اللَّيَالي كَلَهَا لَمَّتْ خَلايانا
ونامَتْ فَوْقَ صَدري
نَبضُها نَبضُكَ
والجَذرُ فَضاءاتٌ تَخَطت راحَتاهُ
حَاجِزَ العُمرِ واوصاكَ: سَتَتْرُك
فَوقَ أَغصانِ الرِّمال
خُبزكَ المثلومُ والشَّاي
وعُشْباً مَن حِواراتِ اليَدَين
فأنا بَينَ العَصافيرِ وأَطيافِ النَّدى
لَم اقبلْ راحَةً أخرى سِوى
واحَةِ الأَسرارِ في كَفِّ الحَبيبَة
الفَضاءاتُ تُضيق
المَحطاتُ تُضيق
البِداياتُ تُضيق
والشَّرايينُ تُضيق
عِندَ فَيضِ الأسئِلة
مَنْ تُرى يُخضِبُ أحلامَ الطفولة؟
منْ تُرى يُمْهِلُ أحكامَ العَذاب؟
منْ تُرى يوقِظُ ذيَّاكَ الضَّمير؟
منْ تُرى يَغسِلُ عَيْنِيهِ بامواهِ الفرات؟
غاسِلا عَينيهِ بِالجَمرِ المُبللِ بِالنِّداء
فاصِلا بَينَ النبوءاتِ البَليدَة
والنِّهاياتِ الشَّريدَة
الحَماماتُ تَفِرُّ
السَّماواتُ تَخِرُّ
وعَلى أقدامِنا تَنبتُ أشواكُ الرحيل
خائِبا كانَ الرَّحيل
وأنا امْتَد بَينَ البَحرِ والبَرِّ يَتيمًا
غَيرَ ذِكْرى
أفْسَدتها شَفتا الشيبِ ومُوسِيقى القبيلة
نامَ من نامَ وأبقيتُ النجوم
فَوقَ أهدابيَ تَنزف
عَلَها تَأخذ خوفي
عَلّها تَذبح سُهدي
عَلَّها…
أمنياتي افترَقَتْ عِندَ خطوطِ الوَقتِ
واشتَدَّ حَنيني
مُطرٌ فَوقَ مَطَر
لَيْسَ فِي عَيْنَيْهِ غَيْري
وعَلى صَدرِيَ ألوان الحَريق
صُورٌ بَعدَ صُوَر
ليسَ في الوانها مِثقالُ ماء
وجُفونُ الريحِ تُقصي ابجَديّات الطريق
حَجرٌ بَعْدَ حَجَر
ليسَ في الانغامِ عزفٌ لإلهٍ من حَجَر
وعلى اكتافِ خَزافٍ تَجلّت ارحَبيّات الصديق
سَفرَ بَعْدَ سفَر
وأنا انْتَظِرُ الفَجْرَ زَمانًا
لأغنّي:
أورقي يا ظُلمَة اللَّيْلِ أورِقي
فَدَليلي حارَ لا شَيء يَقي
كُن غُبارَ الجِنِّ أو سَحْقَ الرِّحي
مُدن ضَيْعتُها وبِلادي ضَيَّعْتني
منْ سَيَبقى ناشِرا كَفيه يَدْعو لِلسَّماء؟
منْ سَيبقي حَلمُهُ الْمَضنيِّ منْ دونِ رَجاء؟
منْ سَيُبقي نَخْلهُ الأخْضَر مِنْ دُونِ ارتِواء؟
منْ سَيُبقي…
فَاللَّيالي كلها صُنعُ يَدي
والرَّحيلُ قَدَمي
وطُلوعُ الشَّمْسِ حَقٌّ
والكِتاباتُ دَمي
