الانسان الصالح يتسق مع المجتمع بالسلوك الطبيعي، واذا ما بادر الى اكثر من الطبيعي تأدبا، فهو متفضل على نفسه، اما الهبوط عن المستوى المعتاد في الحياة اليومية، فانه يحدث ثلمة في جدار المجتمع، تظل دينا في رقبته، يتوجب عليه عتق ذمته منه، عندما يصحو لدنياه.
فاذا كان الكلام اثناء الازمة، فضة، فان السكوت ذهب، اذ ان ثمة تداخلات اجتماعية ناتجة عن السياسة، جمعت حديثين للرسول محمد (ص) في وقت واحد، وكلاهما يصح تحت ظرفه: “خيركم من سكت” و”الساكت عن الحق شيطان اخرس”.
فالمجتمع لا يطالب الفرد بالانجازات الكبرى خلال الحياة اليومية، انما يريده ان يكف فكه، ويفك كفه، ان امكن، وان لم يمكن فكفى بالكف فضلا.
وحين تلجئ الضرورة المرء الى الخروج عن السبيل السوي في السلوكالاجتماعي، فانه ينحت في جرف المجتمع، ما يرتب عليه دينا يظل رهين الوفاء به، متى ما استعاد سواء السلوك وشاء ان يعود من عزلة (السفالة) انتماءً بالخير للناس من حوله.
حينها يجب ان يعطي التائب للمجتمع براهين مطمئنة على الا يعود الى الخطأ، وتلك بحاجة لمنهج سلوكي فائق يعوض ما فات من خطل.
يوفي دينه ويقدم براهين صوابه ويسوي حاله اتساقا مع الناس.
الازمات.. المفتعل منها والتلقائي، تسهم بقصدية او بحتمية بديهية في التداخل ما بين صوب السكوت وخطأ الثرثرة، فالزمن الاغبر يعتم على البصيرة ويمحو مديات الوضوح حد استصفارها، لذا قال الله في القرآن الكريم: “فليقل خيرا او فليصمت”.
وطالما المواقف تبلغ في الحياة اليومية، حد التساوي ما بين الصمت والسكوت، فعلينا ان نلتمس سبيلا الى سداد القول، وان لم نجد ما نقول خيرا؛ فلنصمت!
لان الموقف ونقيضه في حالة التداخل يصبحان مقامرة محفوفة بالربح والخسارة من دون ضمانات تعصم الزلل عن الخسارة وتؤكد الربح للصواب.
حينها السكوت يستحيل ذهبا والكلام غير الموثوق منه ليس فضة فقط انما ديناميت لا يبقي ولا يذر.