18 ديسمبر، 2024 8:10 م

فشلت تجربة اول جامعة في العراق .. نجحت في مصر … البحث في أهم الاسباب

فشلت تجربة اول جامعة في العراق .. نجحت في مصر … البحث في أهم الاسباب

أولاً: هذه السطور نكتبها … الى من (يريد وطن) … والى من يؤلمه و يحزنه أن العراق لم يشهد نهضة كالتي شهدتها دول اخرى لاتمتلك مايمتلكه … والى من يبحث في الضمير الاجتماعي العام في العراق كما بحث د. أحمد عكاشة في الضمير الاجتماعي العام في مصر.

ثانياً: تمهيد : (يصعب – ويستحيل – أن يوجد مؤلف بدون فوات في المنهج، إن لم يكن في العلم … وهنا وجب عليك خدمة للمؤلِف والمؤلَف والقارئ … والعلم والحقيقة، أن تنبه الى ما تعثر عليه – او له – وتصحح ما أمكنك التصحيح) … وضعت هذا القول، وهو للمفكر العلامة علي جواد الطاهر، أمام العين عندما تصفحت كتاب (جامعة أل البيت 1924 – 1930) ط1/2012 لمؤلفه د. سيار الجميل … عثرت على عدد من (قضايا) في الكتاب، فوجب التنبيه لها خدمة للاطراف المعنية والعلم والحقيقة … اخترت الحوارالمباشر مع المؤلف برسالة نصها في ادناه … جاء الرد سريعاً برسالة نصها في ادناه … استحق عليها الثناء والشكر والتقدير … سرني ذلك كثيراً وغمرني بمشاعر الرضا … عزمت على مواصلىة الحوار في (قضايا) اخرى كنت قد عثرت عليها في الكتاب برسالة ثانية مذيلة باسمي استجابه لرغبته … لم يصلني منه رد … واصلت المتابعة … تولدت عندي قناعة بأن لا جدوى من المضي في المتابعة … احتفظت له بالتقدير دون سوء ظن … إذن … لتكن شبكة المعلومات وسيلة بديلة للقيام بواجب خدمة الاطراف المستفيدة والعلم والحقيقة … ولعل في ذلك شيء من نفع وفرصة للمشاركة في قراءة تاريخية لفشل مشروع يُعد من أهم المشاريع المستقبلية الخطيرة و (البحث في اسباب الفشل وهو الاهم) وبما يحقق الغاية من تناوله كحدث له دلالاته العميقة لفهم الحاضر ومايجري ولاستشراف المستقبل

ثالثاُ: رسالتي اليه : الاستاذ الدكتور سيار الجميل … تحية وتقدير … اذا قلنا بما جاء في الصفحة 235 من كتاب جامعة آل البيت من أن (امكانات مصر المالية لايمكن أن تقارن بأوضاع العراق) فكأننا لم نقرأ تاريخ انشاء جامعة القاهرة وكيف كانت (الشخصية المصرية) هي الاساس الاهم في نجاح قادة العمل الوطني في حملتهم للتنديد بمعارضة سلطة الاحتلال الانكليزي للمشروع ومنهم القائد الوطني مصطفى كامل الذي أعلن عن الاكتتاب العام للمشروع وفتحه بمبلغ خمسمائة جنية وتبرعت الاميرة فاطمة بقطعة ارض ومصوغات ذهبية وتبرع الاقباط وسعد زغلول ومختلف الطبقات … (الشخصية المصرية) هي التي كانت وراء نجاح المشروع وليس (امكانات مصر المالية) وبعكسه كانت (الشخصية العراقية) بعيوبها العضال المعروفة هي السبب الاهم من اسباب الفشل … مع الامنيات بالتوفيق الدائم).

رابعاً: وجاء الرد: (تحياتي ومودتي … شكراً جزيلاً على ملاحظتكم الدقيقة … وكنت أود لو ذيلتم رسالتكم الكريمة بأسمكم الكريم إذ يسعدني ذلك جداً لكي أعرف من أخاطب … إني قصدت بالجامعة المصرية ليس الاهلية التي اسسها الوطنيون الاوائل لكن الجامعة المصرية التي صدرت ارادة ملكية بتأسيسها عام 1925 علماً بأن كليات مصر الاولى كانت في تخصصات عدة كانت قد تأسست منذ عهد علي باشا أي منذ العقود الزمنية الاولى في القرن التاسع عشر … لقد تزامن تأسيس الجامعة المصرية مع تأسيس آل البيت، ولكن شتان بين التأسيسين الاثنين في كل من البلدين، واذا كنت قد أكدت على عامل معين، فليس معنى ذلك أن ليس هناك عوامل اخرى في نجاح تجربة المصريين وفشل تجربة العراقيين، ولعل ماذكرت واحد من أهم العوامل التي أدركها جيداً … بورك لكم وتمنياتي لو عرفت من تكون أيها الاخ الكريم وتقبلوا أسمى الامنيات … سيار الجميل

خامساً: الكلام اليقين : ولمزيد من البحث والاقتراب من الحقيقة، نجد أن المفكر و العلامة فهمي المدرس أمين عام (رئيس) جامعة آل البيت، في بيان له في كانون الثاني 1930 (أي قبل نحو ثلاثة أشهر فقط من قرار غلق الجامعة). قد تحدث عن جانب من تاريخ الجامعة في مصر وكيف تأسست بأموال المصريين عام 1908 حين كان الوضع أشبه ما يكون بالوضع في مطلع تأسيس الدولة في العراق (وحدث في سبيلها ماحدث لجامعة آل البيت من عوارض حملت المصريين أن يتولوا أمرها بأنفسهم) …

الزعيم مصطفى كامل أعلن فكرة الجامعة في عام 1906 بكلمة قال فيها (ولاعتقادي بأن كل منا ديناً لوطنه يجب وفاؤه وعدم المطل فيه بادرت للاكتتاب بخمسمائة جنيه فرنجي) … تبرعت الاميرة (فاطمة) احدى كريمات الخديوي اسماعيل بكمية من أنفس الجواهر بيعت في اوربا ومصر باثنين وعشرين ألف جنيه وقطعتي ارض وثنى بالاكتتاب الزعيم سعد زغلول واقتفى أثرها آخرون منهم ممثل الاقباط الارثوذكس بألف جنيه وحسن باشازايد بمبالغ مالية ووقف على الجامعة بقطعة أرض مساحتها ألف فدان … ويمضي فهمي المدرس في بيانه معاتباً، و داعياً لتعضيد جامعة آل البيت قائلاً ( … فقد عزمت ان أخدمها – الجامعة – بدون راتب اذا كانت ملتزمة لدى الحكومة واذا كان الشعب العراقي يعضد جامعة آل البيت كما عضد جامعته الشعب المصري من الامير والاميرة الى العامل والفلاح) … وفي هذا السياق، نجد أن شبكه المعلومات تتحدث عن وقائع تأسيس الجامعة في مصر وبما يتفق مع ماذكرناه وكيف تحولت الجامعة الاهلية الى جامعة رسمية عام 1925 أي بعد 17 عام من نجاح تأسيسها كجامعة أهلية ليصبح الحدث رمزاً للارادة الوطنية والتحدي والايمان بالقضية الوطنية.

سادساً: طبيعة الصراع في العراق : وكان د. سيار الجميل قد وصف واحداً من عيوب الضمير الاجتماعي العام في العراق عندما تناول في كتابه تحليل عوامل فشل مشروع الجامعة بقوله (ان الصراع الذهني في المجتمع العراقي كثيراُ مايشبه صراعاً بين بلهاء واذكياء ويكون الفوز دائماً للبلهاء … أو كثيراً مايشبه الصراع بين عقلاء ومجانين ويكون الفوز دائماً للمجانين ويا للاسف) … وذلك قول يدعونا للتساؤل عن (نخبه أو صفوة المجتمع) في ذلك العصر من أهل الفكر او السياسة والادب ومن الشيوخ والاعيان والنواب ورجال الفكر الديني وماذا كان دورهم في تعضيد الجامعة؟!

سابعاً: أما ما عثرنا عليها من (قضايا) اخرى في الكتاب فسنأتي عليها لاحقاً.