28 ديسمبر، 2024 2:15 م

فلسطين تحرر العرب

فلسطين تحرر العرب

(اكثر من هبة و اكبر من نصر)
هذه المرة وثبة الاقصى و هبة المقدسيين و اهل الشيخ جراح ليست كأي انتفاضة مرت و لا كمثل مقاومة سابقة لاعتبارات كثيرة ، و من المهم ان نسلط عليها الضوء تحليليا و بتركيز و على جميع اصحاب الاقلام و ارباب الكلمة ان يسهموا ، و للاسباب الاتية :
الحقبة الاخيرة مابعد السلام القلق بين الطرفين المباشرين (الفلسطينيين و عدوهم) و الطرفين غير المباشرين (العرب و مبغضهم) ثم الطرفين التاريخيين الازليين (المسلمين و اليهود) , في هذه الحقبة منذ بداية القرن الجديد و قبله بقليل تغيرت موازين كثيرة و نجح اليهود بقيادة الصهيونية العالمية و من ورائهم الدول المسيحية العميقة الاعلى شأنا و الحكومات الخفية الاخطر فعلا ، نجحوا خلال عقدين فقط في قلب الموازين بشكل يعادل ماحصل على مدى القرن الماضي كله .
النت و الفضائيات و تسليطهما و تسخيرهما لتمييع و تغريب الجيل الجديد من العرب المجابهين و المراقبين الساندين عن قضيتهم و قضاياهم المصيرية ، و الافقار و الحروب الداخلية و المشاكل الاهلية في كل مكان من الاقطار الكبرى المهمة مصر و العراق و سوريا و الجزائر و السودان ، و الالهاء و التتفيه و التهجين للاقطار الغنية في الخليج ، و التخريب و التدجين لاقطار بدوية عربية عتيدة كاليمن و ليبيا و الاردن ،، وهكذا .
قبلها تصفية اخر (جيل الصقور) من حكام العرب الذين كان يدفعهم الحياء من شعوبهم او الحمية القومية او تاريخهم النضالي الحقيقي او مايحملونه من اسرار و اطلاع او اتفاق حول مجريات الامور و لو الى حد ما ، و ابتدأوهم بصدام و عرفات و انتهوا بالقذافي و مبارك ثم الاخرين ممن هم اقل شأنا , فعزلوا من عزلوا سلميا و منعوا من منعوا -مكائديا- ان يصلوا للحكم . فافرغوا الساحة تماما للامعات من الحكام (مراهقي السياسة الطائعين في الجزيرة و الخليج) و (سياسيي الصدفة التابعين في العراق و مصر ) و (طامحي السياسة الخانعين في اليمن و ليبيا و السودان ) و هكذا .
و كان دور المثلث (ايران و ميليشياتها في سوريا و العراق و لبنان) من جهة و محور (ابن سعود و السيسي و بن زايد) من جهة و محور ( امريكا اوباما و ترامب و الضغط الاوربي و الروسي ) بالسر و العلن من جهة ثالثة . و ان تزاحم كل محور مع الاخر احيانا الا انهم يتقاطعون في احايين اكثر و يتحالفون في قضايا اكبر اولها (العرب و الاسلام و فلسطين).
هكذا و بعد عقدين اصبح العرب جمبعهم تحت الاحتلال “فكريا” مرة : فتلحظ جليا ظهور المتطاولين على الدين من داخله و هم بلباس المسلمبن بحجة التجديد او التنوير ، و ترى الملحدين و مهاجمي دينهم الام بحجة الاستيقاظ من الرقدة و التخدير الاسلامي ، و ترى المناداة الفجة بتحرر المراة “العربية المسلمة” حصرا و استرجالها و الدعوة المكثفة لخلاعتها و فتح السبل لهروبها و تمردها ، و الدعوة الملحة للشذوذ و التخنث بين الشباب و عقد مؤتمرات في الامارات و غيرها للواط و الشذوذ و الخمر و فتح النوادي و المراقص في بلاد الحرمين ، و اسوا من ذلك في بقية البلدان التي كانت محافظة حتى نهاية القرن الماضي،
و “ماديا” مرة : فترى تغير انماط جميع جوانب الحياة و المعيشة و انسلاخها لصالح النمط الغريي الدخيل المستهجن الذي اصبح مستحبا ! و انحدار الجامعات و التعليم و الفساد المالي و الشغف بمظاهر العولمة و تقليدها و التسابق نحوها .
فاصبح للموضات المخزية مقلدون دون مستنكر ، و لحكام الخنوع و التفاهة مطبلون و اتباع دون تردد ، و للهجوم على الدين مناصرون دون رادع ، ثم اخيرا للتطبيع مع العدو و تحويل القدس الى اسرائيل بصفقة (ترامب ابن سعود السيسي ) قبول و ترويج ، و للهجوم على اخوتنا المسلمين الناهضين من حولنا مبررات ، و محفزات و الاشتراك ضدهم بمؤامرات و انقلابات .
في هذا المشهد اليائس البائس الغريب المشتت الضائع الذي وضعنا فيه بالتخطيط منهم و بالتنفيذ من حكامنا و مثقفينا و بالاستسلام اليسير منا ، كانت فرصتهم للهحوم و الانقضاض على ماتبقى بعد نجاح الصمت ضد صفقة ترامب . فقد ترك الفلسطينيون وحدهم و خذلوا و ان حاولوا و قاموا ، فمن المؤكد انه حان الوقت و لن يتصدى احد .
(قال ترامب قبل عام : كلمني بن سلمان و السيسي و الاخرون يقولون ليس الان . اجل اعلان الصفقة لقادم فالوضع لم يهيأ بعد دعنا ننهي لك التمهيد ، فاغلقت الخط و فعلت ما اريد و مااتفقوا معي عليه و اعلنت و لم يحدث شيء في العالم العربي و الاسلامي ، فاتصلوا بي بعدها مستبشرين و هنأوني . )
فالان و بعد سنة و بالقياس سيكون الامر اهون و ايسر ، هذه المرة وافق الحكام العرب و اعطوا الضوء الاخضر بل ربما لم يسالهم احد اصلا ، فالامور في غاية التمهيد ، و قد اكتمل احتلال كل بلاد العرب الا فلسطين ،
فكانت الصدمة لهم الشيخ جراح ، و سوء الطالع في رمضان ، و خطأ الحساب في الاقصى المبارك. ، و استفاق العرب النائمون على اصوات نساء ترابط و رجال تقاوم و شباب تفتدي القدس بنفوسها قبل المال ، و كأننا في اول القرن العشرين ، قبل النت و قبل الخونة و قبل التطبيع و قبل ايران و قبل المليشيات و قبل الفقر و قبل الالهاء و قبل الالحاد و قبل التجديد .!
فاستفاقت بلاد العرب المحتلة و شعوبها المغتصبة على هبة فلسطين الحرة و شعبها المستقل ، فتململ العامة من العرب و المسلمين ، و اظن و ارجو ان تحرير العرب على ايدي الفلسطينيين قادم ، و ستعلم نساء القدس نساءنا ، و يشجع شباب فلسطين شبابنا ، و يقود شيوخ فلسطين شيوخنا نحو الحرية و الصحوة من الرقاد . و ستصدق النبوءة الخالدة . و سينادي الحجر و الشحر . ان يامسلم هذا عدوك خلفي فاضربه .
فلم يستطع العرب ان يحرروا فلسطين و لكن فلسطين ستحرر العرب .