19 ديسمبر، 2024 12:54 ص

فضائل يزيد وصدام

فضائل يزيد وصدام

ما ان تقع عين القارئ على العنوان يستغرب منه ويضع اكثر من علامة تعجب واستفهام وتوقف امامه، هل فعلاً لهاتين الشخصيتين على بعد المسافة الزمنية بينهما توجد لهما فضائل في سجل حياتهما؟

حين نتصفح كُتب التاريخ والسير لترجمة حياة الخُلفاء والملوك والقادة عِبر الحُقب الزمنية، يوجد من يمجدهم كبوق اعلامي يمنحهم صفات والقاب ما انزل الله بها من سُلطان، إبن هانئ احد المرتزقة من الشعراء المتملقين يصف احد الملوك بصفة لا يختص بها الا الله جل وعلا، يقول في شعره الذي فيه غلو وجرأة صريحة على رب العالمين، في وضع ند له مقابل ان يكسب بعض المال ورضا الحاكِم عليه قائلاً
ما شئت لا ماشاءت الاقدارُ فاحكم انت الواحد القهارُ! وغيرُه ممن هانت عليهم انفسهم ودينهم لأجل مبالغ مادية او للحفظ على النفس من الهلاك.
عبدالمغيث البغدادي الحنبلي واحداً من عبدة السلاطين والجور ومخفي الحقيقة، الف كِتاباً سماه فضائل يزيد.. فتصورا! يستعرض فيه خصائص وامتيازات حُكم يزيد إبن معاوية ويلقبه بلقب أمير اومنين، يصفه كان حازماً باتخاذ القرارات للحفاظ على وحدة المسلمين مبرراً بذلك محاربته للإمام الحسين إبن علي(عليهما وآلهما افضل الصلاة والسلام).
تولى يزيد الحكم عن طريق الاغتصاب والجور من جهة والترغيب بالمغريات المادية من جهةً أخرى، وكانت من اهم انجازات الحاكم الاموي يزيد في فترة حُكمه الذي دام مايقارب الاربعة اعوام، في اول سنة لتوليه الحُكم اقدم على قتل الإمام الحُسين سبط النبي (عليهما وآلهما افضل الصلاة) في كربلاء مطلع عام 61 للهجرة، وفي السنة الثانية رمى الكعبة بالمنجيق واحرقها ثم بعد ذلك غزا مدينة الرسول (صلى الله عليه وآله) واباحها لجيشه لمدة ثلاثة ايام يفعلوا مايشاؤا، قُتِلَ فيها مايقارب 700 مابين صحابي وتابعي، انتهكت فيها الاعراض والحُرُمات وسُفِكت الدماء في واقعة “الحرة” كل هذا يختتم قوله يزيد اميرالمؤمنين المفترى عليه! ومن كلام له ايضاً يجب توقير واحترام يزيد لمكانة والده معاوية لكونه من كتاب الوحي، هذه هي فضائل الحاكم الاموي يزيد فعلاً وبحق انها فضائل تميز بها دون غيره.

لايستغرب المرء من سماع وقراءة من يمجد يزيد في زمنه وما بعده بحقبةٍ زمنية بعد هلاكه، الآن في القرن الواحد والعشرين عصر التكنولوجيا والمعلومة الذي اصبح العالم بِأسره اشبه بالأُسرة الواحدة، في توفر المعلومة وسهل تناولها والبحث عنها بضغطة زِر، يلاحظ من يُجمل صورة دكتاتور عاث في الارض فسادا وجرائمه واضحة للعيان وبالجُرم المشهود، لقتله أبناء شعبه وتهجيرهم وتكميمه للافواه التي رفضت سياسته القمعية، وخوضه حروب طاحنة لم يسلم منها الاخضر واليابس دفع المواطن فيها الثمن غاليا من؛ دماء وجراح ومعاناة لها بداية لا نهاية لها لكثرتها، كل هذا يأتي من يتصدى لدفاع عن الدكتاتور صدام وحزبه الاجرامي ويصف حكمه بالفترة الزمنية الذهبية! حيث رباطة الجأش والتطور العُمراني والاستقرار على مستوى؛ النظام السياسي والاقتصادي والامني ومحاربة وتصفية المناؤين له، راقصاً بذلك على جِراح الرجال وأنين الارامل واليتامي والثكالى، واصفاً اياه بقائد الضرورة وسيفها الاوحد حامي البوابة الشرقية.. لم يكتفي وعاظ السلاطين ومرتزقتها عند هذا فحسب، بل تعدى ذلك منحه القاب واسماء مقاربة لله جل وعلا وللانبياء والاوصياء (عليهم السلام).

يزيد وصدام؛ توحدت هاتين الشخصيتين بفضائلهما وامتيازاتهما بالقتل والتعذيب والتصفية الجسدية لخصومهم كل من انتفض ضد سياستهم، وبسبي أُسرِهِم وتهجيرهم للمنفى وشراؤه للذمم والضمائر وتسخيرها لصالحهم في تجيير الاقلام والابواق لتصدح بهم صباح مساء، في تجمييل صورتهم الإجرامية وبقلب الحقائق، وجعل شعوبهم كالعبيد القن متحكماً بدمائهم واعراضهم واموالهم.
نعم اقولها وبحق انها فضائل امتازوا بها عن كل من تولى السلطة، حكموا البلاد والعِباد بالنار والحديد والتيزاب، إن كُل ما ذُكِر يُعد نقطة في بحر من اجرامهم الدموي.