها , وما يبدو ” على الأقل ” وكأنهم يريدون إبقاء الأزمة مشتعلة وبنيرانٍ فاترة او عبر التعامل بدبلوماسيةٍ تفتقد الدبلوماسية التي يسير عليها ترامب .

وَمن الطبيعي أنّ هذه الأزمة القائمة ليست مستحيلة الحل على المستوى الأمريكي , وقد انتقلت الى ورقة لعبٍ على الصعيد الأقليمي في المنطقة , ولعلها معرّضة للأنتقال الى مستوى آخر لم تتضح ملامحه الكاملة الآن , لكنه ومن دون امريكا , وكعرب وخليجيين ايضاً , فما فائدة التصعيد الأعلامي المتصاعد بين قطر من جهة ودول المقاطعة الأخرى سيما السعودية والأمارات ! طالما أنّ الأزمة القائمة هي في مستوى الذروة , ولم يعد ممكنا تصعيدها والصعود بها الى اكثر من هذا الأرتفاع .!

إنّ التفكّر والتفكير الغير متبادل بين اطراف الأزمة لو ارتقى الى خطوِ خطوةٍ واحدة في السُلّم الطويل والعالي , بوقف الحملات الإعلاميّة التي يجري شنّها بكلّ اسلحة الحرب النفسية والأعلامية , فلعلّه يقود الى الوصول الى ثغرة او فجوة واسعة بأتجاه الحلّ , وخصوصاً أنّ وقف او إيقاف الهجمات الأعلامية يساعد على تهدئة الأعصاب ويزيل التوترات السيكولوجية – السياسية , فالإعلام كان وما برح اخطر اسلحة الدمار الشامل الفتّاكة .