23 ديسمبر، 2024 1:04 ص

فلسطينيو العراق .البقاء في حياتكم ؟

فلسطينيو العراق .البقاء في حياتكم ؟

انا حزين عليهم . وابكي في كل مرة عند سماعي قصص تصلح ان تكون فيلما سينمائيا ليشاركني العالم على هذا البكاء , انا حزين عليهم بعد ان اتهموا ” بالصداميين ” و ” الارهابيين ” و ” باعوا اراضيهم لليهود” وان كانت تلك السلبيات تمثل 1% فقد شمل الجميع بدون استثناء , وصارت تلك التهم كابوسا تلاحقهم أينما حلوا وهم براء كبراء الذئب من دم ابن يعقوب .

الكثير من الاخوة العراقيين يعتقدون ان صدام حسين هو من جاء بهم للعراق واللبسهم الحرير و وزع عليهم غنائم الوطن وفضلهم ببناء وحدات سكنية في شارع حيفا و شقق البلديات وكان يعطي في فتراته الأخيرة لكل عائلة فلسطينية مبلغا شهريا قدره ” مليون دينار” ؟؟ وان تلك المغريات دفعتهم ليصبحوا انتحاريين بعد سقوط نظام صدام ؟! .

لكن الحقيقة عكس ما يتوقعه الكثيرين – ان الوجود الفلسطيني في العراق منذ عام 48 كان صدام حسين طفلا صغيرا , نظام صدام حسين لم يعطي فلسا واحدا لأي لاجئ فلسطيني ولم يبني شقة واحدة لأي فرد منهم . بخصوص المجمع السكني في شارع حيفا قد بنى للمعارضة السورية الذين يعيشون في العراق , ولم يسكن في هذا الشارع ولا فلسطيني واحد والكثير من اهالي تلك المنطقة مثل الرحمانية والشواكة شواهد على كلامي , اما مجمع البلديات فقد تم انشاءه في عهد الرئيس الراحل احمد حسن البكر وبتمويل الصندوق المالي الاسكاني التابع للامم المتحدة ولا فضل لصدام حسين على اي واحد منهم ، حتى ان في عهده كان الكل متساوون بالحقوق باستثناء الفلسطينيين الذين ولدوا في العراق , فقد حرمهم نظام صدام حسين من كل الحقوق مثل تسجيل عقار باسمهم او شراء سيارة او التوظيف في الدرجات الاولى الذين يحملون شهادات عليا .

التقيت مرة بالسيد قاسم الاعرجي حين كان وزيرا للداخلية واخبرته ان كانت الحكومة العراقية نشرت رسميا ان عدد الانحاريين الفلسطينيين بلغ 2000 ؟! نظر لي مستغربا وقال ان هذه الاخبار عارية عن الصحة ولم اسمع مثل هذا سوى منك , واضاف هذا اتهام صدر من اعداء فلسطين
. والتقيت بالصدفة المرحوم الخبير القضائي طارق حرب في مقهى الشاهبندر , خضنا نقاشات حادة لكن كنا متفقين طول الجلسة على ان هناك جهة لا ترغب بان يبقى العراق بحاضنه العربي لهذا تم بث اشاعات لا يصدقها العقل على ان 2000 فلسطيني تم تفجير جسده على الشعب العراقي .

فلسطينيو العراق – فلسطينيو النكبات والقهر والظلم , فمنذ 73 عاما وهم بلا حقوق شرعية ممنوع عليهم ما يتمتع به الاخرون من اهل البلد , 73 عاما وفلسطينيو العراق يحملون هوية ” لاجىء” رغم ان الغالبية العظمى منهم ولدوا في ارض الرافدين , وقد اندمجوا مع ابناء هذا الوطن وزوجوا وتزوجوا من العراقيين حتى صاروا جزء لا يتجزء من هذا الوطن الذي اكرمهم .

لكن الحكومات التي جاءت بعد عام 2003 لم تنصفهم باعتبارهم بلا وطن وقد امضوا اكثر من سبع عقود في هذه الارض , فقد اصدر مجلس النواب العراقي قانون ينظم احوال الاجانب ليصبح التعامل مع الفلسطيني المقيم منذ عام 1948 بالتعامل الاجنبي الوافد حديثا ليحرموا من كل الامتيازات منها حرمان ورثة الفلسطيني المتقاعد المتوفي من راتبه التقاعدي , لا يحق لهم شراء الدور , لا يشملهم راتب الرعاية الاجتماعية , او راتب ضحايا الارهاب , بلتالي صار الفلسطيني في العراق يعتبر ان هذا القرار استكمالا لتهجير ما تبقى من الاربعة الاف فلسطيني في العراق .
احد الفلسطينيون يقول لي بحسرة ان حفيده بدا يكبر لكنه ما يزال يحمل هوية “لاجىء ” فلا نحن محسوبين على العراق ولا نحن محسوبين على فلسطين , حتى ان ( البدون ) افضل منا حالا , لان البدون قد انصفوهم واعطوهم حقوقهم اما نحن فلنا الله الذي ينظر الينا .

ففلسطينيو العراق مهمشون ويعيشون بواقع مزر يحتاجون الى تعاطف انساني واسع بعد ان تخلت عنهم مفوضية اللاجئين ولم تعدهم جزء من عملهم فقد قطعت عنهم ما كانت تدفعه من بدلات الايجار رغم معرفتهم بحال الفلسطينيين التعيسة , وان اصعب ظرف عاشوه الفلسطينيين في العراق حين جردوا من القوانين الإنسانية التي تمنحهم العيش المنصف ، والأخرى كان مع بداية صراع اصحاب العقارات معهم بعد ان ورطتهم مفوضية اللاجئين لعدم قدرتهم دفع لهم الايجار في هذه الوقت ، بينما استمرت ذات المفوضية باستمرار دفع المعونات المالية للاجئين السوريين والسودانيين وجنسيات اخرى يمتلكون وطنا لكن الفلسطيني بلا وطن ؟ هنا صار من واجبنا حين نشاهد فلسطيني “مشحر” ان نعزيه ونقول له : البقاء في حياتكم ؟ّ!