23 ديسمبر، 2024 4:46 ص

فساد عظيم سيُغيّر وجه العراق

فساد عظيم سيُغيّر وجه العراق

فساد عظيم و إنفلات للأمور و عدم إستقرار الأوضاع بشكل غير مسبوق سيُغيير وجه العراق!
بعد سقوط صدام 2003م هبّ الناس كردّ فعل على الضغوط و التعذيب الذي لاقاه من أجهزة صدام الوحشية المتنوعة, فسرقوا ما كان يصادفهم في آلدّوائر وآلوزارات و كان هذا ردّ فعل طبيعي من شعب ذاق العذاب و الجور لنصف قرن على يد أجهل وأقسى نظام في التأريخ .. وحين دخلت بغداد بعد غربة دامت ربع قرن رأيت بغداد هي نفسها بل أسوء من كل ناحية, و كنت أقول لمن أصادفه من الأخوة و الأصدقاء؛ [ هذا الذي ترونه بسبب جهل وفساد الحاكم وأنتم أغنى دولة في العالم و هذه الحاجات المسروقة بسيطة جدا لا قيمة لها ولا تغنيكم .. وستكونوا عما قريب من أغنى شعوب العالم, لكن المشكلة الوحيدة التي ستُحطم العراق هي فساد الحاكم لو حدث, و عليكم الدقة و التأني ألف مرة قبل الأنتخاب].
لم يكن كلامنا هذا كما (فلسفتنا الكونية) مُجرّد نثر أدبي أو كلام صحف و مواقع خبرية أو دروس جامعية أو تحليلية لنقل الوقائع و التعليق عليها أو تكرار المكرّرات و كما هو حال معظم صحفنا و مواقعنا ليضيفوا جبالاً من التراكمات و المكررات إلى التراكم التأريخي و السياسي و حتى الأدبي؛ بل كلامنا هو حكمٌ و بيانات للمستقبل بشفافية عالية و كشف للمستور واللامرئي و لو بعد عقود, و هذا هو موقف و حقيقة المفكر الحقيقيّ ناهيك عن (الفيلسوف) الذي حين يُقرّر أو يقول أو يفعل و يُطبق الحكم؛ يكون كلامه بمثابة السند الكوني الذي يُعتمد كمفاتيح لرسم و بناء مستقبل ليس بلد صغير كآلعراق .. بل كل العالم.
و قد يتذكر كل الذين كنت أصادفهم و أكرّر عليهم كلامي ذاك عن مستقبل العراق, و هكذا للأسف كان ما كان .. حيث سرقوا العراق بلا رحمة و ضمير ثم إنسحبوا كآلحيتان ليركنوا للأبد, حيث لم يبق منهم سوى بعدد الأصابع, خصوصا بعد ما قال الشعب لهم كلمته التأريخية (لا) عبر آخر إنتخابات لم يشارك فيها إلا أقل من 20% من الشعب, و في المرة القادمة سيتكرر الأمر .. و سينتخبون الأصلح الذي قد يظهر, حيث لا يوجد الآن شريف وصادق صالح من بين الحاكمين, لأن الجميع سرقوا.
إلفساد اليوم لم يعد محصوراً بدائرة الحاكمين لنهب ألأموال و التحويلات .. بل ألحكومة العراقية بدأت تفتح ذراعيها للقتلة والمجرمين و فدائي صدام .. وأكثر من ذلك تُكرم الدواعش وعوائلهم و تنقلهم تُعطيمه الجنسيّة العراقيّة و رواتب تقاعدية لأعالتهم!

في الوقت الذي لا يزال هناك آلاف العوائل العراقية التي تمّ تسفيرها لأيران إبان حكم البعث الجاهل الغاشم لحقهم 5 ملايين مهاجر عراقي يعيشون خارج العراق في أوضاع محزنة يضاف لهم مئات الآلاف من النازحين من مدنهم بسب الأرهاب؛ و لا زال أبنائهم و أحفادهم لا يملكون أيّة جنسية .. لا إيرانية ولا عراقية و لا غيرها؛ مع هذا نرى الحكومة العراقية وبتوافق و رضا الأحزاب المتحاصصة على لقمة الحرام و إرضاءاً للأسياد يُخططون لأعطاء الجنسية لأبناء داعش و أحفادهم الذين ولدوا بآلحرام خلال الأعوام التي إحتلت فيها داعش المدن العراقية بعد ما تمّ إدخال من تبقى منهم للعراق عن طريق سوريا مؤخراً .. إلى جانب إطلاق سراح جميع الدواعش تقريباً من قبل سلطات المحافظات من سجون الرمادي و تكريت و الموصل و حتى بغداد و توابعها, بعد وساطات و ضغوط من أمريكا و حلفائها على مسؤولي تلك المحافظات التائهة!

إن هذا الظلم المُنظم و آلقانوني العظيم يسبب الفوضى و اللاأمن و آللاإستقرار وإستمرار الفساد .. يضاف لذلك تطعيم العراق بآلدّواعش و أبنائهم و نسائهم الذين تزوجوا و ولدوا من أولاد الزنا, هذا بعد ما تلطخت أياديهم بدماء الأبرياء و إمتلأت بطونهم بالمال الحرام من قوت الفقراء الذين تم تهجيرهم و تشريدهم .. كل هذا لأجل بقاء حكومة المحاصصة للمزيد من التدمير و التخريب و النهب بغطاء القانون و الديمقراطية ..

لقد مات القلب في وجود العراقيّ .. بل مُسخَ ولم يبق منه سوى جسداً خواراً يتجوّل و يتلوّن مع كل حزب وطائفة بحسب الظروف لأجل لقمة بآلحلال أو الحرام أينما وجد .. لا فرق .. خصوصا بعد ما شهدوا بأنّ الفساد و نهب الأموال من قبل الحاكم و المسؤول يعتبر مشروعا و قانوناً و جهاداً و توفيقاً و نعمة من اللـــ…….!

فماذا سيكون عليه مستقبل العراق خصوصا الأجتماعي و التربوي بسبب هذه السياسات!؟

أين المرجعية؟ أين حقوق الأنسان؟ أين العدالة ؟ لا .. بل أين عقولكم يا أهل العراق و الأمة؟

علة العلل في كل هذا الفساد و إنقلاب الموازيين؛ هي الثقافة العراقية التي سادت بعدما تجّمعت خلال العقود بظل البعث الذي فسح المجال أمام “الأدباء” و “آلشعراء” و “الروايات” و “الأفلام المصرية” ثم “التركية” ليزقّوهم بآلفوضى و الهذيان و الطنين و التزويقات اللفظية التي جميعها أفسدت العقول مع القلوب حتى أصبح العراقي بسبب تلك الأدبيات و الثقافة السطحية الفاسدة؛ لا يُفرّق بين الحقّ و الباطل ؛ بين الجمال و القبح ؛ بين الصالح و الطالح ؛ بين الأبيض و الأسود , لكنه تعلّم وأتقن شيئا واحداً كهدف مشترك بين الأدباء وآلشعراء و النقاذ, و هو:

[كيف و مِن أين تُؤكل (الكتف و الكباب و الشاورما) .. لملأ البطن حدّ التخمة لتفريغها فيما بعد خلسة في بطنٍ آخر ليولد داعشياً مُهجّناً للغاية للتفنن في أساليب المحاصصة و القنص و القتل و التجويع , و المشتكى لله], لذلك لا أمل في عراق لا يحكمه فيلسوف يستطيع تحديد المستقبل من بُعد ومن دون أخطاء مكررة ليسبب في النهاية فساد عظيم يغيير وجه العراق للأسوء.