23 ديسمبر، 2024 3:32 ص

فوضى المعلومات ومسؤولية الاعلام

فوضى المعلومات ومسؤولية الاعلام

التغطية الاعلامية لانتشار فيروس كورونا على المستوى العالمي وعلى حساب القضايا الدولية الساخنة الاخرى ، جعلت الضوابط المهنية والاخلاقية التي تأطر تعامل وسائل الاعلام مع المرض من المسؤوليات الكبيرة التي تقع عليها بكل صنوفها وعناوينها ، و تطلب خطة مدروسة واعية لتعاون تلك الوسائل الاعلامية مع الجهات الصحية المعنية باصدار التعليمات والتوجيهات بخصوص الاجراءات والاحترازات الواجب اتباعها لمنع انتشار ذلك الوباء ، لان المعروف في زمن الازمات والاحداث الخطيرة تجد الشائعات طريقها بسهولة الى اذن المواطن، لخلق اجواء من التخبط واللغط والتضخيم بغاية شيوع الخوف والذعر دون حقائق علمية طبية.ولاهداف مختلفة بنقل صورة مخيفة ومفرطة عن المرضى المصابين وقساوة معاناتهم و اكوام الجثث وصور دفنها ، مع التحديث المستمر للتقارير الاخبارية عن الاصابات الجديدة وارقام الوفيات وغالبا اهمال ذكر اعداد الذين انعم الله عليهم بالشفاء .
لذا كانت هناك مسؤولية كبيرة للانضباط المهني في العمل الاعلامي ، يحتم نقل الوقائع من المصادر الطبية الموثوقة بشفافية دون تهويل مع عدم تقليل حجم المخاطر المحتملة . مع ذلك للاسف لاحظنا الكثير من المعلومات والاخبار التي تصدرت وسائل الاعلام المختلفة تفتقر الى المهنية المطلوبة ، حيث استندت على ماينشر في وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الالكترونية من اخبار فاقدة للمصداقية وفديوهات غير معروفة المصادر او احيانا كثيرة مضللة وتتعمد الكذب والاثارة لزيادة عدد زوارها والاعجاب والتعليقات والمشاركات ، مما خلق آثاراً سلبية على ذهن المواطن وتشويشه ، هذا ما يمكن ان نسميه (فوضى المعلومات) ، وما زاد الامر تعقيدا التناقضات الواضحة في تفسير بعض الاطباء في منصات التواصل الاجتماعي او اللقاءات التلفزيونية حول وسائل انتشار المرض وطرق الحماية والاجراءات الاحترازية . مما جعل تدفق المعلومات غير الدقيقة تنهال على المواطن وجعلته يبحث عن للوصفات الطبية المقدمة من قبل اشخاض غير مؤهلين او خلطات الادوية العشبية والشعبية ، والتي تحتوي غالباً على المواد الخطرة عن الصحة ولها عواقب وخيمة على حياة المواطن ، ومن ناحية اخرى تعالت الاصوات على مختلف اجناس عملها لتواصل الليل بالنهار في بعث رسائل هدفها تحريك العواطف باقاويل لم ينزل الله بِها مِن سلطان للتضليل بعيداً عن التفكير العقلاني وتعمدها بالحث على عدم المبالاة بالمرض والتحريض على عدم الانصات للتعليمات الصادرة من الجهات الحكومية والطبية المعنية حول حظر التجوال او الالتزام بالحجر الصحي، كان هدفها واضحاُ لزرع عدم الثقة بالسلطات المعنية وارشاداتها، كانت تلك من التحديات الكبيرة التي تواجه الحرب على ذلك القايروس ونتائحه .
ان جهد العديد من وسائل الاعلام العراقي بالقيام بواجبها المهني، كان فاعلاً لمساندة الجهات الصحية والطبية في ظل ظروف تفشي وباء كورونا ، الاعتماد في تغطيتها الاعلامية على ما يصرح به الناطق الرسمي لوزارة الصحة من خلال البيان اليومي حول مستجدات الوضع الصحي في محافظات العراق كافة ، لتجاوز اشكالية التصاريح المتضاربة والمعلومات عير الدقيقة ، ومن خلال الرسائل الاعلامية الهادفة تعزيز وعي المواطن الصحي وزيادة تحصنه امام الشائعات والاخبار المظللة ، والتركيز على تحمله المسؤولية الوطنية مما يعزز ثقته بالمؤسسات العراقية الطبية و تعميق تفاعله الايجابي مع تلك الارشادات والتوجيهات ليتعافى الجميع وتنتهي الازمة وتعود الحياة لطبيعتها .