19 ديسمبر، 2024 1:38 ص

فلسطين بين الواقع واكذوبة العرب

فلسطين بين الواقع واكذوبة العرب

منذ نعومة اظافرنا وبداية دخولنا المدرسة الابتدائية ورغم صعوبة العيش ومدرستنا المتهالكة المشيدة صفوفها من الطين وعدم امتلاكنا ثمن ملابس المدرسة وغيرها من صعوبات الحياة الاقتصادية.. الا ان الحكومات العربية ومنها طبعا حكومتنا في ذلك الوقت علمونا في مدارسنا ان فلسطين عربية ومحتله ويجب علينا ان تبرع بطابع فئة الخمسة عشر فلس لتلك الدولة من باب الاخوة العربيه… علمونا ان الفدائي يدخل تحت الدبابة ويفجرها برمانة يدوية… وعلمونا ان العرب متوحدون وسوف يكون تحرير فلسطين بجيش عربي في القريب العاجل… وان اشقاءنا الفلسطينيين يموتون جوعا والمحتل يتعامل معهم بالقوة ويمنع عنهم الاكل والشرب…
وكل فترة من الزمن نجد شعارات مكتوبة في منشورات تصل مدارسنا الغاية منها شد الحماس بيننا..
كنا صغار لانفهم المكر والخداع لانعرف الكذب والنفاق ونصدق كل ما يقوله معلمنا حتى ان اغلبنا كان يتمنى ان يكبر بسرعة لكي يكون فدائي يفجر دبابة المحتل بجسده…
وبين الحين والآخر نجد انفسنا ملزمون بدفع رسم الطابع واغلبنا كان يواجه صعوبة الحصول على ثمنه من اهله لعدم امتلاكهم المال….
هكذا هي طفولتنا وثقتنا بحكوماتنا وقادتنا الثوريين الذين يدعونا دوماً الى النضال من اجل تحرير فلسطين…
وبعد ان مرت بنا الايام وعبرنا مرحلة الطفولة ووصلنا مرحلة الشباب تقربنا في هذه المرحلة من سماع الاغاني والطرب الريفي وكان اغلبنا يعشق صوت كوكب الشرق السيدة  ام كلثوم وهي تطرب العالم العربي اجمع من مغربه الى مشرقه شعوباً وحكومات وكانت اغلب اغانيها مفهومة المعنى ولعل ابرز ما لفت انتباهنا اغنيتها الخالدة الاطلال ومقطعها المميز هل رأى الحب سكارى مثلنا…
وربما اغلب مستمعيها في حينها تردد المقطع ولكنني وجدت ان العرب فعلا كانوا وما يزالون سكارى من دون خمور…. وان حكامنا يكذبون علينا لانهم يعيشون في حالة السكارى وتمسكهم بالقومية العربية والتي اصبحت مع مرور الوقت سلعة متهالكة.. وان معلمينا ايضا كانوا يعيشون حالة سكر مرحلة النضال الفارغ… وان اثمان طوابعنا تذهب الى جيوب المسؤولين كرواتب ومخصصات اضافية وان دولنا باستطاعتها كدول منتجة للبترول ان تدفع المليارات هبات ومنح اذا ارادت ذلك.. وان المطالبة بتحرير فلسطين مجرد كلام مبني على الوهم ومن باب الخيال والمتاجرة بأسم القومية العربية..
فأين طوابع الامس من تطبيع اليوم؟؟ اليس اغلبنا نحن العرب لدينا علاقات واتصالات سرية وعلنية مع محتل الامس… فلماذا كذبتم علينا وشوهتم افكار طفولتنا ولم تقولوا لنا الحقيقة… اليس الاجدر في ذلك الوقت ان تذهب اثمان الطوابع لبناء مدارس حديثة لنا بدلا من مدارسنا الطينية…كبرنا ولم نرى الجيش العربي او الفدائي الذي فجر دبابة المحتل برمانة يدوية مصنوعة في امريكا او الاتحاد السوفيتي في حينها…
تباً لنا نحن العرب نكذب على انفسنا فنصدق اكذوبتنا… تباً لنا ونحن نعيش في حالة السكارى ولم تجد الدنيا قوماً سكارى مثلنا… فيا فلسطين نحن وانت عشنا سويةً بين الواقع والاكذوبة العربية…..

أحدث المقالات

أحدث المقالات