18 ديسمبر، 2024 8:06 م

فمتى يُجرّم اللصوص والفاسدون ؟!

فمتى يُجرّم اللصوص والفاسدون ؟!

رغم ان غالبية فقرات ومواد مشروع قانون تحريم وتجريم التطبيع مع اسرائيل موجودة في قانون العقوبات العراقي رقم١١١ لعام ١٩٦٩ ، الا ان مشروع القانون الجديد جاء ( برايي ) ليقطع الطريق نهائياً امام من يؤيدون او يريدون ان ينخرطوا في مشروع اقليمي بجري طبخه منذ مدة تارة باسم السلام واخرى باسم صفقة القرن وثالثة بتسمية الديانةا لابراهيمية .. ورابعة بخلق جبهة اقليمية تناهض ايران ومشروعها في المنطقة ودورها في العراق وسوريا ولبنان واليمن.. فامريكا واسرائيل خصوصاً وبعض الغرب يخوفون انظمة المنطقة التقليدية بان ايران اخطر عليهم من اسرائيل وان ليس لهم الا التطبيع مع هذا الكيان الذي ابتلع كل فلسطين والجولان ويرتكب الجرائم بحق شعب فلسطين الاعزل منذ قرن، ودون رقيب وحسيب وفوق ذاك يُكافىء بعلاقات دافئة مع بعض الانظمة الرسمية قائمة على المصلحة المتبادلة حتى للانظمة التي تبعد الاف الاميال عن فلسطين المحتلة كالمغرب والسودان وغيرها .

وسواء نفى بعض الساسة العراقيين او اخفوا علاقتهم باسرائيل .. واسرائيل تعترف بها علانية ، فانه هيّن عليهم ان يرفعوا الايادي بالموافقة على القانون ، او الغياب عن جلسة التصويت … فرفع اليد لا يكلف شيئاً ما دام كل شيء يجريابتغاء المصلحة ، تحت العباءة !.

كنت اتمنىٰ ان يهم مجلس النوام العراقي ( ليس في هذه الدورة فقط بل في جميع الدورات السابقة ) الى تشريع قانون تشديد وتجريم الفساد واللصوصية وسرقة المال العام واستغلال المنصب واحتكاره والرشوة ، وبنفس سرعة تجريم التطبيع بل وبنفس عقوبات التطبيع او اشد .. وهذا ليس كلامي ، انه كلام جميع المسؤولين ومنظمات المجتمع المدني وقبلهم هذا الشعب المسكين : الفساد هو القاعدة والنزاهة استثناء ، المال العام مستباح ، الرشوة في ابهى صورها وعلنية بل وشرعية ، الالتفاف على القانون وتفسيره وفق الاهواء والمصالح هو السائد ، المطارات والمنافذ والموانيء والوزارات الدسمة فحدث ولا تتحرج ، رغم الإجراءات الخجولة والوقتية والتي هي رد فعل اني او مؤقت او صراع مغانم او مصالح لااكثر ..

امس نقرأ بالاخبار ( وهذا مجرد مثال لا اكثر ) ان مسؤولاً بالدولة العراقية لطش مليون دولار عداً ونقداً .. يعني حوالي مليار ونصف المليار دينار عراقي ، مما يعني انه يمكن ان يعين حوالي الف اسرة معدمة فقيرة لمدة شهر ، وقد حكم عليه بالسجن عاماً مع وقف التنفيذ .. يعني انه بريء براءة الاطفال الصغار ، والعيب هنا ليس في القضاء لا سامح الله ، بل بالقانون الذي هو مهمة السلطة التشريعية ، فلو ان هذا المسعول حكم بالاعدام ونفذ به فوراً بعد اعادة المبلغ المسروق لخزينة الدولة ، لاصبح رادعاً لالوف الفاسدين الذي سيفكرون مليار مرة قبل ان يسرقوا ديناراً واحداً .. ولكن …. والامثلة لاتعد ولا تحصى .. ملايين تُهرَّب الى الخارج والمزايدات والمناقصات وبيع اصول الدولة ومعاملها واراضيها وعقاراتها بتفاليس و.. و.. كلها حاضرة وبقوة ، ويومياً ، فهل سيتحرك نوام الشعب بسرعة ، ولو بعد عشرين عاماً من الديمخراطية والتحرير للحفاظ على ما تبقى من قيم النزاهة والامانة وبمثل ما تحركوا به في اقرار قانون تجريم التطبيع ؟؟ اشك فيذلك ، لان غالبية النوام الحاليين والسابقين ، وكل مسؤول بالدولة الحديثة شريك بشكل او باخر بالسرقات وهدر المال العام والرشوة والفساد الذي نخر القواعد والاسس والعظام ولم يبق الا هياكل ان نفخ عليها الزمن نفخة قوية تداعت جميعاً ،يومئذ لن تنفعهم اموالهم ولا اطيانهم ولن تعصمهم من عذاب الله وغضب الشعب المسكين .