18 نوفمبر، 2024 12:45 ص
Search
Close this search box.

فلنبكِ على الحسين لانتباكى عليه..!

فلنبكِ على الحسين لانتباكى عليه..!

الحديث عن الصدق والكذب له بداية وليس له نهاية، وكذلك الحديث عن الرياء والزيف، فهو الآخر له من التشعبات ما يأخذنا الى متاهات ودهاليز كثيرة، فالكذابون والمراؤون لهم من الألاعيب ما يذهل إبليس ويدهشه، وهم يمتلكون من القدرات والإمكانيات ما يجمل الأكاذيب ويجعلها مسموعة ومصدقة، بل ومرغوبة ولها مؤيدوها، ذلك أنها تتجمل بوجه ذي بهرج فتان، بعد أن تُزوق وتُزورق بأفانين الكلام والأفعال، وهذا مايفعله ساستنا في وقتنا الحاضر، وهم لم يأتوا بهذا الطبع من الفراغ، فهم اما توارثوه (أبا عن جد) او اكتسبوه ممن عاشروهم او عاشروا الحديث عنهم فـ (من عاشر القوم أربعين يوما صار منهم).

ويذكر لنا التاريخ روايات عديدة عن الرياء والمرائين والكذب والكذابين والزيف المزيفين، منها على سبيل المثال لاالحصر، حدث من أحداث يوم الطف الذي نعيش ذكراه المؤلمة، تقول الرواية:

“بكى عمر بن سعد على الحسين في كربلاء وسالت دموعه على لحيته عندما رآى الحسين يجود بنفسه والدماء تنزف من جسده، وفي نفس الوقت أمر اصحابه بقتله وقال لهم: انزلوا اليه وأريحوه”.

أليس منا -ونحن في القرن الواحد والعشرين- من يتصرف بذات تصرف عمر بن سعد وبالازدواجية عينها في موقف من حياته؟ وخير مثال على هذا تصريحات أغلب ساستنا حول مشاكل البلد ومصائبه وتباكيهم على المواطن في حين هم أول المسببين فيها. والأمثلة على هذا كثيرة وطويلة وعريضة وثقيلة أيضا، قد تبدأ بمشاكل الموازنة العامة والبنى التحتية والحالة الأمنية… ولاتنتهي بتأخير إقرار القوانين وقراءة المشاريع وكثرة التأجيلات والإرجاءات فيها… والقائمة تطول.

ويذكر أيضا في الرياء والتصنع عن بعض العلويات انها قالت: “حين استشهد الحسين هجم العدو على خيامنا بين سلاب ونهّاب، ودخل خيمتي رجل ازرق العينين فأخذ ما في الخيمة ونظر إلى زين العابدين وهو على نطع وكان مريضاً، فجذبه من تحته ورماه إلى الأرض والتفت إلي وأخذ القناع عن رأسي وقرطين كانا في أذني، وجعل يعالجهما محاولا فكهما عن أذنَي ويبكي حتى انتزعهما، فقلت له: أتسلبني وأنت تبكي؟ فقال: ابكي لمصابكم اهل البيت”.

ان أفعال بعض ساستنا اليوم والبكاء على مايجري للعراق والعراقيين، لايختلف عن أفعال عمر بن سعد أو الرجل أزرق العينين، بدليل المواقف التي تبلغ حدا فيصلا بين مصالحهم الخاصة ومصلحة البلاد والعباد، حينها هم لايتورعون من تفضيل الخاص على العام، والـ (أنا) على الـ (نحن)، أما الدموع في ساعات الشدة فدموع تماسيح، وكما يقول بيت الشعر:

إذا اشتبكت دموع في خدود

تبين من بكى ممن تباكى

أوليس هذا مانراه اليوم في أغلب تفاصيل حياتنا ويومياتنا؟..

أوليس كثيرا من المتباكين حولنا على ماوصل اليه العراق، ليس لهم من الصدق في بكائهم على العراقيين إلا ما لعمر بن سعد في بكائه على الحسين عليه السلام؟

*[email protected]

أحدث المقالات