لا لهجرة المسيحيين واخيرا حصلت على الاسود يليق بك وعليك اللهفة …..
اليوم دار حوار بيني وبين احد اصدقائي في العمل حول الهجرة الى اوروبا حيث قال لي انه قدم عريضة طلب فيها اجازة طويلة بدون راتب وانه سيهاجر الى لبنان برفقة زوجته لكي يقدم طلب لجوء الى الامم المتحدة …..
قلت له
كنت تقول هذا الكلام دائما لكنني لم اكن ابالي بما تقول كنت اعتقد انك تمزح معي
قال لي
لا يا ارنيستو لم اكن امزح فلقد ان الوقت لكي اترك هذه الارض واهاجر الى اوروبا فلا مكان لنا نحن المسيحيين في العراق العظيم
قلت له
اتهرب ايها الاشوري يا من تحمل في دماءك حضارة بأكملها
قال لي بلهجته البغدادية التي تعودت انا وهو ان نحكيها
احنا ردنا العراق بس العراق ما رادنا
وانتهى حوارنا والحزن يملأ كل بوصة من ذاكرتي والدموع تتلألأ في عينيه ورأيتها تتساقط
هنا لن اتفنن بكلماتي كما هي عادتي كشاعر وكاتب يكتب عن الفلسفة والفكر والحضارة لكن سأكتب بجوارحي
انا عشت مع المسيحين كانوا جيراني في يوم من الايام ولي معهم صداقات شخصية وعائلية واكلت معهم وشربت معهم وحضرت افراحهم واحزانهم ودعيت الى مناسباتهم القومية وسرت معهم في قافلة الاول من نيسان رأس السنة الاشورية يوما ما برفقة صديقة اشورية حينها قالت لي ادعوك لتحضر هذه المناسبة وبالفعل حضرت وسرت معها
كانت لحظات جميلة لن انساها
كانت اعلامهم البنفسجية ورقصاتهم وهلاهلهم ترسم احلام شعبا بأكمله
امتزجت معهم وحملت رايتهم احتراما لهم لكي يعرفوا انني كورديا مسلم اؤمن بالسلام والاخاء والعيش المشترك
هنا اتذكر ام ايفان جارتي حيث كان اسم ابنها ايفان ايضا كانت تناديني من حديقتها تقول لي تعال لقد صنعت كعكة لك ولايفان
لكن ايضا سافرت الى فرنسا ورحل صديقي ايفان ايضا واحيانا نكلم بعضنا عبر السكايب
احيانا لا يبقى للكلام قيمة ولا تستطيع تكنولوجيا الانترنيت ان تصنع لحظات جميلة
قلت قبل فترة لأم ايفان والتي دائما كنت اناديها خالة
اشتقت لكعكتي لحديثك لحنانك لابتسامتك
لم تستطع ان ترد علي بكيت وقامت من على كرسيها وجاء ايفان ابنها يكمل الحديث وقال لي
يعني الا اتذكرها هسه راح تبكي ويرتفع ضغطها واتكول اريد ارجع للعراق
ذكريات كثيرة تربطني بالمسيحيين وكلها ناصعة البياض فهم اناس بسطاء مسالمين اوفياء مبتسمين يحبون الحياة لهذا كي اكون صريحا فأنا اعشق هؤلاء القوم واحترمهم فلقد شربت من ماءهم واكلت من اكلهم وجلست بينهم ولي صداقات معهم لا تمحيها رياح الزمن
فقبل الان ومنذ سنين كتبت مقالا عن مسيحي العراق ونشرته جريدة الزمان اللندنية واليوم ها انا اكتب مرة اخرى عنهم واقول ما قلته سابقا
لا لهجرة المسيحيين
لا لهجرة تأريخ الحضارة الاشورية
2
اليوم عرفت ان هنالك معرضا للكتاب سيقام في مدينتي بحضور عدة دور نشر لذا رجعت من عملي الاول عند انتهاء وقت الدوام الرسمي الى البيت ودخلت للمطبخ مباشرة اكلت وجبة الغداء وشربت كوبا من الشاي وعصرت في الكوب ليمونة …..
كنت لوحدي حيث ان اوقات عملي تتضارب مع اوقات عمل زوجتي فأنا اخرج صباحا لعملي الاول وهي واولادي قبل عودتي بساعتين تذهب لعملها في المدرسة برفقة اولادي الذين يدرسون في ذات المدرسة لذا هي تعود من عملها وانا قبلها ببعض الوقت اذهب لعملي الثاني لذا نحن لا نرى بعضنا سوى في الليل عندما نجتمع على طاولة العشاء فنتحدث معا طويلا فهي تسرد لي يومها وانا كذلك نضحك ونبتسم وتارة نتجادل ونتناقش واحيانا نشاهد احد الافلام الجديدة التي احضرها واحيانا نخرج في فسحة ليلية نشرب بعض العصائر ونشتري بعض المكسرات كالفستق والفول السوداني ونشتري للاولاد شكولاتة كيندر وبعض السكاكر الغريبة التي يحبها اولادي …..
هنا افرغت كوبي من الشاي واتصلت بصديقي في عملي الثاني وقلت له خذ لي اليوم اجازة فأنا مشغول اليوم فهرولت لسيارتي والمطر ينهمر والجو يزداد برودة وقدت سيارتي الى المركز الثقافي لجامعة دهوك حيث معرض الكتاب ….ز
كانت احلام مستغانمي وكتاباتها لا تفارق ذهني فأنا اريد ان اقرأ ما قرأتها لها سابقا على النت لكن هذه المرة في كتاب بطبعة اصلية احمله بين يدي لكي اجلس بهدوء وابتعد عن كل مواهبي وهواياتي واقرأ سحر وروعة روايات احلام مستغانمي هذه المبدعة العالمية القادمة من وطن المليون شهيد وطن جميلة بوحيرد هذه المناضلة الثائرة …..
بحثت كثيرا رأيت الكثير من الكتب السياسية لم اكن ابالي بها فالسياسة لا تعجبني فأنا احب كتب التأريخ والشعر والادب والفلسفة والفكر والفن احب كل شيء الا السياسة
فهي ليست هواية من هواياتي
وفجاءة رأيت رواية الاسود يليق بك وديوانها الشعر الجديد عليك اللهفة وبطبعات اصلية فقمت بشرائه وسألت عن مؤلفاتها الاخرى فقال لي البائع ان هذه المؤلفات حاليا متوفرة فأعطاني كارت تعريف بدار نشره وقال لي اتصل بي بعد فترة سأوفر الطبعات الاصلية لحضرتك وقال لي
الست ايفان علي عثمان الزيباري الشاعر والكاتب
قلت له نعم انا هو ذاك المخبول المصاب بداء الابداع
ابتسم ابتسامة جميلة وعرفت من لهجته انه سوري وهو من يمثل دار ( ….. ) النشر السورية
قلت له من اين تعرفني هل تقرأ كتاباتي
قال لي
الحوار المتمدن وكتابات وصوت العراق والفكر ومركز النور والحوار المفتوح …..الخ
قلت له انتظر انا لم احفظ كل اسماء هذه المواقع انت كيف حفظتها
قال لي
لأنني احيانا ايضا اكتب في بعض هذه المواقع من وقت لاخر مجرد نصوص اكتبها كل بضع اشهر
قلت له
لنا حوار في يوم من الايام معا لكن قل لي الان ماذا لديك من كتب
دواوين سميح القاسم ومحود درويش ونزار قباني وادونيس وووووو
لا اعرف قلت الكثير من الاسماء له فقال لي
تفضل استاذ ايفان معي لكي اخذك لقسم الادب والشعر والثقافة
لا اعرف كم كتابا اشتريت لكنني اعرف انني اخذت كل ما هو متوفر من دواوين محمود درويش وادونيس و سميح القاسم وسألته عن ديوان ازهر في النار للشاعرة المتألقة سلوى فرح فقال لي ليس متوفرا حاليا عندنا حزنت حينها لأنني اعتبر ديوانها تحفة فريدة من الشعر فقصائدها وجع والم وحب وعشق لكن بقلم شاعرة متمردة تتحدى كبرياء الرجل
واخذت بعض الكتب الفنية المصورة عن الفن القبطي في مصر وحضارة الفراعنة وبعض كتب الطبخ لأن زوجتي تحب هذه الكتب لذا بعد ان نتجادل في اي موضوع تافه سأهديها هذه الكتب لكي ننسى تفاهات نقاشنا البيزنطي ولو لدقائق …..
لكن المميز في ديوان عليك اللهفة لاحلام مستغانمي انه يحتوي على قرص فيه مجموعة من قصائدها بصوتها وصوت مروان خوري وبينما اكتب هذه السطور فأنا استمع لقصائدها
ابدا لن تنساني
عليك اللهفة
حان لهذا القلب ان ينسحب
ستائر من دانتيل الذكرى
ثم ماذا لو تحدثنا قليلا
من النظرة الاولى عرفت انها قصائدها متميزة وانا اتصفح كتابها وما ان سمعت صوتها وهي تغرد برفقة قصائدها عرفت انها ملكة الاحساس المرهف ولي موعد مع صفحات ديوانها لكي افهم انوثة هذه الانثى المبدعة ….
ملاحظة – ( ارنيستو ) هو اسمي الادبي الاول المستعار بعض اصدقائي المقربين ينادونني به وكتبت به بعض القصائد ونشرت في بعض الصحف الورقية
وهو مأخوذ من اسم الثائر العالمي ارنيستو تشي جيفارا
ملاحظة – البارحة نشرت مقالا قلت فيه انني ابحث واحاول الحصول على مؤلفات احلام مستغانمي لكن شاءت الصدفة اليوم ان يقام معرض في مدينتي ولحسن الحظ حصلت على اثنين من مؤلفاتها والبقية وعدني ممثل دار النشر السورية ان يحضرها لي من قلب بيروت في لبنان …..
فأحيانا الصدف تفعل ما لا يفعله التعب والارهاق في البحث عن الاشياء …..
صدفة مؤلمة ….. صدفة ناعمة ( قصتان قصيرتان من يوميات رجل غبي وشاعر يملك قليلا من النبل والشجاعة
صدفة مؤلمة ….. الاهداء الى تلك الصدفة بكل حسرة وندم والم
1
كان واقفا امام واجهة المطعم يبحث عن ليمونة كي يعصرها في كوب الشاي وينظر في ساعته ويعد عقاربها كي لا يتأخر عن عمله في الفترة المسائية …..
وفجاءة سمع احدا يناديه بأسمه التفت ورائه ونزع نظاراته الذهبية اللون من على عينيه الجاحظتين كانت امرأة فائقة الجمال تناديه تقدم نحوها وتقدمت هي نحوه …..
قالت له
الم تعرفني انسيتني رغم مرور بضع سنين
قال لها
ذاكرتي الشبه مصابة بالزهايمر تجعلني انسى بعض الاشياء
قالت له اسمها
قال لها
عرفتك اعذريني اذا ما كنت نسيت للحظة اسمك وهذه الملامح الناعمة
شعر حينها بسعادة تجتاح ذاكرته المنسية تصافح الاثنان وحاولت هي تقبيله من خديه نجحت رغم ان الاعين كانت تحوم حولهما شعر هذا الرجل بالخجل منها فلقد كانت تعني قبلتها سطورا من الماضي شعر بسعادة حينها تجتاح رجولته …..
كانت معها فتاة قالت له انها ابنتها قال لها من اين لك بهذه الباربي فلقد مر زمن منذ التقينا ولم اكن اعرف ان لك ابنة قالت له كانت صغيرة حينها …..
قالت له اين ستذهب قال لها سأذهب لعملي المسائي قالت له اذن اوصلنا في طريقك …..
كانت وجهتها بعيدة عن وجهته فأخرج هاتفه من جيبه واتصل بأحد زملائه وقال له ساتأخر لبعض الوقت حاول ان تملأ الفراغ لحين مجيئي الى العمل …..
هنا التقى بها صدفة وهنا تصافحا وهنا تذكر هو وتذكرت هي لكن المشكلة ليست في سطور الماضي المشكلة هي في الحاضر الذي يعيشه الان في فوضى يومياته …..
فبرغم سعادته حينما رأها لكنه كانت صدفة مؤلمة فلقد كانت ابنتها اكثر جمالا ونعومة منها كانت تشبه عارضات الازياء بطولها كانت تحمل عينين واسعتين مزركشتين باللون الاسود كانت بشرتها البيضاء تحكي الكثير من خفايا واسرار انوثتها …..
كانت صدفة تعيسة وحزينة عاش ذكراه بعد ان اوصلهما الى وجهتهما …..
لم يكن يعرف ان ما فاته من جمال انثى يستحق عليه الرجم بالانتحار …..
لا لا لا يكفي الانتحار
عرف حينها انه اغبى رجلا على وجه الارض
قال لها هذه العبارة قبل ان يودعها
ابتسمت وقالت له
عد من حيث اتيت وانسى هذه الصدفة وكلما تذكرتها
تألم واغضب واصرخ عسى ان تتعلم من اخطائك التي لطالما حاولت ان ابعدك عنها لكن نرجسيتك عنجهيتك همجيتك غرورك اوصلك الى ما انت عليه الان
رجل تجاوز الثلاثين من عمره يبحث عن انثى متميزة
اذهب وارحل وابحث عن انثى متميزة بعيدا عني وعن ابنتي فهي لن تتزوج من رجل رفضها في يوم من الايام من اجل ارضاء احلام تأريخ عائلته …..
صدفة ناعمة ….. الاهداء الى تلك الصدفة مع تقديري واحترامي لسمو انوثتك
2
التقى بأخرى صدفة حاول ان يتعرف اليها بأي وسيلة كانت قال لأحدى صديقاته هل تعرفينها قالت له انها صديقتي قال لها اذن اريد ان تعرفيني عليها قالت له حسنا لكنها ليست من النوع الذي تعرفه فهي من النوع الاصعب من بين فصيلة الجميلات والناعمات …..
قال لها
ليست جميلة كما تعتقدين لكنها ناعمة وهذه صفة نادرة لا توجد في اي انثى كانت
قالت له
ليست مثقفة كما تعتقد ولا تحب الشعر ولا تهتم بأناقة الرجل وساعته وولعة سجائره وكم يحمل من دولارات في جيبه
قال لها
نعومتها تفوق كل هذه الاشياء
بعد عدة ايام استطاع ان يتعرف عليها بطريقة تجعلها تقف امامه فيبدأ حوار بينهما عن موضوع ما
كلما كان يسألها كانت تجيبه
كلما كانت تتكلم كانت تفوح منها رائحة عطر نسائي لم يكن يعرف اسمهسارت قافلة الحديث بينهما ضحك هو وابتسمت هي فكلما كان يسألها كانت تجيبه بــ ( آه ) كي يعيد تكرار سؤاله عليها
كان يخجل النظر الى تفاصيل جسمها لكنها كانت تعلم فتتمايل بخصلات شعرها المجعد يمينا ويسارا لكي تبرز قلادتها المعلقة على عنقها المكتوب عليها الحروف الاولى من اسمها لكنه وصل الى مرحلة لم يستطع ان يقاوم فواصل وهوامش انوثتها فكان يتربص بتلك الفتحة الضيقة في قميصها المزركش بكومة من الالوان
كان يبحث عن نهديها الصغيرين كان يبحث عن ثمار الفراولة المعلقة على صدرها
كانت سعيدة بنظراته فهي لم تحاول ان تبعد عينيها عنه بل وقفت معه طويلا وتحدثت معه طويلا
وانتهى لقاءهما
وعاد في يوم اخر لكي يراها هذه المرة دعاها الى كوب شاي ممزوج بعصارة الليمون
اضافها الى قائمة صديقاته وليس قائمة عشيقاته فهي تستحق رجلا محترما يحمل حبه وعشقه لأنثى واحدة فقط لا غيرها …..
بينما هو شاعر قدره ان يحمل حب وعشق الف امرأة في قلبه وهي لا تستحق ان تكون الانثى ما بعد الالف
فهو ما زال يملك قليلا من شجاعة الشجعان مع هزائمه ونبل الفرسان مع فوضى يومياته …..
فما زالت رائحة قبلة عشيقته البيروتية تفوح من خديه فكيف به ان يخون العهد معها …..
هنا وهو يكتب هذه السطور ضحك بسخرية
فبعد ان تجاوز الثلاثين يتحدث في كتاباته عن العهد والوفاء والاخلاص مع الانثى
اي انثى هذه او تلك او هي او الاخرى او التي تنتظره او التي تسكن بعيدا او التي يفصل بينه وبينها امواج البحر او التي انجبت له والقائمة طويلة بهزائمه …..
اي عهد يكتبه هذا الارعن الاخرق الاحمق الغبي الذي يسمي نفسه بالرجل بالشاعر بالمفكر بالفيلسوف بالعاشق بالنرجسي بالمغرور بالمجنون بداء العظمة بالمصاب بعقدة الطفل المدلل …..
اي عهد يكتب عنه وهو يقف مهزوما امام نفسه ينظر في المرآة يتباهى بعطوره بساعاته بخواتمه بولعات سجائره …..
لكنه يعرف انه لن يستطيع ان يتباهى برجولته امام المرآة لأنه لا يعرف ماذا تعني الرجولة رغم انه يقرأ يكتب يعزف يرسم له من المواهب والهوايات ما يجعله حديث النخبة لكن ما قيمته الثورية والانسانية والفكرية …..
اذا ربح كل شيء وخسر نفسه
لذا المجد
للرجولة
للعهد
للوفاء
للاخلاص
لحب انثى واحدة لا غيرها
لعشق امرأة واحدة يتنازل من اجلها عن كل شيء
والخزي والعار لي انا ….. انا ….. انا