23 ديسمبر، 2024 4:36 ص

فشل الاخلاق والسياسية المسلفنة بالتوهمات

فشل الاخلاق والسياسية المسلفنة بالتوهمات

ان غاية السياسة هي المحافظة على العلاقات السياسية بطرق سليمة والسماح بذلك باستخدام كل الوسائل المشروعة من اجل ابقاء العمل السياسي قائماً عند البنية الصحيحة وهناك البعض الاخر بينهم لا يؤمن إلأ بالطرق الغير المشروعة في التعامل وتردي الأخلاق السياسية سمة من سمات الأنظمة التي تخلق الأوضاع التي تسمح للكبير بالسيطرة على حصة الصغير، وتسمح للدولة الأكبر حجما بتدمير حقوق الدولة الاصغر، كما وتدفع الدولة المسيطرة على القانون وكل الصلاحيات والمؤسسات و تحكم بلا مرجعية أخلاقية قيمية ودستورية عادلة تجاه مكونات المجتمع، تسرعام ما تنتهي مع الوقت، لخلق حالة من التفكك المزمن وحالة من السقوط لكل أنواع التضامن ضمن المجتمع وبين الدولة والرأي العام وعندها تنمو مدارس تتحدى الظلم وتتواجه معه في ظل سعي لواقع يحترم الحقوق ويثمن العدالة.

عند وجود علاقة وثيقة بين السياسة والاخلاق بلاشك عندما تكون أخلاقية الدولة مساوية فى أهميتها لأخلاقية الأفراد، ويكون ذلك متجذرا فى وعى الناس ويستعملونه فى حكمهم على مؤسسات الحكم ومؤسسات التشريع والأحزاب، عند ذاك فقط ستصبح قيم العدالة والمساواة فى المواطنة والحرية المسئولة والكرامة الإنسانية متحققة ، ولكن تقدم السياسة اولا ما يعني مزيداً من الأنانيات الفردية وخاصة اذا ما قدمت نفسها على أنها مشاريع إصلاحية وهي عابر ومرحلية و تُقدَّم عدد من المسميات على أنها أحزاب سياسية في ظل دكاكين مفتوحة وجمعيات ومنظمات تقودها عقول خالية من الوعي السياسي الحقيقي وتحمل من الثقافة الزائفة والهواجس المتمركزة حول الذات الفردية أو الفئوية فترفعها إلى مرتبة الحق المطلق في القيادة، الغاية منها السعي لتحقيق المكاسب الشخصية، على حساب الاخرين وحقوق من هم أكثر ضعفاً وحاجةً في المجتمع وعلى أنها مشاريع مدنية، الأخلاق في السياسة هو جزء من فن لإدارة الدول، ولكن ضاعت خلال السنوات الاخيرة واصبحت أقل تحضرا ودماثةً، والرياء حين تحصل لحظة تقاسم الغنائم، عندها يتحول أصحاب المبادئ في الكلام، الى طلاّب مصالح في الواقع، كما يتحوّل التنظير المثالي المسلفن بالاخلاق الى سلوك منحرف، وتتحول الأيديولوجيا المثالية التي تطلق من بطون الكتب الى اختبارات ميدانية فاشلة وشعارات واهية،كما يتصورها “ماكيافيلي”على القائد السياسي أن يستخدم كل الوسائل للتغلب على خصومه وبلوغ غايته، وعليه أن يعرف كيف يخضع الناس لسلطته بالقانون والقوة معا “ولهذا اعتقد العدد الكبير بهذه المقول ويعمل عليها ، أن اجتماع الأخلاق بالسياسة اليوم لا يتجاوز على مستوى الصياغة اللغوية فقط، وفي الواقع يرفض الساسة بعضهما البعض، بل يصلون الى درجة التنافر والتضاد. وإن كان هناك تأثير فهو للسياسة على أخلاق عند ممارسيها، وهذا تصور تصدقه ممارسات الكثير من السياسيين الذين كانوا يجعلون من الأخلاق مرتكزا لتعاملاتهم أو كانوا يتظاهرون بذلك وخاصة المعارضة العراقية عندما كانوا في المهجر ، فلما فتحت لهم السياسة أبوابها تكالبوا عليها فكانت تلك بداية لسياسة لا مكان فيها للأخلاق والقيم، حيث يصبح كل شيء مبررا ومستباحا لهم ،و

قد يتحجج السياسي فيها بتحقيق مصلحته أو دفع مضرة، لكنها فقط تبريرات تقوم عليها الممارسة السياسية وخصوصا في عالم الحاضر ليسهل استقطاب كل من يتصور أن الأخلاق والسياسة قد لا يجتمعان لمصلحة واحدة ،ولعل ذلك، احد أسباب انحسار الثقة بالسياسيين في الكثير من الاحيان و يطلق انيس منصور عليها “السياسة هي فن السفالة الأنيقة”، و أصبح واضحا ان الممارسة السياسية أصبحت غير مقيّدة بمبادئ اعتبارية، وان اقطابها ينقصهم الصدق الشخصي، والمهني على حد سواء وزيادة الغلوا والنفاق والمرائية وكل من يصل الى سدة الحكم، يعتمد على اساليب غير لائقة لمهاجمة المعارضين، وبشكل منتظم.

ويعتقد البعض منهم ان السياسة تستدعي التخلي عن القيم الاخلاقية واللجوء الى وسائل واساليب تتحرر من روابط القيم الاخلاقية لكون الاخلاق والسياسة بالنسبة لهم مفهومان متناقظان ولاعلاقة بينهما ،وحقيقة الأمر أنها ليست سوى أحابيل لالتهام المال العام القادم من دعم المسؤولين الذين يتم ضخهم في مؤسسات الدولة بالتقاسم للسلطة وياتيهم الدعم الحكومي أو من التمويل الخارجي في وقت غياب تام للمرجعية الأخلاقية السياسية؛ تلك المرجعية النبيلة التي توفر قيم التسامح والعدالة والمساواة وفصل السلطات ودولة القانون، كل ذلك تحت مظلة الدولة المدنية، التي لم يسمح بالخروج عن أخلاقها ومبادئها. ولكن شيئاً ما يحدث؛ فبينما يتم الوعد بالرخاء والأمان وتعزيز الوطنية الزائفة و يتم طرد العدالة والحريات و فقدان الاستقرار وإثارة النزاعات والحروب والصدامات على خلفيّة فكر إقصائيّ متعصّب عدائيّ النزعة تحريضيّ الخطاب وهي جزء من أزمة السياسة البعيدة عن الاخلاقية.

الأقوياء اليوم ما زالوا عند نواياهم وأعمالهم وسلوكهم، يمارسون القهر والظلم والقتل والإجرام، لكن بشعارات تختلف عن شعارات الديكتاتوريين والمستبدين، ووجدوا في الديمقراطية شكلاً من أشكال العمل للوصول للأهداف نفسها في الطرد والتشريد لخصومهم ، على الرغم من كونها تحمل بالظاهر والشكل، الأهداف التي يسعى إليها الضعفاء والفقراء المحكومين لذلك الصراع بين الفكر السياسي والفكر الاخلاقي و يتمثل في الصراع بين الوسيلة والغاية فتحقق الاستقرار المتمثل في تاسيس الدولة يعتبر مكسبا هاما الى المجتمع ولا يمكن ان تكون كذلك بل مجرد وسيلة لتحقيق العدالة والامن والطمانينة داخل المجتمع وبذلك يتضح ان الدولة هي مجرد وسيلة لهذه المعاني الاخلاقية وتشارك السياسة الملتزمة في ابطال الافكار والتصورات المتمثلة في النفاق بين مختلف المجتمعات للسيطرة والتوسع الذي طالما فرق الشعوب ، يبقى العدل هو الهدف الرئيسي الذي وضعته الشرائع السماوية والنظم السياسية، وأي ابتعاد عنها خطأ يجب عدم السماح به. والسياسي الحاكم عليه ان يلزم بالاخلاق قبل كل شي لادارة الدولة او المنصب وكما يقول ابن خلدون” على القائد السياسي أن يكون القدوة للآخرين، بأن يحترم الأخلاق الفاضلة ويدافع عن الحق، وعليه أن يتعامل بحكمة واعتدال مع غيره ، للمرور نحو تقويض المصالح والذهنيات والممارسات المؤسسة لاستبداد الفساد والتحكم والإخضاع “، وللدفع باتجاه القيم المؤسساتية التغييرية نحو الديمقراطية الحقيقية الشفافة المنشدة للمساواة والحرية والتنمية والعدالة الاجتماعية وهو مطلب جماهيري ضاغط الاعتبار للقيم النبيلة للفعل السياسي كآلية لخلق الادارة الصحيحة للمجتمع.