23 ديسمبر، 2024 4:41 ص

فوضى الأحياء والأموات

فوضى الأحياء والأموات

حضرت جنازة ظهر هذا اليوم، كان المرحوم ذا مال وفير وبسطة في الطول والعرض.
في الصباح حمل جناز فوق كتفيه، وفي المساء حمله الرجال فوق أكتافهم.
قلت لمن حولي، نسأل الله أن يقبضنا ربنا على أحسن صورة، وفي أحسن حال.
رأيت قبرين معدان للدفن، فاعتقدت أن مقبرة سيدي عروسي ستشهد جنازتين، يقاطعني محدثي فيقول..

بل جنازة واحدة، وهناك قبورا ثلاثة جاهزة لمن يدفن فيها، ثم أضاف أن محسنا كلّف شبابا وأعطاهم أجرهم قبل أن يجف عرقهم، وطلب منهم أن يعدّوا قبورا كصدقة وعمل صالح، وأوصاهم أن لايخبروا الناس عن إسمه ويبقوا المعروف سرا.

قلت لمن أحي القلب بحلو الكلام، بعض عباد الله يملك خطا مباشرا مع الله تعالى، لاتعلمه يمينهم من شدة الحرص على الكتمان والسر.

النقطة الثانية التي مافتئت تلفت النظر في المدة الأخيرة، ألا وهي الزمن الطويل الذي أمست تستغرقه عملية الدفن من شدة الزحام في الطرقات، والفوضى التي يحدثها بعض أصحاب السيارات بسوء التوقف، والقلق المفرط، وضيق الصدر، مايزيد الأمر سوء، وغياب أماكن مهيأة لاستيعاب المشيعين وتوقيف سياراتهم.

كتبت بتاريخ الأحد 14 رجب 1436 هـ الموافق لـ 03 ماي 2015، مقالا بعنوان  “ثقافة التعامل مع الحذاء”، جاء فيه “إننا أمة تقيم الصلاة منذ 15 قرنا، لكنها لم تحسن لحد الآن التعامل مع الحذاء، الذي بسبب البحث عنه، يضيّع المرء وقته، ويدخل في صراع مع من حوله.”.

ونفس الملاحظة تقال عن الجنائز ودفن الأموات، فلا يعقل بعد كل هذه القرون أن تستغرق جنازة ساعة إلى ساعات، بسبب سوء التدبير واكتظاظ الطرقات.

إن الدفن يتم بصورة يومية ولن ينقطع عن الدنيا إلا بزوالها، فعلى القائمين أن يلتفتوا قليلا إلى ضياع الوقت، وزيادة الضغط، وليسعوا بما يملكون..

إلى توسيع الطرقات، وتخصيص ممرات واسعة آمنة، وزيادة المنافذ، والرفع من عدد السلالم العابرة بين حافتي الطريق، وتخصيص حواجز دائمة لتسيير مرور الجنائز، خاصة المقابر التي تقطع العمران ووسط المدينة، كمقبرة سيدي عروسي ومقبرة سيدي يحي بوعلاش.

والمطلوب من المشيّعين والمعزّين، التحلي بالصبر في تلك اللحظات الحرجة، والتوسيع على الناس بما يملكون ويستطيعون، والتخفيف من حركة المرور، وتسهيل وظيفة القائمين على ذلك والعارفين بطرقات تلك المنطقة، والإبداع ما أمكن في إيجاد سبل للتخفيف من حركة المرور والتسهيل على المقيم والغريب.