18 ديسمبر، 2024 8:19 م

فكرة عن المشهد العراقي ولا يوجد عراق جديد

فكرة عن المشهد العراقي ولا يوجد عراق جديد

الانجراف للعملية السياسية نحو التخندق المذهبي والعقائدي يعيد نفسه في كل انتخابات نيابية ويأخذ العراق الى زاوية احادية تقع على طاولة الجهات الداعمة للقوائم و الأحزاب المتنازعة حتى تصل الى نقطة اتفاق تخدم من خلالها مصالح الراعي وليس مصالح الفاعل السياسي .
اليوم الخلاف بين الطبقات السياسية حول التمثيل الحكومي يرمي في اثره على صراع التناحر الاقليمي و الدولي في البلد فهناك المؤثر الاكبر الايراني والذي يقف على شقين انصار الولي الفقيه من المحافظين وانصار الاصلاح حيث ابرز تقدم واسع للإصلاحين في المشهد العراقي على المحافظين اصحاب النهج التقليدي في ادارة الملف .واكيد هذا الفراغ جاء نتيجة غياب سليماني عن المشهد العراقي وتعالي صوت تشرين الذي قلب موازين العراق . و ايضا الاعلام المضاد استطاع ان يرمي كرة تحت عنوان ايران فوبيا في المنطقة فأصابت الشعوب وكان للشيعة في العراق جانب كبير من التأثر في هذا الداء وبهذا استطاع تقييد انصار ايران من النفوذ الى البرلمان العراقي . في الجانب الاخر الداعم الامريكي الذي يقف مع الجميع بشكل مباشر وغير مباشر حيث تارة تجده يهدف الى ضرب القوى المسلحة وبسط سيطرته ونفوذه على المشهد العام وهذا نهج جمهوري يقابله المد الديمقراطي والذي يعمل على اتاحة النفوذ امام القوة المسلحة واضعاف الدولة ويقف متفرج على الجميع من سينتصر ليبارك له ويلعنه في السر و العلن .وفي الجانب الاخر الداعم العربي المتمثل في الجبهة القطرية حيث ينشطر الى أكثر من اتجاه اشبه بطلائعيات الأميبا حيث يجد المساحة في التعايش بالمستنقع السياسي السني والشيعي والقومي والمدني و يدعم الجميع ويضرب الجميع في ما بينهم ويقف مع الاقوى في الغالب .وفي الوقت ذاته هذا المحور يملك علاقات وطيدة مع المحور الإيراني و اليوم يملك قاعدة جديدة مع المحور الخليجي وعلى راسهم السعودية و في النهاية تجده مناصر التيار الاقوى في التمرد على الهدوء السياسي. ايضا يوجد لدينا الداعم السعودي والذي يمتاز بالتردد والقلق والاضطراب حيث سبق وان تحرك في وسط سني فاشل ممن يملكون الصوت القومي وبقايا البعث وعدد من الزعامات الجديدة التي لا تملك تأثير على مستوى العائلة وليس القبيلة او العشيرة مع تردد وخوف من فتح ابوابه امام الوسط الشيعي حيث يتقدم خطوة ويعود ادراجه الف خطوة على الرغم من دعمه الى بعض فواعل الساسة الشيعة الا انه لم يستطيع ان يوحدهم في السبق الانتخابي وضرب احد الاطراف على الرغم من الحنكة السياسية التي يمتلكها الفاعل الف بالمقارنة مع الفاعل باء واستطاع في الفترة الاخيرة من خلال تغيير الاتجاه السياسي او النهج السياسي للمملكة وبمساعدة قائد محور الانفتاح و التطبيع العربي الامارات ان يمد بعض الجسور من خلال محور التغيير وفتح ابواب تواصل مع الكورد !! وان كانت خجولة الا انها تفي بالغرض حيث أجيز لقطر بعد تقاربها مع المملكة السعودية ان تحمل ادارة هذا الملف .فعند النظر الى هذا التشظي السياسي في ادارة الملف العراقي مع محاولة طرح فكرة القائد والزعيم الأوحد للمكون نستطيع ان ندرك ان الخلاف خارجي قبل ان يكن داخلي . وان ادارة ملف الوساطة والتهدئة لابد ان تقع على كاهل شخص يمكن ان يوحد الصف السياسي الشيعي مستصحب معه بعض المتحولون الجدد من السنة والذي يذهب نحو المحور الايراني والذي سبق وان خاض هذه التجربة معهم في الانتخابات السابقة لذلك ذهب التيار الشيعي لاختيار المالكي بديل لسليماني لا سيما معرفتهم بضعف قاآني و ايضا وجود عنصر اللاعب الحر من قبل المحور السني الذي يلعب مع فريقه و فريق الخصم محاول منه ان يصل إلى الجمعة إلا انه يقف عند الخميس .ولا يمكن لنا ان نتجاهل الجانب السني حيث اليوم له زعامة شابة جديدة تحاول ان تجد لها مكان على الساحة بين الاسماء .الا انه يواجه رفض خارجي قبل الرفض الداخلي وأصبحت فرصه ضعيفة جدا في استلام القيادة التشريعية. وبهذا الوضع تحول الصراع الى تنازع بين زعامات ثلاثية تتمثل بالمالكي والصدر وصاحب القرار في نزول كفة القبان الى واحدة من الجهات هو البرزاني. وهنا تبدأ عملية المكاسب والتنازلات أمام المنصب الا ان البرزاني يعلم ان الزعامة الشيعية لا تقف عن الرقم الانتخابي بقدر ما تقف على الروابط العميقة والقديمة التي تربطهم لأكثر من اربعة عقود .بالإضافة ادراكه التام بان ايران لن تصمت امام هذا التغيير لاسيما وان دائرة الكورد تقع في محور من الصراعات الاقليمية متمثلة في ايران وتركيا وعرب العراق و شيء من حكومة الاسد لذا من الحنكة ان يقف مع انصار ايران في العراق لكن في استثمار المشهد بشكل تام و استحصال مكاسب سياسية جديدة لحكومة الاقليم .وفي النهاية ما يحدث من تغيير في المسرح السياسي لا ينتج لنا عراق جديد .