23 ديسمبر، 2024 6:07 ص

فساد أخلاقي .. فساد سياسي

فساد أخلاقي .. فساد سياسي

ما فائدة أن نتعاون في تأليف كتب ومجلدات عن الطب والهندسة والذرة والتكنولوجيا وغيرها من العلوم العلمية والانسانية ، ونتحدث عن الادب والاخلاق والفضائل والقيم وكيف ننشرها بين افراد المجتمع ؟ وننتقد أبشع الممارسات البشعة الرافضة لكل معايير العقل والمنطق, ولأتوجد هنالك سلامة لعفة الضمير للمرء مع ذاته في التعامل مع الاخرين , فهو ذئب بهيأة بشر لكن المظهرهو من يستر عليه , وقد يستر عليه مرة ومرة لكنه لا يستطيع الصمود لعدة مرات , فلابد ان ينكشف النقاب ويرفع الستارعن الفاسد وقول الامام علي (ع) :(إذا كان الراعي ذئباً ، فالشاة من يحفظها ) فالفساد الأخلاقي هو الاب الذي ينجب انواع الفساد لأن المنظومة القيمية والخلقية للمجتمع وللعائلة وللأسرة عندما تهتز وتتعرض للخدش من خلال التلاقح بأفكار وثقافات وسلوكيات غير حميدة تغرس في نفس الطفل منذ صغره وتحول التعاطي والعمل بها كخيانة للمبادئ والمثل العليا بانها وسيلة مشروعة للوصول للمبتغى المراد منه , ولعل النظرية الميكافيلية الغاية تبرر الوسيلة اصبحت ثقافة مجتمعية لكثيرمن الناس دون النظرالى حقارة فعل الفساد المشين وما يسببه من اثار سلبية اولهما فقدان المواطن الثقة بالدولة عن طريق التشكيك بفعالية القوانين وقيم الامانة والنزاهة التي تسير عليها الدولة , يبدأ مثل هذا الفساد عادة عندما يُقدم الشخص على ارتكاب كل ما يُخالف الفضائل والمبادئ الدينية، والتقاليد والأخلاقيات وحتى القوانين، مُعلّلاً جميع تصرفاته بعبارة “من الذي يهتم؟ المجتمع بكامله فاسد من حولي .
للفساد أوجهه المتعددة؛ فهناك الفساد السياسيّ الذي قد يتفشّى في الأجهزة الحكومية،وهناك الفساد الإداري الذي قد يتفشّى في المؤسسات والإدارات العامة، لكن مما لاشكّ فيه، أن أسوأ أشكال الفساد هو الفساد الأخلاقي , قد يكون بالإمكان إصلاح الفساد الذي تفشّى في الأجهزة الحكومية؛ بأن يتم إجراء التعديلات في الأنظمة والدساتير, وقد يكون بالإمكان إصلاح الفساد في الإدارات العامة؛ بإجراء التغيرات، وبمساءلة وبمعاقبة المسيئين وبإبعاد عناصر الفساد عند دائرة العمل, لكن ليس من السهل جدًّا إصلاح الفساد الأخلاقي, لأنه الفساد الأخطر الذي من شأنه أن يُقوّض المجتمعات، فهو يُصيب النفوس أشبه بمرض عُضال قد يصعب على أمهر الأطباء معالجته والقضاء عليه،
أن الفساد السياسي ينتج مباشرة عندما يتحول النظام الاستبدادي والقمعي الى نظام ديمقراطي تكون هنالك فجوة تكمن بضعف هيبة الدولة وعدم قدرتها على بسط ارادتها قوتها على مؤسساتها والعاملين فيها فالفوضى التي تعم الوطن تضعه في خانة وخندق ضيق مابين مطرقة بناء الدولة ,وسندان الخراب الذي يخلفه النظام الدكتاتوري فعندما ينهار تنهار معه كل اركان الدولة لانه يختزل وجودها به , وهنالك الفساد الاداري الناتج لسبب هيكلي لوجود هياكل قديمة للاجهزة الادارية من لوائح وتعليمات لم تتغير على الرغم من التطور الكبير والتغير في طموحات الافراد وهذا له اثره في دفع العاملين الى اتخاذ مسالك وطرق تعمل تحت ستار الفساد بغية تجاوز محدوديات الهياكل القديمة وما ينشأ عنها .
أن المعالجة لهذه الظاهرة تبداْ من خلال التصالح مع الذات ومصارحة الضمير بالمسائل التي ارتكبت من قبل المرء لان الله لايغير انفس الناس حتى يغيروا ما في سلوكياتهم وانفسهم ، ثم يأخذ المنبر الديني دوره الصحيح والمؤثرفي المعالجة وتذكير افراد المجتمع بآثام ضرر الفساد لان جميع الاديان السماوية والحضارات كان لها موقفاً واضحاً وصريحاً لمرتكبيه كما وانها نبذة الفاعل به وحقرة من قيمته الانسانية، وتفعيل دور النصوص القانونية فالجميع متساوون امام القانون لكل من تثبت ادانته وتورطه في حالات الفساد (الرشوة ،الابتزاز،الاساءة في استخدام السلطة ) لا أن تدخل الصفقات والمزايدات في محاسبة المقصرين ويعفى شخص على حساب شخص اخر،كما وأن منظمات المجتمع المدني والاعلام مطالبين بنشر قيم النزاهة والارتقاء بالجانب الوقائي للمواطن والتعريف برموز الفساد وتعريتهم بهدف حصرهم وفرزهم عن المجتمع,فضلاً عن توفير العدالة الاجتماعية بين كافة طبقات المجتمع وزيادة دخل الفرد بما يتناسب مع القوة الشرائية فقلتها وعدم كفايتها في سد المعيشة يدفع المرء لأن يلجأ لوسائل عديدة للحصول على المال الكافي لسد كافة احتياجاته، وقول أبو ذر الغفاري رضوان الله عليه “إذا دخل الفقر قرية قال له الكفر: خذني معك”.أن وزارة التربية ومؤسساتها التربوية والتعليمية تقع عليها مهمة وطنية كبيرة في تغذية الاطفال بحب الوطن وروح الانتماء اليه ونبذ الثقافة الفوقية الضيقة واحترام الاخر ومن اي مكون دون المساس بأرثه الثقافي ومعتقداته وعاداته مع التأكيد على شرح دور النزاهة وعلى وجه الخصوص نزاهة الضمير والعقل والابتعاد عن الطرح المظلم والمضي بمشروع الاصلاح الاخلاقي للوصول لمجتمع فاضل ونقي .