23 ديسمبر، 2024 12:44 م

فيلم الجزيرة 2 يكتسح دور العرض السينمائية من المحيط الى الخليج ويتجه نحو العالمية …..

فيلم الجزيرة 2 يكتسح دور العرض السينمائية من المحيط الى الخليج ويتجه نحو العالمية …..

عندما يلتقي بضع ممثلون لهم بصمتهم السينمائية المتميزة التي الهبت جماهير شباك التذاكر بلمستهم السحرية في تأريخ السينما فمن الطبيعي ان يصنعوا عملا سينمائيا خالدا يعطي مذاقا وطعما ونكهة في غاية الدهشة والروعة بهذه الكلمات نسجت افكاري رؤية فنية وانا اشاهد بوستر فيلم الجزيرة 2 المعلق في احدى جدران دور العرض السينمائية قبل ان ادخل لمشاهدة هذا الفيلم المتميز …..
هذه المعادلة لم تذهلني كثيرا كمشاهد لجديد وحديث السينما العالمية وكمتذوق سينمائي من الناحية الفكرية والفلسفية يحلل ويعرف الكثير من خفايا واسرار هذا الفن العظيم الذي يسمى بالسينما لذا فأن اي عمل سينمائي يلتقي فيه ممثلون لهم صولات وجولات عبر الشاشة العملاقة لابد ان يصنعوا معجزة سينمائية تبقى ملامحها معلقة في العقول والاذهان …..
فالجزيرة 2 جمع مبدعين متميزين بدءا بالفنان احمد السقا والفنان خالد الصاوي والراحل الاسطورة خالد صالح والفنانة هند صبري اضافة الى المخرج شريف عرفة فهؤلاء التقوا في ميدان واحد من اجل صناعة معجزة سينمائية تسمى بالجزيرة 2 هذا الفيلم الذي يعتبر اضافة متميزة ترسم عبق عراقة واصالة السينما المصرية …..
فالجزيرة 2 فيلم سياسي بحت يرصد التحولات والاحداث التي حصلت في مصر الثورة ولكن من الجانب المظلم لها التي اطيحت فيما بعد بثورة الحرية والحضارة هذا من جانب ومن الجانب الاخر تظهر السينما المصرية عن الفوضى التي حصلت في تلك الفترة من خلال فتح السجون واقصاء دور الشرطة في حماية الشعب وفرض سياسة الانفلات الامني بقوة نظام حاول ان يحكم مصر بطغيان ساستها الذين يلبسون عباءة الدين الاسلامي الحنيف هكذا رصد هذا الفيلم الحالة التي عاشها شعب بأكمله اضافة الى سرده لأحداث انسانية وثورية تتعلق بقضية الكرامة والارض والسلطة والنفوذ التي جسد معانيها شخصية منصور الحفني الذي تقمصها الفنان احمد السقا فحبه للأرض ولسلطة العائلة جعلته يعود الى موطنه من اجل استرداد ما اخذ منه بالقوة فبرغم شراسة شخصية منصور الحفني في التعامل مع الاخر ولكن الجانب الانساني كان يشع منه وظهرت بشكل واضح في شخصية الرجل الصعيدي الذي يعشق امرأة تنتمي لعائلة تكن مظاهر الكره والحقد لعائلة منصور الحفني وبينهما قضايا ثأر لا يمكن انهائها بواسطة حلول العقل بل الدم هو من يحكم بين العائلتين …..
ولكن رغم هذا كان الحب والعشق ظاهرا ايضا في احداث الفيلم فشخصية كريمة التي جسدتها الفنانة هند صبري استطاعت ان تؤجج ملامح الغرام من الماضي الى الحاضر واعتقد ان الرؤية السينمائية لشخصية منصور الحفني اتخذت شكلا وطابعا اخر في التعاطي مع كل شخوص الاحداث والسبب يعود هنا لشخصية كريمة ( هند صبري ) فحبه وعشقه لهذه المرأة جعله يقتل العنف بداخله ليحوله الى ثورة للحرية من اجل موطنه الذي احتله جعفر الشخصية التي تقمصها الراحل خالد صالح …..
هنا لن اتكلم عن خالد صالح بصفتي كمحلل سينمائي او متذوق او ناقد سينمائي هنا سأحاول ان احتفظ قدر المستطاع بحالتي كأنسان يعشق السينما منذ الصغر فخالد صالح رغم قصر عمره الفني في السينما لكنه كان فنانا متميزا رائعا مدهشا واعماله السينمائية مثل هي فوضى وابن القنصل والحرامي والعبيط وفبراير الاسود ورائعته السينمائية كف القمر التي اعشق مشاهدتها مرار وتكرار فدوره كأبن في هذا الفيلم كان مذهلا من حيث علاقته مع امه الفنانة وفاء عامر التي جسدت شخصية الامومة برقي وسمو بعيدا عن الكبرياء كل هذه الاعمال صنعت اشياءا جميلة في حياتي على الاقل كمشاهد وانسان يهوى السينما لذا كان المرض ظاهرا على خالد صالح ولكن عطاءه كفنان سبق المرض لأميال لكي يصنع اخر صيحة من صيحاته السينمائية الجزيرة 2 …..
هنا لا بد من ذكر الفنان خالد الصاوي الذي ادى دوره بكل دقة وحرص واخلاق فنية بعيدة عن التصنع وادهش الجماهير بطلته المتميزة كضابط شرطة يؤدي واجبه تجاه وطنه بشرف وكبرياء …..
الحوار والسيناريو والاخراج والمؤثرات والخدع البصرية كل هذه الاشياء امتزجت بشكل علمي من اجل انتاج الجزيرة 2 وهذه عملية ليست بالسهولة التي ربما يعرفها البعض فمن الصعب مزج كل هذه الادوات بدقة ومثالية من اجل صنع معجزة سينمائية لهذا لا يصل الفيلم الى زوايا العالمية والاوسكار والسعفة الذهبية دون ان تمتزج كل هذه الاشياء في بودقة الابداع السينمائي لكي تشكل روح تلهب الجماهير لذا ففيلم الجزيرة 2 استطاع ان يستحوذ على كل هذه الادوات ويستغلها في سبيل اعطاء اضافة معاصرة للسينما المصرية …..
فالجزيرة 2 يعتبر من الناحية السينمائية فيلم استوفى فيه كل الشروط لكي يحقق معادلة الفن السينمائي بدءا بالممثلين وصولا الى الاضاءة والديكور والمونتاج ومطابقة الالوان مع الزوايا الطبيعية التي اخذت منه مقاطع الفيلم اضافة التي اضفاء طابع الاثارة والمتعة في تصوير احداث الفيلم فهو يستمد حقائق من واقع شعب بأكمله قضى حقبة سوداء في تأريخه ايضا هنالك عامل اخر ساهم في انجاح الفيلم الا وهو عامل التكنولوجيا المرئية والسمعية من حيث استخدام احدث الكاميرات في نقل الصورة البصرية بشفافية ووضوح تامين …..
الجزيرة 2 فيلم لا يمكن صناعته كل يوم ولا يمكن ان يلتقي عظماء الفن المصري ايضا كل يوم فهذه صدف تحدث احيانا ولكنها ما ان تحدث فأنها تحدث ضجة في اروقة دور العرض السينمائية وخير دليل على ذلك الاقبال الجماهيري الغفير الذي اكتسح دور العرض لحضور ومشاهدة الجزيرة 2 …..
احداث هذا الفيلم لم تكتمل بعد فهنالك احداث يمكن اضافتها لكي تكتمل الصورة فالجزيرة 1 دون نقطة البداية لحالة بضع افراد يعيشون ضمن مساحة معينة من الارض تحكي قصصهم وسلوكيات يومياتهم المتشعبة بينما الجزيرة 2 استطاع الخروج عن الاطار المعهود مثل بعض الافلام المصرية وحاول ان يستقطب الفكر والعقل تجاه قضايا مصيرية تهدد حرية الانسان في هذه الحضارة فمثلما يحق للتأريخ ان يذكر كازانوفا على انه زير نساء وان يذكر الكوارث التي تهز عرش افريقيا بالايبولا يجب ان يذكر تأريخ السينما شخصية منصور الحفني وكريمة على انهما العاشقان الثائران الغاضبان المتمردان في الجزيرة 1 و2 …..
لذا اعتقد وهذه رؤيتي كمحلل ومتذوق سينمائي ان السينما المصرية بحاجة لصناعة الجزيرة 3 …..
ولكن هذه المرة انا متأكد انها ستزلزل عرش الاوسكار …..