أعترف نائب الرئيس الامريكي جو بايدن بفشل سياسات واشنطن في العراق، محملا ادارة بوش مسؤولية ما جرى، خاصة بقرارها حل المؤسسات الحكومية وفي مقدمتها الجيش، :ان المسؤول الأمريكي يقر من حيث لا يعلن أن بلاده قد نجحت في تحويل العراق و مستقبل أهلة الى وسيلة ايضاح للفشل ونتائجه، التي تتعادى الخسائر المادية، بعد أن وصلت الى تخريب الأسس التحتية للعراق في كل الميادين!!
يعترف بايدن ان بلاده أقترفت خطأ جسيما في العراق، دون أن يتوقف منحنيا أمام مئات الالاف العوائل التي فقدت رب الأسرة و الأبن والأخ والأم و الحفيد ، بسبب عنجهية قوة مارستها واشنطن بلا حياء ضد شعب العراق، وضعتهم جميعا في خانة الأعداء وحكمت عليهم على أساس ذلك، اعدامات بالجملة وضحايا لم تكشف أعدادهم ولن يحصل ذلك طالما حارس الملفات ما زال ” مستمعا جيدا” لنصائح واشنطن ودورس معلميها الفاشلين في معرفة خصوصية العراقيين.
يعترف صاحب الجرم بمسؤوليته، ويتحدث بلا خوف من ملاحقات قضائية، وكأن الضحية ليس مستقبل شعب تتنازعه اليوم كل المخاطر والأمراض، التي زرعتها أمريكيا من مخلفات الأسلحة والمحاصصات وعناوين القتل الجماعي، التي كان ليندي لها لو بقي في عالمنا جبين للانسانية، نقول مسؤول أمريكي يدين سياسات بلاده في العراق، محملا ادارة بوش المسؤولية، وهو هروب لا قيمة له، فنحن نعرف أن أمريكا دولة مؤسسات وليست ميدانا للمزاجيات والقرارات الفردية، وعليه فان الذي يجب محاكته دوليا هي لولايات المتحدة الأمريكية لوحدها، فهي التي خططت ونفذت وقتلت ونهبت وخربت!!وعكس ذلك هو الضحك على الذقون!!
كيف سنفسر لطفل أن والده استشهد بسلاح أمريكي يحمله عسكري متغطرس بكل عناوين الفشل والحقد والجريمة، و ماذا سنقول لأم انشطر قلبها الى نصفين بصاروخ عن بعد أو قذيفة همر مسعورة، ومن الذي سيجمع أشلاء المفقودين ومتى؟؟ ولماذا يحصل كل ذلك ليأتي بايدن ويقول ببساطة ” لقد أخطأنا”، متجاهلا عن سوء ظن أو لا خوف ردود أفعال الملايين ، الذين وجدوا أنفسهم ايتام وضحايا الى أمد غير معلوم، بحكم سياسة “عدم التسامح” التي أرست واشنطن أسسها في العراق، ومع ذلك تتحفنا بخرافة ” ديمقراطية العراق الجديد”.
لقد أجرمت واشنطن بحق العراقيين و ارتكبت كل خروقات القانون الدولي، التي تدعي الالتزام به والدفاع عن مبادئه، ما يكشف عن مغالطات لا يجوز ” مسحها” بظهر بوش و ادارته، مثلما أن التفنن في قول نصف الحقيقة هو استهزاء مرفوض بدم الضحايا و مستقبل عوائل مفقود، شعوب تذبح وخيرات تنهب ودمار لا يعرف الحدود، والسبب واشنطن أخطأت وبوش استعجل، منطق يمثل شريعة الغاب بكل معنى الكلمة!!
ونحن هنا لا نغفل بكل تأكيد مواقف أمريكية راضة دستوريا وانسانيا لكل الخروقات في العراق، لكن هذا لا يغني عن جوع طالما أن مسؤولا كبيرا في ادارة بوش لم يخضع لملاحقات قضائية، وكأن القصة قد انتهت، وطي اخفاقات الماضي رغم أن قوافل ضحاياها تتواصل وربما ستزداد وتيرة ، طالما أن واشنطن تضع رجلا هنا وأخرى هناك، تكت أخطاءها في العراق لكي يتحملها شعب لم يرتكب ذنيا ولم يكن له لا ناقة ولا جمل من كل الذي حصل، ذبحته مزاجيات بوش و ادارته ولم يجد لحد اليوم الذي ينصفه.
الأمريكيون يعترفون بفشلهم وسوء تقديرهم، والمسؤولون في العراق يضعونهم في حدقات العيون، يسمعون منهم ويصغون وينفذون ، وكأنهم يعترفون لهم بكل ما وصلوا اليه، فيما كان من المنتظر فتح ملف التجاوزات الأمريكية، بلا خوف من تحالفات الأمس، فالعراق سيبقى أكبر من نفوس المهزومين ليل نهار، وسيبقة عمود الاستقرار في المنطقة، ولن يكون لاعبا ثانويا حتى في أصعب الظروف، وشعب العراق يستحق حياة كريمة تليق به بما خصه الله من عناوين شرف وكبرياء عظيمة، تترفع عن مزاجيات الصدمة، التي أطرت سياسات واشنطن في العراق منذ 2003 الى اليوم، حان وقت محاسبة كل المسؤولين عن مجزرة العراق بسلاح ديمقراطية واشنطن على الورق، عندما تحضر مصالحها قبل ما تعلنه من مباديء!!
اذا أعترف بايدن بالفشل على استحياء، فمتى ننتظر من مسؤولين التخلي عن نصف الخطوة ونصف الحقيقة، وكأنهم يجهلون أن للعالم أذان كبيرة تسمع و أيادي لم تعجز عن الكتابة بعد، يجب محاكمة بوش من خلال معاقبة واشنطن على حماقاتها في العراق!!أنا أحب بساطة الأمريكيين، وأمقت حد العظم عنجهية صناع القرار في بلدهم!!و كأنهم لوحدهم أذكيار ويجيدون موازنة الأمور ويقرأون الممحي ، بينما اعتراف بايدن له معنى أخر!! العراقيون لا يعنيهم فشل ادارة أمريكية سابقة بقدر قلقهم من مجاملة حكومتهم لهذا الفشل الدموي، بل واعتباره تجربة ناضجة رسمت ملامح ديمقراطية على رمال عراقية متحركة!!
رئيس تحرير ” الفرات اليوم”
[email protected]