عندما واجه فوكو معناه في معنى الخطاب ضمن إبتكارات العبقري المجنون وما تقوم عليه الفلسفة أدرج ضمن نظرته تلك مواجهات هيبوليت وهيجل وفيخته والبداية المطلقة للفلسفة وكيركيغارد ومشكل التكرار والحقيقة ولعله أراد التأكيد أو بالأحرى الكشف مابين ماهو حقيقي وماهو خاطئ وقد استعان بخطاب الشعراء الأغريق في القرن السادس ووصفه بأنه الخطاب الذي يحظى بالهيبة والتقدير، ولأنه يحظى بالهيبة والتقدير فمن الجدير الخضوع له كونه يتصف بالعدالة على مستوى القول والتطبيق كما أن هذا الخطاب هو جزء من مصائر عامة الناس وهو ذو معنى وشكل ومنظومة، وهناك مايراد التعريف به كونه السر الخفي الذي يحمل معداته الضرورية ،
وفي الشعر تجد ذلك الخطاب الذي يرتكز على قاعدة معلومات المخيلة وصراعها المتكرر في الفهم الشامل لحركة الأجزاء وبناء السلسلة الكلية وهي علاقة لايتدخل الزمن المحسوس بها ولا المكان المتخيل عند وصفه انما مايحمل المعنى الخفي والذي يعطي للخيال مظاهر تخيلية جديدة منها مايظهر من خلال الصور الساخرة في النص الشعري ولو كان على كسبا على حساب الصور ذات الملامح الشديدة الوضوح الغنية بالمفردات اللونية :
وعكس النور فوق المائدة
حين امتد لألاء جواهرها ليلاقيه
وقد انسكب من علب ساتانية ثرا غزيرا
وفي قوارير من عاج
وزجاج ملون
في ذلك الضوء المكتئب
كان يسبح دلفين منحوت ،
يمضي ويشير فوكو الى القضايا الخيالية وهي التي تستجيب لمتطلبات معقدة وثقيلة وهناك فرق مابين مايُصح منها كأتجاه معرفي وبين من ينتمي الى الخيال المطلق الذي لاينعكس كأثر ما من حقيقة ما ،
وتشكل التجارب النفسية واحدة من إنتظام الدفق الخطابي وتهيئ اكتمالا حسيا متجانسا ضمن وحدة ( الخطاب – النص ) والمحول من طبيعة حركة ما والتقاط لشئ ما وإيقاع مأخوذ من اختلالات في قاعدة عاطفة ما ،
ومثلما يرى فوكو في الخطاب المسند من قاعدة مؤسساتية ، يرى أليوت في الخطاب الشعري بأن الخطابَ يجمع بين أشد العقليات قدما وأشدها تمدنا اي أن هناك إحساسا ما وبدرجة ما بالعصر وبعناصره وبطبيعته وبجوهره لتحقيق مايوصف بالإكتمال عبر القبح تارة وعبر الفزع تارة وعبر الجنون تارة أخرى :
تشق الحمامة في هبوطها الهواء
بشعلة من رعب يتلظى
وألسنتها تعلن
عن دفقة من الخطيئة والفزع
والأمل المفقود
وما عداه فهو يأس
يكمن في إختيار هذه المحرقة
أو تلك
ليتم التكفير من النار بالنار
إن الخطاب بالذات هو الشئ الذي نضعه في مركز التأمل ، والتأمل هو نشوء أولي لإستدراج الفكرة ، والفكرة في ولادتها نشوء أولي لمعرفة إتجاهاتها وضمان تطويرها ضمن أفكار أخرى وهي قابلة أيضا لأي من الألفاظ أي قبولها لأي سر من أسرار اللغة ويقينا أن التطهير يبدأ من إدراك الغاية في الوهم ولايكون هناك اي إختلاف في إيقاع فلسفة ما ضمن غاية شعرية مادام القصد من البناء في الخطاب الشعري قصدا جماليا يعبر عن غرض كامن وراء اي شكل من أشكال النزعات الشعرية