كانت مرتعبة وقد تركها في فندق بأنطاكية ليجلب العشاء من مطعمٍ مجاور.
أمس كانت مع عائلتها وأمها تهدئها وتشجعها وتغريها :
ــ أنت جميلة وأكثر من واحد من موزعي الخبز في المخيم يفترسكِ بنظراته. وأحدهم يلح ويقول: من دون أن تجيئي أنتِ لن يسلمنا الحصة أو يبقينا آخر الناس.
ابنتي حتى العودة إلى حلب أصبحت مستحيلة، لقد تهدم بيتنا واحترقت المزرعة. والتركي الذي طلبكِ زوجة، وإن بدون عقد، دفع مالا يُعيننا في حياة لا نعرف قادمها. تصبري وتحمليه رغم كبر سنه ولكنه حتما يمتلك المال الكثير وسيسعدك.
ــ ولكنه اشتراني مثل الجواري مثلما يفعل سُلطانهم سليمان. هو عمره ستون عاما وأنا ما زلت طالبة في الثانوية؟!
ــ هذا قدرك يا ابنتي لتنقذينا. والدك قرر ذلك. ولو ترين الآن نحيبه الصامت خارج الخيمة لعذرتيه. لقد جلب لك زوجكِ حقيبة فيها ملابس، وغدا سيمر هنا وسيأخذكِ إلى أنطاكية ثم إلى اسطنبول حيث يقول إن لديه شقة فخمة.
عاد رامز أوغلم وبيده أكياس الأكل وقنانٍ لم تعرف ما تحتوي وصار يغني بعربية مكسرة يحسن نطقها قليلا مما حفظه من شريك حلبي له في التجارة طالما كان يدندن أمامه شيئا من مواويل القدود الحلبية لصباح فخري.
ومثل ثمل وثور مشتهٍ راح يغني أمامها بارتباك: يا مال الشام.. يله يمالي.. طال مطال يحلوة تعالي..
لكنها لم تأتِ إليه.. لقد ابتعدت عنه مذعورة في إحدى زوايا غرفة الفندق.. شرب من القنينة جرعة، ومسح شاربيه وأخذ الجرعة الثانية ومعها حبة فياغرا زرقاء. ولأنها لا تعرف الفياغرا واستخدامها سألته ببراءة: هل أنت مريض لتأخذ حبة الدواء؟
قال لها: نعم مريض بك وأنت الدواء. قفز إليها وحملها إلى السرير وهي مرتعبة من الخوف وأقام مع البنت حفلة رغبته ولم يتلو في عقد قرانه معها سوى بسم الله الرحمن الرحيم والفاتحة، وبقي كل الليل يحاول أن يفعل شيئا بالرغم من تناوله حبتي فياغرا. وحين عجز عن فعل شيء غادر الغرفة منزعجا في الصباح، وبعدها غادر الفندق دون أن يقول شيئا لعروسته المفترضة ولا حتى ترك لها مالا!
ظلت حبيسة غرفتها في الفندق ليومين تقتات ما جلبهُ من طعام أول مرة.. صبرت يوما ثالثا في غرفتها مع قلقها وخوفها وبكائها وعدم معرفتها كيفية الاتصال بأسرتها. وحين هدها الجوع أخبرت إدارة الفندق الذين أخبروها أن الرجل لم يدفع سوى أجرة ليلة واحدة وأن عليهم الاتصال بالشرطة بعد أن لم يصدقوا قصتها وتوسلاتها.. جاءت الشرطة وأخذتها إلى المخفر وهي تحمل تهمةً اسمها ممارسة الدعارة في فندق!