18 ديسمبر، 2024 8:12 م

فوضى الرأي العام والحرب الباردة

فوضى الرأي العام والحرب الباردة

التحدي الأصعب مع مرور الوقت هنالك من يعمل ، يحلل ويدقق ويستكشف ويطور ، كما تتطور الصناعات تتطور الحروب … وتتعدد في انواعها وأكثرها تأثيراً وفتكاً وأفضلها من ناحية الجهد البشري او العسكري وأقلها تكلفة وكذا الخطط والأساليب …والخ مع هذا التطور تطور مصطلح الحرب النفسية او ( الحرب الناعمة او الباردة ) جنبا الى جنب مع مصطلح الحرب العسكرية في البداية ومنفصلاً عنها أحياناً في السنوات الأخيرة وهو ليس جديداً في الواقع فقد إستخدم في الحروب القديمة ولكن بصورة أقل دقة واساليباً وإعتماداً كما يستعمل الآن . تعرف الحرب النفسية على أنها علم متكامل يرتكز مجموعة علوم منها ( علم الإجتماع النفس ) إضافة الى إعتماده على المعلومات والإعلام ويأخذ منها ما يخدمه في تشكيل قناعات صحيحة أو خاطئة تؤدي الى التأثير على المعنويات والسلوك في الجماعات و زعزعة مجتمع العدو سواء كان على الصعيد المدني أو العسكري ببساطة يمكنك أن تقتل عدوك بلا سلاح او على الأقل أن تشتت إنظاره وأفكاره وتضعف قواه … هذه هي الحرب النفسية إعتماداً على أخطاء المستهدف وفشله وتضخيم ذلك وفشل المستهدف في رد الهجمة فالمعروف مثلاً أن الأزمة قد تكون مفتاحاً لتغيير يصنع الحلول ويعزز خطى النجاح إذا ما إستغلت وفق برنامج وفريق منظم … لكن تأجيلها أو إهمالها في فن إدارة الأزمات كارثة تساهم في تراكمها مما يحتاج الى أضعاف جهد حلها في وقت حدوثها وقد لا تحل ، وهنا يعمل المحاربون النفسيون كثيراً وكذا تعتمد على زعزعة إيمان الفرد والجماعات بمادئها وقيمها وتوجهاتها وإستغلال حاجاتهم وإحتياجاتهم المعنوية والمادية وليس بعيداً عنها محاولات قتل الأمل وبث روح اليأس . محطات سرية وشبه سرية وأخرى صامته … تتخذ أشكالاً عدة تتنوع بين العمل الدبلوماسي وإرتباطاته والعمل التجاري والسياسي والمنظماتي ، واجهات تظهر بشكل طبيعي وتعمل بشكل طبيعي وتمارس عملها الظاهري وفق القانون لكن عملها الخفي غير ذلك .
لا يتم الأمر ببساطة ، مراكز وميزانيات ضخمة لجمع البيانات والمعلومات عن الفئات المستهدفة ونمط تفكيرها ودوافع وما يثير المستهدف ، و الأفكار المناسبة وزراعة تلك الأفكار وكيفية إيصالها . هنا يأتي دور الإعلام ووسائله المتعددة كأهم حلقات الوصل وربما برامج التبادل الثقافي كحلقة اخرى . دعايات وإشاعات سوداء وحرب تضليل وتعميم لكل ما هو سلبي ومحاولة فصل المجتمع عن عقلاءه وحكماءه والأفراد عن جماعاتهم الصحية والأبناء عن عوائلهم . بل حتى تدخل في جانب زرع فكرة تكذيب المجتمعات لأي تحذير من الحروب الباردة .
في الحقيقة ان هذا يعود للتراكمات المتنوعة التي توجه العقل الجمعي والإشاعة والدعايات السوداء فضلاً عن الأخطاء وعدم وجود إستراتيجية صنع الحلول وتصحيح الأخطاء . هذه وغيرها صنعت مزاجاً متقلباً خطراً ينقصه الوعي تجاه الحرب الباردة . كل هذا وأكثر هدفه واحدة من أهم عملياتها وهي صناعة الرأي العام الموجه أو توجيه الرأي العام العفوي للتأثير على الأغلبية الصامتة وتحريكها بمحركات خفية وظاهرة بإتجاه قضايا تمس صميم حياة المواطن والوطن اصلاً يساهم الفشل في خلقها والتعامل معها ، وخلق حالة فوضى الرأي العام مستغلة حاجات و رغبات وأدوار الشعوب في التصحيح والتغيير لصالحها ومن أجل أهدافها لإيجاد بيئة خصبة لخطوات لاحقة للحرب الباردة او العسكرية ، أو لتحقيق مصالح سياسية او إقتصادية لقوى ودول وأحزاب ورؤوس معينة … لا تحصل منها الحلقة الأخيرة سوى على فتات وربما لا تحصل على شئ ! وربما ضرر بالغ للأسف !