23 ديسمبر، 2024 11:06 م

فضيحة أولمبية عراقية

فضيحة أولمبية عراقية

أضحت الرياضة في عالمنا المعاصر واجهة للدول ومقياس لتطور شعوبها ،وهي أيضا” ليست للمحافظة على صحة الجسم ولياقته وليست للمتعة فقط بل هي عالم قائم بحد ذاته.لذلك أنفقت الدول المتحضرة العظمى والصغرى أموالا”طائلة من أجل بروز رياضيها وفي مختلف الفعاليات من أجل اعلاء أسم الدولة وأبرازها على الخارطة العالمية,وبالفعل فقليل منا يعرف دولة صغيرة مثل جامايكا لان الاحداث السياسية والكوارث الطبيعية تكاد تكون معدومة فيها وهي أيضا” جزيرة صغيرة جدا” في البحر الكاريبي ولكن رياضي واحد بارز عالمي مثل العداء الاسطوري (أولسن بولت) بطل العالم ومحطم الارقام القياسية العالمية في فعاليتي (200,100) متر ركض أستطاع هذا العداء الممتاز من رفع أسم دولة صغيرة لايعرفها أحد وهذا لاتستطيع عمله مئات القنوات الفضائية والاعلامية مثل الجزيرة وغيرها من الفضائيات المتخصصة في تلميع ورفع مكانة الدول الهامشية.لذلك من أجل هذه الخاصية أضحت الرياضة واجهة أعلامية للدول,وقد بدأت دول كبرى في تجنيس الرياضيين البارزين ودفع مبالغ طائلة لهم من أجل تمثيلهم لهذه الدول في الالعاب الاولمبية ,وهذا ما دابت عليه بعض البلدان العربية الهامشية الصغيرة مثل قطر والبحرين واللتان جنستا عشرات الرياضيين البارزين من دول افريقية وغيرها من دول العالم الاخرى , وبالفعل نالت هاتين الدولتين عدة مداليات أولمبية ملونة وبذلك رفعت اعلامهما من على منصات التتويج.
أن الاهتمام بالرياضة وبالرياضيين سمة الدول المتحضرة المتطورة والتي تهتم بالانسان وحقوقه وتعتبره قيمة عليا, ومن ضمن أهتمام تلك الدول هو أنشاء البنى التحتية الحديثة من ملاعب ومراكز صحية وغيرها من المستلزمات الرياضية الضرورية لصناعة الابطال,وهذا مانحن نفتقر اليه بشدة, فبنيتنا الرياضية في حالة يرثى لها وهي متخلفة الى أبعد الحدود، ولانستطيع بهذه الملاعب المتخلفة من أعداد رياضيين أبطال ممكن أن ينافسوا حتى رياضيي الدول المجاورة لنا، كما أن أهتمام الدولة ومنذ عقود عديدة بالرياضة أهتمام هامشي ودعم الدولة والحكومات المتعاقبة في العراق للرياضة ضعيف وهذا ما وضح فيما وصلت اليه رياضتنا من أنحدار في النتائج والمستويات، فمن المضحك المبكي أن بلد صاحب تأريخ وحضارة كبيرة لم ينل في تأريخه الرياضي سوى على وسام برونزي وحيد عام 1960(للمرحوم البطل عبد الواحد عزيز بمسابقة رفع الاثقال) بينما سباح أمريكي واحد ولوحده وبمشاركته في ثلاث دورات أولمبية متتالية أستطاع الحصول على (22) ميدالية أولمبية متنوعة حتى هذه اللحظة، أنها حالة غريبة فعشرات الدول الصغيرة نالت ومازالت تنال الميداليات الاولمبية ويقف رياضيها وأعلام دولهم على منصات التتويج ونحن وبعد كل دورة أولمبية ننبذ حظنا العاثر, ونحاول تحسين النتائج في الدورة القادمة وهذا هو حديث المسؤولين الذي سمعته ومازلت أسمعه منذ أن عرفت الدورات الاولمبية ووعيت عليها.
ان أبتعادنا عن التخطيط الرياضي السليم والمنظم في أعداد الابطال الرياضيين الحقيقيين وفق طرق علمية صحيحة كان السبب الابرز في تخلفنا، فرياضتنا كانت ومازالت بأيدي أدارية غير ماهرة ولا محترفة في عملها لاتستطيع العمل وفق خطط سليمة يمكن الاعتماد عليها. فمن المعيب أن دولة تجاوز نفوسها العشرون مليون شخص ومازالت وبعد كل مشاركة أولمبية تخرج خالية اليدين بيضاء فارغة,وكأن المشاركين بالالعاب سواح يتمتعون برحلتهم وعلى نفقة الدولة الى هذه العاصمة او تلك, وبالفعل فهاهو وفدنا الرياضي المشارك في دورة لندن تكون من ثمانية رياضيين فقط أما الاداريين والمدربين والاعلاميين فهم ضعف هذا العدد بكثير ، ومن المؤسف أن اغلب رياضيينا المشاركين في أولمبياد لندن لم يتاهلوا للمشاركة بواسطة أرقامهم الرياضية التأهيلية وانما عن طريق بطاقات دعوة من اللجنة الاولمبية الدولية، فماذا ننتظر من رياضي شارك عن طريق دعوة رياضية، هل يستطيع أن يحقق أنجاز عالمي أم أن مشاركته كانت تحصيل حاصل.
والله تصيبنا الحسرة ويعلوا وجهنا الالم عند كل دورة أولمبية خصوصا” عندما نراى أبطال بعض البلدان العربية والمجاورة لنا من الحصول على الميداليات الاولمبية الملونة بينما نحن وبفضيحتنا الكبرى بخروج جميع رياضيينا المشاركين في أولمبياد لندن من المنازلة الاولى أو من المباراة الاولى أو من اللحظة الاولى, فلماذا شاركنا ولماذا ذهب هولاء الى عاصمة الضباب لندن ، هل للاستمتاع بأجواء لندن الساحرة ورؤية الاخرين وهم يتقلدون أوسمتهم بزهو، انها فضيحة جديدة لرياضيينا وعليهم التفكير الف مرة قبل أن يقرروا المشاركة في بطولات جديدة حتى لا يزيدوا الطين بلة.